مبادرة بايدن سياسية اكثر مما هي اقتصادية

مبادرة بايدن سياسية اكثر مما هي اقتصادية

عبد الزهرة مطر الكعبي

 

اعلن الرئيس الاميركي بايدن عشية انعقاد قمة العشرين في نيودلهي عاصمة الهند مشروع الممر الاقتصادي التجاري الذي سيربط الهند بأوربا بحريا ثم بريا عبر الأراضي السعودية حتى سواحل (أسرائيل) على البحر الابيض ثم بحريا الى جنوب اوربا بطول كلي مقداره 8600 كيلومتر ( 2135 كم بحريا من الهند حتى السواحل السعودية ثم 4950 كم بريا حتى السواحل (ألأسرائيلية) ثم بحريا بطول 1600 كم حتى الجنوب اليوناني) ، وقد احدث هذا المشروع جدلا في المنطقة وخصوصا في العراق ، بين مؤيدي طريق الحرير ومؤيدي طريق التنمية الحكومي وربما انعش آمال الاخير لتقارب مفاهيم مشروع بايدن من مبررات طريق التنمية كخط تجاري يربط الجنوب بالشمال .

 

لكن واقع الحال ، ان مشروع السيد بايدن ذا صبغة سياسية اكثر مما هو اقتصادي ، وهو اقل حبكة من مبادرة الحزام والطريق الصينية رغم اني اجزم ان المبادرتين هما تعبير عن حدة الصراع بين القطبين الاميركي والصيني اكثر مما هما مشاريع اقتصادية ، مبادرة الحزام والطريق اعتمدت مسارين الاول منفصلين ، الاول بحري يربط الصين بالقارات التي ليس فيها امكانية للربط البري ، والاخر بري عماده الربط السككي

 

قبل اعلانه رسميا ، ذكرت صحيفة يديعوت أحرونوت في 7/7/2023 ذكرت من أن “القدس” وواشنطن تقدما بخطة سرية لربط طريق بري متواصل بين الإمارات والسعودية والأردن وإسرائيل، يتجه من الخليج مباشرة إلى موانئ إسرائيل. وعرضت وزارة الخارجية الإسرائيلية الخطة على المبعوث الأمريكي الخاص عاموس هوكشتاين. وحسب موظفين كبار في إسرائيل، تحمس الأمريكيون للخطة وبدأوا يدفعونها قدماً مع الدول ذات الصلة وهي الإمارات والسعودية والأردن. وذكرت الصحيفة انه جزء من اتفاق إلأبراهيمي، وانه سيحسن من صورة أسرائيل، أي ان الفكرة ولدت في أسرائيل التي تتفاوض منذ امد ليس بالقريب مع السعودية لغرض التطبيع وهذا المشروع هو احد محفزات التسريع وهذا ما اكده نتنياهو في اجتماعات الامم المتحدة الحالية من إن توقيع اتفاق سلام مع السعودية سيغير خارطة الشرق الأوسط برمتها.

 

كما ان السيد بايدن بحاجة الى منجز يؤهله لخوض انتخابات 2024، بعد أداء متعثر وتهديد الجمهوريين بعزله ، ربما التطبيع بين السعودية وأسرائيل ينعش آماله في حملته الانتخابية ، أما من الناحية العملياتية وكطريق نقل تجاري ، سوف لن تكون له جدوى اقتصداية كما صورها ألأعلام الذي رافق اعلانها ، للأسباب التالية

 

1- تحتاج صناعة النقل في عمليات سلسلة التوريد الى توفير عناصر أساسية هي قصر المدة الزمنية ، الكلفة التنافسية ، تقليل مراحل النقل الى اقصى حد لتلافي العيوب ، ويعد اختيار وسيلة النقل المناسبة أمرًا بالغ الأهمية للأعمال والإدارة اللوجستية . الاستخدام الفعال لمعدات ووسائل النقل يقلل من تكاليف الشحن والخدمات اللوجستية إلى حد كبير. ومنها “التكاليف الخفية” كأقساط التأمين واخرى طبقا لنوع وسيلة النقل مما يؤثر على الكلفة النهائية للبضائع ، في حين هذه المبادرة تعتمد عدة وسائل في سلسلة التوريد

 

2- خطوط السكك التي تقترب من خمسة الاف كيلومتر ستمر اغلبها في مناطق صحراوية وهي الاخطر على تشغيل مسارات الخط ، مهما كانت الاحتياطات

 

3- التحميل والتفريغ خلال مراحل تبديل وسائط النقل هي كلف ووقت اضافيين

 

4- رغم ان الجهود الاميركية ومنذ فترة تضغط على شركاتها والشركات ألأوربية لأعادة نوجيه صناعاتها المهاجرة من الصين الى الهند، الا ان هذا ألأمر لن يتحقق بسهولة، لآختلاف الطبيعة ألأجتماعية بين البلدين، حيث تتمتع الصين بوجود قاعدة فنية واسعة قادرة على التعامل مع التنكلوجيا مقرونة بقاعدة صناعية متطورة اكثر من الهند، لكنها يتصفان برخص الايدي العاملة

 

5- كلفة البنى التحتية لمبادرة بايدن عالية جدا ، وستتحمل دول الخليج على الارجح كلفة انشاءها ومردود هذ الاستثمار غير مجدي على فرضية جدية انشاء المشروع

 

6- المتضرر الأول من هذا المشروع مصر لانها ستفقد جزءا من التجارة المارة بقناة السويس

 

7- ووفقا لمبدأ لكل فعل رد فعل ، فأن هذه المبادرة بشكلها الحالي ستدفع دول المنطقة المتضررة او التي تعتبرها استهدافا سياسيا لها لخيارات اخرى ، منها ألأنخراط في مبادرة الحزام والطريق الصينية

 

8- الدفع بأتجاه أحياء مشروع قطار الشرق السريع التأريخي الذي يربط العراق باوربا والذي يختلف قليلا عن مبادرة طريق التنمية للحكومة العراقية، بالمقارنة، هذا الخيار يتميز بكلفته الواطئة وجدواه ألاقتصادية العالية ، فهو يختزل المسافة بحدود 40% ، واقتصاره على نمطين للنقل فقط،، ويمر بأغلب الدول الأوربية ، في حين ان تفريغ الشحن وفق مبادرة بايدن ستكون في منطقة واحدة ومن ثم مرحلة رابعة نحو بقية ارجاء اوربا

 

9- هناك خيار ثالث ربما تناقشه الصين مع سوريا وايضا يتم عبر العراق نحو موانيء سوريا القريبة من اوربا، وهو اقل كلفة واقصر مسافة ايضا.

جزما الخيار الثاني هو ألأكثر جدوى ، والمطلوب من الحكومات ان تنظر الى مصالح شعوبها وتجعلها فوق كل اعتبار للتخلص من الضغوط والهيمنة ، وتتظافر جهودها لأنجاز ما يحقق الرخاء لشعوب المنطقة

Related Posts