متابعة “ساحات التحرير”
تحوي مراكز الاحتجاز المكتظة للغاية في نينوى آلاف السجناء العراقيين، معظمهم بتهم تتعلق بالإرهاب، لفترات طويلة في ظروف مهينة للغاية بحيث ترقى إلى حد سوء المعاملة. قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إنه ينبغي للسلطات ضمان عدم احتجاز السجناء في ظروف غير إنسانية، ووجود أساس قانوني واضح للاحتجاز.
قالت لما فقيه، مديرة قسم الشرق الأوسط بالإنابة في هيومن رايتس ووتش: “تحتاج الحكومة العراقية بشدة إلى إعادة بناء مراكز الاحتجاز وإعادة تأهيلها. ينبغي للعراق إبقاء المحتجزين في مكان لائق، بما يتماشى مع المعايير الدولية”.
تبلغ الطاقة الاستيعابية القصوى لمراكز الحبس الاحتياطي الثلاثة في شمال العراق، تل كيف والفيصلية والتسفيرات (في مجمع الفيصلية)، 2,500 شخص، بحسب ما أفاد أحد كبار خبراء السجون العراقيين، طالبا عدم الكشف عن هويته. بحلول يونيو/حزيران 2019، وصل عدد المحتجزين هناك إلى 4,500 سجين ومحتجز تقريبا، من بينهم 1,300 شخص حُوكموا وأُدينوا وكان ينبغي نقلهم إلى سجون بغداد. قال الخبير إن السلطات كانت لم تتخذ بعد الخطوات اللازمة لنقلهم، رغم مرور 6 أشهر على إدانة بعضهم.
عرض الخبير صورا التقطت في مايو/أيار لنساء مشتبه في أنهن إرهابيات مع أطفالهن في زنزانة واحدة في سجن تل كيف، وأحداث مشتبه في أنهم إرهابيون في زنزانة أخرى. أيّد شخصان آخران زارا السجن ظروف الاكتظاظ الشديد التي شوهدت في الصور والمنشآت. قال الخبير إن الزنازين في سجن تل كيف التي تحوي محتجزين بتهم أخرى أقل اكتظاظا بسبب الأعداد الأصغر.
قال الخبير إن لا مساحة كافية للمعتقلين للاستلقاء في زنزاناتهم أو حتى الجلوس براحة. قال إن سلطات السجن لم توفر فِراشات لعدم وجود مساحة لها في الزنازين. أضاف: “يُفترض بهذه السجون أن تكون مكانا لإعادة التأهيل، لكن إذا آوت السلطات المحتجزين في هكذا ظروف، يمكنني أن تخيّل ما سيحدث لهم بعد إطلاق سراحهم”. لا يستطيع المحامون زيارة السجن للتواصل مع موكليهم لعدة أسباب منها عدم وجود مكان للقاء.
سبق أن وثقت هيومن رايتس ووتش حالات وفاة خلال الاحتجاز في نينوى نتيجة الاكتظاظ الشديد.
تشير الأدلة التي عُرضت على هيومن رايتس ووتش بقوة إلى أن الظروف في مراكز الحبس الاحتياطي في نينوى غير صالحة لاحتجاز المعتقلين لفترات زمنية مطوّلة، ولا تفي بالمعايير الدولية الأساسية. يرقى احتجاز المحتجزين في مثل هذه الظروف إلى حد سوء المعاملة.
تشترط المعايير الدولية الخاصة بظروف السجون المنصوص عليها في “قواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء” (“قواعد مانديلا”) أن “تُوفَّر لجميع الغرف المعدَّة لاستخدام السجناء، ولا سيما حجرات النوم ليلا، جميع المتطلَّبات الصحية، مع الحرص على مراعاة الظروف المناخية، وخصوصا من حيث حجم الهواء والمساحة الدنيا المخصَّصة لكلِّ سجين والإضاءة والتدفئة والتهوية”. وأيضا “يجب أن تكون المراحيض كافية لتمكين كلِّ سجين من قضاء حاجاته الطبيعية عند الضرورة وبصورة نظيفة ولائقة”، و”أن تتوفَّر مرافق الاستحمام والاغتسال بالدش”.
ينبغي لوزارتَي الداخلية والعدل، على سبيل الأولوية العاجلة، تحسين الظروف وتسريع التحقيقات، بما يضمن لكل شخص رهن الحبس الاحتياطي محاكمة سريعة ونزيهة أو إطلاق سراحه. ينبغي للسلطات نقل جميع المحتجزين من هذه المنشآت إلى سجون رسمية مبنية لاستيعاب المحتجزين ومجهزة لتلبي المعايير الدولية الأساسية.
ينبغي للسلطات أن تضمن وجود أساس قانوني واضح للاحتجاز، وإمكان وصول جميع المحتجزين إلى محام، بما في ذلك أثناء الاستجواب، ونقل المحتجزين إلى مرافق يمكن للمفتشين الحكوميين والمراقبين المستقلين والأقارب والمحامين الوصول إليها من دون عوائق. ينبغي للقضاة الأمر بالإفراج عن المحتجزين إذا لم يكن هناك أساس قانوني واضح للاحتجاز أو إذا لم تتمكن الحكومة من علاج الظروف اللاإنسانية أو المهينة التي يُحتجزون فيها.
ينبغي للسلطات العراقية ضمان أن الحبس الاحتياطي هو الاستثناء وليس القاعدة، وتطبيقه فقط على أساس فردي حيثما يكون ذلك ضروريا.
قالت هيومن رايتس ووتش إنه ينبغي معاملة الأطفال الذين يُزعم ارتكابهم أعمالا غير قانونية وفقا للمعايير الدولية لقضاء الأحداث. يسمح القانون الدولي للسلطات باحتجاز الأطفال قبل المحاكمة في حالات محدودة، ولكن فقط إذا وُجهت إليهم تهم رسمية بارتكاب جريمة، وليس كمشتبه بهم فحسب. ينبغي للسلطات إطلاق سراح جميع الأطفال الذين لم توجه إليهم تهم رسمية.
ينبغي للعراق التصديق على “البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب”، والسماح للخبراء الدوليين المستقلين بالقيام بزيارات منتظمة لمواقع الاحتجاز، وإنشاء فريق من مفتشي السجون المستقلين لمراقبة الأوضاع.
قالت فقيه: “لا توثر المخاوف من الاكتظاظ على المحتجزين فحسب، بل على المجتمع ككل. ينبغي للسلطات ضمان ألا تعزز الظروف في سجون العراق المزيد من المظالم في المستقبل”.