الفن لمواجهة كورونا.. مواهب من الشرفات ومنازل تتحول إلى مسارح

كانت الفنون دائما وسيلة الشعوب للتواصل دون لغة، لكنها الآن أداتهم في التشبث بمظاهر الحياة، ومقاومة الخوف الذي أصبح ملازما لحال معظم شعوب العالم بسبب فيروس يطارد الأرواح دفعهم للمكوث في منازلهم، فما كان منهم إلا أن يقولوا “نحن ما زلنا هنا، وكل مُر سيمر”، وذلك بالعزف على الأوتار أو بريشة وألوان، اختلفت الطرق لكن تلك كانت حيلتهم في القضاء على الخوف في مختلف أرجاء العالم.

حب الحياة من الشرفات
الإيطاليون شعب يحب الحياة حتى في أيام الحجر الصحي، فصوت أغنية “بلا تشاو” الشهيرة (أغنية إيطالية قديمة تعبر عن الثورة والمقاومة) يصدح في الأزقة والشوارع، النوافذ والشرفات تحولت إلى مسارح ومدرجات ومعارض فنية لرسم عبارات “كل شيء سيمر بخير” التي أصبحت شعار الحجر الصحي.

ويقول الفنان دانييلي فيتالي -عازف الساكسفون الشهير في إيطاليا- في تصريح للجزيرة نت من نابولي إن “الموسيقى هي السلاح الوحيد الذي أملكه للمقاومة وتحسين الأوضاع التي نعيشها، بسبب البقاء مجبرين في المنزل”.

واكتسب دانييلي شهرة أكبر خلال أيام الحجر الصحي من خلال وصلاته الموسيقية التي يتحف بها جيرانه من شرفة بيته، ولا سيما مع معزوفة “بلا تشاو” التي حققت ملايين المشاهدات على قناته في يوتيوب.

بدوره، يقوم نبيل حمائي -وهو شاب موسيقى جزائري- بتسجيل حضوره شبه اليومي بالعزف على آلة الكمان في حي سان سالفاريو تورينو، هنا في مدينة “بلا تشاو” معقل اليساريين ومقاومي الفاشية، حيث يوقظ نبيل الهمم في جيرانه من كبار السن والشباب من خلال عزف موسيقاه الغربية والشرقية معا.

ويقول حمائي للجزيرة نت “أشعر أنني أخلق الحماسة بين الناس لرفع المعنويات أثناء هذا الوباء، هكذا أساهم كباقي الفنانين في تخفيف وطأة الحجر الصحي”.
تشغيل الفيديو

كذلك لونا وصديقها بييترو -وهما في البادية بالقرب من بلدة فيرشيلي شمال إيطاليا- قررا ألا يكونا خارج السرب، يغنيان كل مساء “بلا تشاو” في حقلهما المنبسط، ثم يتقاسمان فيما بعد حصيلة إبداعاتهما عبر فيديو مسجل مع أصدقائهما عبر حساباتهما على وسائل التواصل الاجتماعي.

ويقول بييترو “لقد وجدت في أوقات الحجر الصحي فرصة ثمينة للغناء، ليس كباقي الأيام العادية”، فيما عبرت لونا للجزيرة نت عن سعادتها “بأن الفن يستطيع خلق التلاحم الاجتماعي بيننا”.

أم كلثوم في شرفات باريس
واختار العازف المصري طارق الجرواني شرفة منزله في العاصمة الفرنسية باريس للعزف على آلة الكمان الموسيقية، بدأت التجربة تزامنا مع تطبيق الحجر الصحي، حينها قرر الجرواني أن يعزف لحن أغنية المطربة داليدا “حلوة يا بلدي” لإمتاع جيرانه، ولم يتوقع أن تنتشر ألحانه عبر مواقع التواصل ويبدأ الجيران في انتظار ألحانه اليومية مساء كل يوم.

ومزج العازف المصري بين الموسيقى الغربية والأغاني العربية المميزة، مثل أغنية “ألف ليلة وليلة” لأم كلثوم، كما شاركته زوجته في غناء بعض الأغاني العربية والفرنسية من شرفة المنزل ومن المطبخ أحيانا.

دروس الفن والعمارة مجانا
ومن الأردن، التقينا كامل محادين الأستاذ الجامعي والسياسي السابق الذي استطاع أن يحيل غمة حظر التجول إلى رسائل أمل يوجهها لطلابه ومتابعيه عبر حسابه على فيسبوك ويوتيوب.

Related Posts