مجموعة العشرين وبريكس … تنافس دولي على ارضية هشة

مجموعة العشرين وبريكس … تنافس دولي على ارضية هشة

في البداية، الموضوع له علاقة بالتركيبة العالمية للتحالفات العالمية ودلالاتها على مستقبل الشعوب، سنتكلم عن مجموعة العشرين كتكتل دولي تأسس أواخر القرن العشرين في مدينة برلين الألمانية من أجل مواجهة الأزمات المالية التي تهدد الاستقرار الاقتصادي والمالي العالمي، خاصة بعد الأزمة المالية التي عصفت بجنوب شرق آسيا وأزمة المكسيك، أحد أبرز الموضوعات الرئيسية لقمة هذا العام التنمية المستدامة، ولكن التركيز هو مناقشة الصراع الدائر في أوكرانيا بشكل كبير، فضلا عن تقليص سوء استخدام المال العام والتعامل مع الأزمات المالية وشفافية المال العام.

 

كان البارز في فلسفة مجموعة العشرين منذ النشأة الأولى هو التصدي لدعم الإرهاب في العالم، هذه الشماعة التي علقت عليها مجموعة العشرين ما يجري في العالم اليوم من قتل وتدمير، في المحصلة النهائية هذا النهج يخدم أمريكا لكي تبقى قواعدها في اغلب دول العالم وخاصة الشرق الأوسط.
لقد نجحت الولايات المتحدة الأمريكية في صياغة مفهوم للإرهاب ليتوافق مع نظرتها هي، ويتساوق هذا المفهوم حسب ما تريد بعدما سكته في غرفها المظلمة.

 

غياب الرئيس الصيني شي جين بينغ عن قمة نيودلهي للغياب دلالته يأتي ذلك في وقت رفضت فيه الصين وروسيا مناقشة قضية أوكرانيا، مما قد يهدد وضع المجموعة، كما أنه يعتبر ضربة صينية مزدوجة للمنتدى بحد ذاته كواجهة للقيادة العالمية، وللهند كدولة مستضيفة.

 

سؤال محوري هل غياب الصين عن اجتماع نيودلهي يؤثر على السياسة العامة الذي أنشئت من أجله المجموعة؟

 

هذه المرة التي يغيب فيها الرئيس الصيني عن قمة العشرين منذ توليه السلطة عام 2012، ربما يدفع هذا الغياب لتفرد الولايات المتحدة الأمريكية في العالم بشكل أكبر، كما لهذا الغياب ما يبرره، وهو حياد الدول حسب مبدأ جيمس مونرو بالإشارة إلى دعم الغرب لأوكرانيا، كما يبقى الصراع على حكم العالم هو الدافع الأبرز، فرغم عدم حضور الرئيسين الصيني والروسي وما يحمل عدم حضورهما من رسائل فثمة توجس لديهما من التقارب الهندي الأمريكي.

 

تباين الرؤى بين الدول العظمى والتقارب بين واشنطن والهند هذا بحد ذاته كان الصخرة التي تحطم عليها مخرجات الاجتماع وحال دون الخروج ببيان مشترك يخدم الاقتصاد الكلي لدول العالم قاطبة، وهذا ما خيب آمال الهند في الوقت نفسه ، فالنمو الاقتصادي بحاجة إلى تحالف وليس لتكتلات متناقضة في الأهداف والاستراتيجيات، فالهروب إلى الأمام من القوى الغربية وعلى رأسهم أمريكا أكثر ضررا على اقتصاد العالم.

 

وما تركته الولايات المتحدة الأمريكية من تركة أضرت بسمعتها حول العالم انعكس بشكل واضح على اجتماع العالم على كلمة سواء، صحيح الولايات المتحدة هي من تقود العالم اليوم، وتحشر أنفها في كل صغيرة وكبيرة لما لهذا التطفل من مردود سلبي عليها، وهي تحاول قدر الإمكان أن تسوق نفسها وكأنها حمل الوديع.

 

القطب الواحد

 

العالم بأسره ما زال محكوما بهيمنة القطب الواحد، فرغم خروج بعض الدول مثل روسيا والصين وبعض الدول الصغيرة التي تدور في فلكيهما على الولايات المتحدة فهذا لا يفسر انتهاء أمريكا، لكنه مؤشر خطير لها.

 

نخلص أن قمة العشرين التي عقدت في الهند لم يتعد سقف نتائج اجتماعها زيادة دعم أوكرانيا، ومد الحرب مدة أطول لإضعاف روسيا، ومحاربة الإرهاب الذي يتعارض مع سياسات أمريكا في المنطقة.

 

وأما السياسة المالية الحالية تخدم أمريكا ما دام الدولار سيد العملة الصعبة، فالهند الدولة المستضيفة لا حول لها ولا قوة، دولة صاعدة لا شك ما زالت تحت جناح أمريكا، فقرارات نيودلهي هي قرارات أمريكية صرفة، وهي تحشد أي أمريكا مزيد من المساعدة والعون لأوكرانيا.

 

التكتلات السياسية العالمية

 

المشكلة أن القيادات الغربية لم تتحدث عن اختلافات بين التكتلات السياسية العالمية كما نشهد اليوم، فنحن أمام سياسة عالمية بقطبين مختلفين، مجموعة العشرين من شأنها التقليل من حجم مجموعة بريكس المنافسة، كما تروم روسيا والصين لاستخدام بريكس لكبح جماح هيمنة الغرب على المؤسسات العالمية والنفوذ الدولي من خلال توفير بديل لمجموعة السبع، ثمة تحديات تواجه مجموعة البريكس التباين في العلاقات الدولية وغياب التجانس في المواقف إزاء القوى الغربية الكبرى.

 

هذا المنحنى الخطير في التنافس السلبي بين الدول الكبرى هو توصيف للوضع الراهن، فالذئاب المقاتلة على خيرات العالم مزعزعة لاستقرار العالم بالتأكيد، تقف على أرضية رخوة، مصيرها الهلاك في ظل الغطرسة وتحكيم منطق القوة والتلويح بالرد العسكري.

 

غير الجديد في هذا اللقاء العشريني هو غياب العرب الدائم عن مثل هذه القمم، سوى السعودية، ومصر والإمارات وسلطنة عُمان، لكن تبقى الدول العربية تحاول قدر المستطاع الخروج إلى حيز الوجود، وتحاول أن تتموضع على خريطة العالم، من خلال ما يخرجه باطن الأرض من ثروات، واستراتيجيا فهي البوابة لآسيا بلا شك، وهذا ما دفع الدول الكبرى منذ فجر التاريخ لغزوها، نحن أمام حالة تستحق الرصد، لا سيما، مع تزايد الدور العربي في بعض المجالات التجارية والاقتصادية، وكان الدور الأكبر الذي حلق في فضاء العالم نجاح المونديال الرياضي في قطر وما حققه من نتائج سياسية واقتصادية، وأهم شيء الجانب الأمني الذي تغنى به العالم.

 

ما يثلج الصدر طموح بعض الدول العربية الظهور كقطب مواز في الاقتصاد والتجارة العالمية، وهذا يعتمد على الاستفادة من تجارب العالم.

Related Posts