أعلن رئيس تيار الحكمة، عمار الحكيم، اليوم السبت، طرح مشروع “الوطنية الشيعية”، فيما حذر من انحرافات خطيرة قد تفضي الى انقسامات حادة في الواقع الشيعي.
وقال الحكيم في كلمة له خلال مؤتمر الآفاق المستقبلية لأتباع أهل البيت (ع)، تابعتها السومرية نيوز، إن “نواة جماعة أهل البيت (عليهم السلام) من شيعتهم وأتباعهم ومحبيهم قد تأسست وانبثقت في حياة الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) من ثلة مؤمنة وموالية ومخلصة، امتدت وترعرعت واتسعت لتمثل اليوم أحد أكبر المسارات والاتجاهات الأصيلة الفاعلة في أوساط الأمة الإسلامية الغراء، عدداً ووعياً وحضوراً والتزاماً”.
وأضاف، أنه “لزاماً على أتباع أهل البيت (عليهم السلام) في كل زمان ومكان أن يحافظوا على وجودهم وعقيدتهم وطريقتهم الوسطى في الخطاب والسلوك وفي الحراك العقلاني والمنطقي والعلمي المقبول”.
ورأى، أن “بقاء الواقع الشيعي من دون مشروع متوازن بين الأصالة المبدئية والمرونة الواقعية، سيؤدي إلى انحرافات خطيرة تفضي الى انقسامات حادة في الواقع الشيعي بسبب انضواء مساحات كبيرة من الجمهور الشيعي تحت لافتات الأصالة والشعارات المبدئية، وانضواء أجزاء أخرى تحت لافتات الحداثة غير الملتزمة التي تطالب بتغييرات جذرية في مبادئ الإسلام العقيدية والتشريعية والقيمية”.
وأشار الحكيم إلى “البدء بطرح و بلورة (مشروع شيعي عام) متاح لجميع أتباع أهل البيت (ع) للمشاركة فيه وانضاجه تحت عنوان (الوطنية الشيعية)، مستندين في ذلك الى تاريخ طويل من المواقف والأفكار والارشادات الصادرة عن النبي (ص) والأئمة الاطهار (ع) مروراً بحركة الفقهاء على طول التاريخ بعد الغيبة الكبرى، وصولاً الى مدرسة النجف الأشرف بوصفها محوراً مركزياً وأصيلاً لهذا المشروع، وطرحنا معالمه العامة، ودعونا النخب والشخصيات الشيعية للمشاركة في انضاجه وبلورته”.
وبين، ” إن الوطنية الشيعية التي نطرحها، قائمة على ثلاث حقائق تتفرع منها الأمور الأخرى وهي:
-أولا: إن أتباع مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) من حيث العقيدة والشريعة والشعائر تمثلهم هوية واحدة متماسكة تتبع منهجا موحدا في حراكها المذهبي وإن تنوعت في أساليبها الشعائرية ومرجعياتها الدينية ولكنها تتبع ذات الإطار العام الذي تعتقد به وتتمسك بأطرافه وهو عابر للحدود والقيود.
ثانيا: إن أتباع أهل البيت (عليهم السلام) موحدون من حيث العقيدة ولكنهم موزعون على دول و أوطان قائمة و محكومة بعقود اجتماعية وسياسية خاصة بها ، بحسب هويتهم الوطنية ودولهم ومجتمعاتهم في خط تاريخي أصيل ودائم وهذا الأمر يتطلب منهم (الاندماج في مجتمعاتهم وترسيخ هويتهم الوطنية ، والالتزام بقوانينهم) وهذا ما دعت إليه مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) من خلال وصايا الأئمة الأطهار (عليهم السلام) و ركز عليها الفقهاء وثبتتها المرجعية العليا بصورة واضحة في توصياتها وإرشاداتها الحكيمة.
ثالثا: إن أتباع أهل البيت (عليهم السلام) في كل بلد موزعون على شاكلة أفراد ومنظمات ومؤسسات ومشارب واتجاهات فكرية متنوعة. فهناك الشيعي الليبرالي والشيعي الإسلامي والشيعي الأكاديمي والشيعي المتحزب والآخر المستقل، وهكذا تتنوع المشارب الفكرية والثقافية. وهذا الأمر يجدر دراسته كحق فردي لكل شيعي في وطنه”.
فالمحصلة – والكلام للحكيم – هي “أن الشيعة موحدون على نطاق العقيدة ومنتشرون في أطر الدول والمجتمعات، ومحترمون في التزاماتهم الفردية والفكرية والثقافية والسياسية. وهذا الأمر يجعل المسارات أكثر وضوحا فيما بينهم وأكثر تفهما وتقديرا من غيرهم، ويزيل عنهم الشبهات الباطلة التي تشكك بهم وبانتمائاتهم ومواقفهم الوطنية”.
ودعا إلى “اعادة قراءة تجربة النجف الأشرف والمرجعية الدينية العليا بكل تفاصيلها وعطاءاتها الفكرية والثقافية الثرية التي باتت مرصودة ومشهودة من قبل العالم”.
وأتم الحكيم: “هذه هي اللبنة الأساسية التي يمكن الانطلاق منها نحو محيطنا ونحو العالم بلغة عصرية مرنة، مفهومة ومقبولة ومحترمة من الجميع. فأتباع أهل البيت (عليهم السلام) يحملون راية الرسالة المحمدية ومسؤولية اظهار معالم ومآثر وثمرات هذه المدرسة للعالم أجمع، ليكونوا جزءا فاعلا و مشاركا و مؤثرا في حضارتنا الإنسانية الأوسع”.