الباحثة شذى خليل
في خطوة استراتيجية لتحصين المشهد المالي في العراق، ودعم القطاع المصرفي، شرعت الحكومة العراقية برئاسة محمد شياع السوداني، بسلسلة من المبادرات الرامية إلى تعزيز وتنويع القدرات المصرفية في البلاد.
ويتم التأكيد على التركيز على تعزيز القطاع المصرفي من خلال الاعتراف بأن وجود نظام مالي قوي ومرن أمر محوري للنمو الاقتصادي المستدام.
وكانت التدابير السابقة لتعزيز القطاع المصرفي مدفوعة في المقام الأول بضرورة تبسيط التحويلات الخارجية، والقضاء على التعقيدات المرتبطة بالعمليات التي تستغرق وقتا طويلا على المنصات القائمة. ومع ذلك، كشف أحد التقييمات أن الفوائد المستمدة من هذا النهج لم يتم توزيعها بشكل موحد بين البنوك الخمسة المعينة في البداية. ونشأت الفوارق بسبب مجموعة متنوعة من العوامل، بما في ذلك سياسات البنوك الفردية وأوجه القصور الإدارية في جذب العملاء والتجار.
وإدراكاً للحاجة إلى استراتيجية أكثر شمولاً وإنصافاً، بذلت الحكومة العراقية، جهداً شاملاً لتوسيع نطاق آلية تعزيز التوازن. والهدف هو الابتعاد عن التركيز على بنك واحد، وتوسيع نطاق الدعم لمجموعة أكثر تنوعًا من المؤسسات المالية. وفي الوقت نفسه، تم تنفيذ تدابير لتعزيز الأرصدة في العملات بخلاف الدولار الأميركي، بما يتماشى مع الطبيعة العالمية للتجارة الحديثة.
أحد الجوانب المحورية لهذه الاستراتيجية ينطوي على إنشاء بنوك جديدة وإدراج عملات إضافية.
ويهدف هذا النهج متعدد الأوجه إلى توسيع القنوات المتاحة للتجار والمستوردين، وتعزيز نظام بيئي مالي أكثر ديناميكية واستجابة. علاوة على ذلك، فهو يسعى إلى تنويع الكيانات والبلدان المستفيدة، من خلال دمج عملات الدول المحورية في العلاقات التجارية الواسعة للعراق، مثل الصين والإمارات والهند.
وقد تم اختيار خمسة بنوك جديدة بالغة الأهمية لهذه المبادرة بدقة شديدة، مع الأخذ في الاعتبار عوامل مختلفة. ومن بين هذه الاعتبارات، امتلاكهم لبنوك مراسلة معتمدة من الجانب الأميركي، مما يدل على التزامهم بالمعايير المالية الدولية. بالإضافة إلى ذلك، تم تقييم البنوك المختارة بناءً على أنشطتها التجارية السابقة والتزامها بالمعايير التي وضعها مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، مما يضمن وجود أساس سليم وموثوق لإدراجها في آلية تعزيز الرصيد.
وفي خطوة تهدف إلى تحسين كفاءة عمليات تعزيز التوازن للبنوك الجديدة، قام بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي مؤخراً بمراجعة اتفاقيته. وكانت الطريقة السابقة تتضمن خمسة بنوك مملوكة لبنوك مراسلة أميركية: بنك TBI، البنك الوطني، مصرف بغداد، مصرف المنصور، ومصرف أبو ظبي الإسلامي.
وعلى الرغم من فعالية النهج الأولي، إلا أنه واجه تحديات في التوزيع العادل للمنافع بين البنوك الخمسة. وقد نتج هذا التفاوت عن عوامل مختلفة، بما في ذلك سياسات البنوك الفردية، وفشل الإدارة في جذب العملاء والتجار.
ولمعالجة هذه المشكلات، تم بذل الجهود لزيادة عدد البنوك المشاركة في آلية تعزيز الرصيد. بالإضافة إلى ذلك، تم توسيع نطاق تعزيز التوازن ليشمل العملات غير الدولار الأميركي.
وبينما تهدف الآلية الجديدة إلى تخفيف الضغط على البنوك الخمسة الأولية، فمن الضروري النظر في العوامل الأخرى التي تؤثر على سعر الصرف في السوق الموازية.
إن التحديات مثل إجراءات التحويل المرهقة، والتحفظات من قبل البنوك (بما في ذلك الخمسة الأولى)، والقيود المفروضة على التعامل بالدولار مع بعض البلدان، والرسوم الجمركية المرتفعة على سلع معينة، والتجارة غير المشروعة، وعمليات التزييف باستخدام العملة العراقية، كلها عوامل تساهم في الديناميكيات المعقدة في التأثير على السوق الموازية.
ويبقى السؤال المحوري: هل ستؤدي هذه الإجراءات إلى خفض سعر الصرف في السوق الموازية؟
ولسوء الحظ، فإن الإجابة النهائية بعيدة المنال بسبب الطبيعة متعددة الأوجه للتحديات. وفي حين أن الآلية الجديدة قد تعالج المسائل الإجرائية والتحفظية، فإنها قد لا توفر حلاً كاملاً للعوامل المؤثرة الأخرى.
وينبغي أن تركز الجهود على تحسين آليات حساب معدلات التضخم الشهرية، وضمان الشفافية، وإعادة توجيه الاهتمام من سعر الصرف الموازي إلى العوامل الاقتصادية. وتشير أحدث بيانات وزارة التخطيط إلى وصول معدل التضخم إلى 3.7%، وهو رقم جدير بالثناء مقارنة بدول الجوار.
ختاما.. ومن أجل الحفاظ على هذا المعدل والتحقق من صحته، لا بد من تقديم التقارير بشفافية للجمهور، وتحويل التركيز نحو العوامل الاقتصادية، سيما معدلات التضخم الشهرية والسنوية. ومع تقدم الدولة في هذه الإجراءات، نأمل أن تساهم في خلق بيئة اقتصادية أكثر استقرارًا، بما يعود بالنفع على البنوك والمواطنين على حدٍ سواء.