حامد السيد*
السطور التالية هي محاولة لدراسة وتقييم حركة الشباب العراقي الشيعي “شباب 1 اكتوبر”، التي ما زالت تتناولها احزاب السلطة على انها جزء من “المؤامرة” و”الفوضى”، وهي طريقة تحاول عبرها تلك الاحزاب فصل حق الشيعة في المعارضة والرفض عن حقهم في الحُكم..!
هذا الجيل من المتظاهرين لم يختار شعارات “كربلاء”، ورايات “عاشوراء” على نحو الصدفة، باعتقادي انه اراد ان يقول: انا جزء من سياق تاريخي واجتماعي وثقافي وسياسي، لكنني ابن عصري بامتياز، من هنا ابدأ خطواتي، من الفراغ والتجريف لكل مناحي الحياة والكرامة والحرية والعدالة.
هذا الجيل خال من مفهوم الانحياز لطائفة الحاكم، لا يقنعه تشيع رئيس الوزراء او الوزير او المدير، وحين يرفع مطالباته الوطنية الممزوجة بهويته الشيعية في الاحتجاج الأخير ؟، فهو لا سبيل لديه سوى تطهير عقيدته من الفاسدين باسمها، لذلك قد ينحاز الى العقيدة والغاية هنا هي فصلها عنهم وعن منهجهم.
هذا الجيل لا يشبه من سبقه، لا يفكر بعقلية السلطة لمن كان مظلوماً، لن يسكت عمن تختاره الأغلبية ليكون ديكور ديمقراطي يتصدر للمشهد على انه ممثل عنهم كشيعة لكنه في الواقع ممثل عن غيرهم.
هذا الجيل مناخه السياسي خال تقريبًا من التقليدية التي برزت بعد 2003، أي قيام السياسة عن طريق وجود مجموعة أشخاص ذوي ولاء للتشيع وماذا بعد ؟.
هذا الجيل يريد حكومة لم تبني فلسفتها على الحُكم بعقلية صدام لردع عودة صدام، يريد حكومة تفكر بمنتج جديد لا يتعكز على الخطاب والتحريض ضد الماضي، يريد حكومة معارضة للبعث شرط انها تهتم مسبقًا بما تريده كبديل عن البعث فكراً وممارسة.
هذا الجيل لا ولن يكسر المرجعية، ولن يتجاسر على النجف، هو يحاول ان يجعل المؤسسة الدينية تحت الضغط ايضاً كي تستمر في الانحياز له فقط، ويستمر خطابها الذي يجبر الحكومة واحزابها على البحث والمراجعة من اجل الحل، او الرحيل.
هذا الجيل يفكر انه ليس ملكاً لأحد، هم عراقيون وشيعة وقد ينتمون او يتعاطفون مع هذا الرمز او ذاك، لكن لا يعني انهم بلا موقف ذاتي ضد من يخطط او يعمل على مصادرتهم لنفسه، او لحزبه.
هذا الجيل نواة لتجربة سياسية عراقية خالصة، كما انه قادر ان يروض اي تجربة سياسة معاصرة لصالحه بعد اعادة النظر في المنهج، والطموح.
هذا الجيل لا يمكن ان يقدس بعد اليوم أي شعار لا يتصل بواقعه، هذا الجيل ليس خزان مقاومة او ممانعة، وليس هنالك احد اعلى من ربهم، لهم حقوق صبر ابائهم وتحملوا السجون والأعدامات قبل 2003 من اجل الحصول عليها، اليوم جاء دورهم في انتزاع نفس هذا الحق، حق الدولة التي تمثلهم كمستضعفين وتتعلق بحقوقهم المسلوبة من صدام في السابق واعداء صدام في الحاضر.
لا تبخسوا حق الشباب الشيعي في ان يعيش، ولا ترموهم بتهم المؤامرة على الدولة لان الدولة دولتهم ولا يتسامحون مع من يريد اختطافها منهم.
*إعلامي وناشط عراقي والمقال من صفحته على الفيسبوك