مؤرخ امريكي يكشف تفاصيل اخراج الارشيف اليهودي من العراق ودور “الجلبي” و “واشنطن”

مؤرخ امريكي يكشف تفاصيل اخراج الارشيف اليهودي من العراق ودور "الجلبي" و "واشنطن"كشف مؤرخ أمريكي كيف ساهم في إخراج آلاف الوثائق والكتب والمخطوطات المتعلقة باليهود التي كانت بحوزة العراق، وكيف ساهم القيادي العراقي المعارض وقتها احمد الجلبي في الابلاغ عن الارشيف اليهودي له، وكيف تردد الأمريكيون في بداية غزو العراق العام 2003، في المساهمة بإنقاذ هذا الارشيف.

 

ونقلت صحيفة “صان سينتينال” الأمريكية في تقرير لها ، عن الدكتور هارولد رود قوله خلال محاضرة له أمام “مركز التراث اليهودي البابلي” في منطقة “أور يهودا”، بالقرب من مطار بن “غوريون” الإسرائيلي حيث تحدث عن دوره المركزي في انقاذ والحفاظ على الارشيف اليهودي العراقي الضخم الذي تم اكتشافه خلال الغزو الامريكي لبغداد.

 

واوضحت الصحيفة الامريكية ان الدكتور رود كان يتحدث امام جمهور اساسه من اليهود الذين هاجروا من العراق، والذين جرى العثور على العديد من وثائق أُسرهم في هذا الأرشيف، الذي وصفه رود بانه مهم فيما يتعلق بقصة يهود العراق.

 

ونقل التقرير عنه قوله “هذا تراثكم، وهذه رسائلكم، وشهادات زواجكم، و وثائقكم الجماعية، ونصوصكم المقدسة.. هذا هو الميراث الذي لديكم كل الحق فيه”.

 

واوضح التقرير ان الدكتور رود عمل كخبير ثقافي وتاريخي في الشؤون الاسلامية والشرق اوسطية في البنتاغون طوال اكثر من 28 عاما، وهو مهتم بشكل خاص بالعراق والاسلام الشيعي، وطوّر علاقة متينة مع كبار أعضاء المعارضة العراقية ضد صدام حسين.

 

واشار التقرير الى ان “رود انضم في العام 2003، الى القوات الامريكية في بغداد خلال المراحل الاولى من حرب العراق، بصفته خبيرا اسلاميا”.

 

ونقل التقرير عن رود قوله انه “كان هناك حوالي 12 مصادفة او معجزات قادتني الى الارشيف بداية الامر، ثم عشرات اخرى ساعدتني في اخراج الارشيف”.

 

وبحسب رود، فانه مع دخول القوات الامريكية الى بغداد، فان العديد من اعضاء النظام القديم بدأوا في تسريب معلومات استخباراتية على امل الحصول على نوع من الحصانة مقابل تعاونهم في ظل الحكم الجديد، ومن بين هؤلاء المتعاونين كان رئيس “الفرع اليهودي” التابع لجهاز المخابرات العراقية.

 

واشار التقرير الى ان رود وصف خلال المحاضرة المكالمة الهاتفية السرية التي تلقاها من زعيم المعارضة العراقية احمد الجلبي الذي ابلغه عن اكتشاف ارشيف يهودي سري في مقر المخابرات العراقية.

 

وقال رود “اذكر أن الهاتف رن واتصل بي أحمد الجلبي وطلب مني ترك كل شيء والتوجه الى مقر المخابرات في اسرع وقت ممكن”، مضيفا انه “لم يكن لدي ادنى فكرة عما كنت على وشك اكتشافه”.

 

واوضح التقرير ان رود وجد مبنى شبه منهار دمره صاروخ زنته نصف طن لكنه لم ينفجر، وكان في عمق الأرض على بعد امتار فقط من مكان العثور على الارشيف اليهودي.

 

وبحسب رود، فان الارشيف كان في طابق ارضي وسط الركام والمياه التي غمرت المكان وصولا الى الخصر، وظلت شاحنة طوال يومين تضخ المياه من داخل القاعة لسحبها الى الخارج. وخلال ذلك، كان رود يكثف اتصالاته مع الامريكيين والاسرائيليين من اجل العمل على انقاذ الارشيف.

 

ونقل التقرير عن رود قوله ان “الامريكيين لم يكونوا مهتمين بتاتا في البداية، ولم يكن بوسع الاسرائيليين سوى ان يقدموا النصيحة”.

 

وتابع رود قائلا “أنا مؤرخ، ولست خبيرا في الترميم، لكنهم كانوا يطلبون مني تجفيف الكتب ثم وضعها في مكان بارد، لكن لم تكن هناك كهرباء، لذلك كان ذلك غير ممكن. وفي النهاية قالوا فقط: افعلوا ما بوسعكم”.

 

ولفت التقرير الى ان منسوب المياه انخفض بعد يومين الى مستوى الكاحل، مما أتاح لرود ان ينتقل مع مجموعة صغيرة من العمال العراقيين والبدء في نقل الكتب والمستندات تدريجيا”.

 

واضاف ان الكتب كانت مبللة وثقيلة، وجرى وضعها على الارض لتجف تحت الشمس، مشيرا الى انه كانت هناك معضلة دينية تتعلق بالكتب المقدسة التي يحظر وضعها على الارض، لكن حاخامات في اسرائيل اجازوا له القيام بذلك طالما ان العمل الذي يقوم به مقدس.

 

واشار التقرير الى ان مهمة رود استغرقت حوالي 6 اسابيع ونصف من العمل المكثف، وكان هو طوال الوقت يحاول اقناع الحكومة الامريكية بالمساهمة في هذا الجهد.

 

ونقل التقرير عن رود قوله انه “بعد عدة اسابيع تواصلت مع بعض الاشخاص رفيعي المستوى في اسرائيل وطلبت منهم اجراء اتصالات مع نائب الرئيس الامريكي (ديك تشيني) ووزير الدفاع (دونالد رامسفيلد)”.

 

واضاف انه بعد ذلك مباشرة “ظهر مسؤولون امريكيون ومعهم بعض التقنيات المتطورة، وتم تحميل الارشيف بأكمله بسرعة على متن طائرة لنقله إلى معمل الترميم في هيوستن”.

 

وبحسب التقرير، فان الارشيف يحتوي على آلاف الكتب والمخطوطات والوثائق، بما في ذلك النصوص التي يعود تاريخها إلى القرن الـ16.

 

ونقل التقرير عن المديرة في “مركز التراث اليهودي البابلي” ليلي شور قولها ان “الارشيف بمثابة محيط واسع من المعلومات التي تسلط الضوء على كل جانب من جوانب المجتمع اليهودي العراقي”، مضيفا ان هذه النصوص “تظهر لنا التجربة اليومية غير المفلترة للمجتمع اليهودي هناك. ما كانوا قلقين بشأنه. ما اعتقدوا أنه مهم”.

 

وبحسب التقرير، فان الارشيف يسلط الضوء على المشكلات التي واجهها اليهود، بما في ذلك رسائل من قادة المجتمع اليهودي الى السياسيين يطلبون المساعدة في ما يتعلق بالحقوق المدنية والمخاوف الاقتصادية، كما يتضمن الارشيف ايضا وثائق مرتبطة بالعنف المعادي للسامية الذي اصاب المجتمع اليهودي في أعقاب إعلان تأسيس دولة إسرائيل، بما في ذلك لوائح باسماء الاشخاص المسجونين، وقوائم بالممتلكات التي دمرت في اعمال الشغب، والوثائق المتعلقة باعدام جواسيس.

 

وذكر التقرير ان مصير الأرشيف مستقبلا غير واضح، فهو موجود حاليا في الأرشيف الوطني في واشنطن، لكن الحكومة العراقية تطالب باسترداده.

 

ونقل التقرير عن شور قولها ان “العراقيين يطالبون بالسجلات التي سرقوها من اليهود باعتبارها تراثهم الخاص، بدلا من أُسر أصحابها الاصليين”، واصفة ذلك بانه “سخافة”.

 

واضافت “لن نتمكن ابدا من رؤية تلك السجلات اذا تم نقلها الى العراق”.

 

اما رود فقد قال ان “ابناء واحفاد المؤلفين الأصليين (لهذه الوثائق) جميعهم تقريبا يتواجدون في اسرائيل. هذا تراثهم وتاريخهم، وليس تاريخ العراق”.

Related Posts