المبعوث الأميركي السابق للعراق يقترح لترامب خطة للخروج من الأزمة الإيرانية

واشنطن- “ساحات التحرير”

تبقى الولايات المتحدة في مسار تصادمي مع إيران. فيما يواصل دونالد ترامب الإعلان عن الحد الأدنى من الأهداف والمتمثلة بالمحادثات المباشرة التي تركز على الأنشطة النووية، يسعى مستشاروه إلى تحقيق أقصى الغايات، بدءاً من قائمة المطالب التي لا تستطيع إيران أن تأمل في الوفاء بها لتغيير النظام. وفي الوقت نفسه، تعمل إدارته على خنق اقتصاد إيران من خلال فرض عقوبات دون هدف ثابت. إيران، بدورها، ليس لديها فهم واضح لما يُطلب منها القيام به، وبالتالي ترى التحركات الأمريكية من الناحية الوجودية على أنها تهديد وجودي لها.

هذا ما يراه ربيت ماكغورك مبعوث الرئيس أوباما إلى العراق والمفوض الرئاسي الأميركي للتحالف الدولي في الحرب على داعش والذي استقال من منصبه بعد نحو سنة من تولي ترامب الرئاسة، عبر مقال نشره قبل ايام في موقع “بلومبيرغ” وحمل عنوان” خطة من خمس خطوات لخروج ترامب من الأزمة الإيرانية”.

بريت ماكغورك

ويختار ماكغورك الذي ظل على علاقة ودية بالقوى العراقية الموالية لطهران ودافع عن وجود رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي في السلطة، لغة مخففة حيال إيران فيقول “لا شك في أن الأعمال المدمرة لإيران – الهجمات على ناقلات النفط، ودعم الهجمات الصاروخية المكثفة من قبل المتمردين الحوثيين في اليمن، وإسقاط طائرة استطلاع أمريكية بدون طيار – يجب إدانتها والتصدي لها”، لكنه يستدرك “يبدو أن السياسة الأمريكية الحالية تجعل إيران أكثر تهوراً وليس أقل. من المهم في هذه المرحلة التفكير في أفضل السبل لحماية المصالح الأمريكية والحفاظ على الضغط على إيران دون زيادة مخاطر نشوب صراع لا يمكن التنبؤ به”.

وتضمنت خطة ما كغورك:

أولاً: يجب أن يكون لأي عمل عسكري أمريكي أهداف واضحة

فقد قال مسؤولون أمريكيون إن القوة العسكرية قد تكون ضرورية “لاستعادة الردع” ضد إيران. والنتيجة النهائية هي مخاطر عالية لسوء التقدير: إذا ضرب ترامب، ستقوم إيران بالرد، وسيتعين على ترامب الضرب مرة أخرى، وهكذا فوق سلم تصاعدي.

ويشدد ماكفورك “يجب أن يركز الاستخدام الأفضل للقوة العسكرية على حماية الشحن الدولي عبر مضيق هرمز مع وجود تحالف بحري واسع. قد يشمل شركاء عسكريين على المدى الطويل، مثل الولايات المتحدة وفرنسا، وحلفاء من منطقة الخليج وآسيا، بما في ذلك اليابان وكوريا الجنوبية، بالنظر إلى اعتمادهم على نفط الشرق الأوسط. مثل هذا التحالف الواسع سيعمل على عزل إيران، ويظهر أن الولايات المتحدة لا تتصرف بمفردها، وتساعد في الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي العالمي”.

 

ثانياً: يجب على الولايات المتحدة أن تضع طريقًا واقعيًا لاتفاق نووي جديد معزز

فالاتفاق السابق لعام 2016، الذي وافقت عليها سبع دول، ليس مثالياً،  لكن لا شيء أفضل منه قد وضعه ترامب، بل أن إيران تهدد الآن بخرق التزاماتها بموجب الاتفاق، مما قد يضيف بُعدًا نوويًا خطيرًا للأزمة الحالية.

ثالثًا: يجب على الولايات المتحدة أن تعامل الشعب الإيراني كشريك

الإيرانيون تاريخياً هم أكثر السكان المؤيدين للغرب في المنطقة. إنهم يعيشون الآن في ظل نظام قمعي و سيطرة “القائد الأعلى” الثمانيني الذي يدعي أنه يتحدث باسم الله. ومثل الاتحاد السوفيتي، فإن هذا النظام مصمم للانهيار تحت تناقضاته الخاصة، وإن كان ذلك وفقًا لجدوله الزمني. فلا يمكن للولايات المتحدة أن تحفز تغيير النظام من الخارج، لكن يمكنها دعم شعب إيران عبر رفع حظر السفر على المواطنين الإيرانيين كي يجربوا الثقافة والحريات الأمريكية، وهي أعظم نقاط قوتنا. يجب على الإدارة أيضًا أن تضمن أن عقوباتها لا توقف عن غير قصد التجارة الإنسانية والطبية والتبادلات الثقافية والدبلوماسية الشعبية.

رابعا: تعزيز الضغط بالدبلوماسية الإقليمية.

تفتقر سياسة ترامب إلى أي جهد جاد لتنظيم التحالفات الإقليمية. حتى وقت قريب، لم يكن هناك سفراء للولايات المتحدة في البحرين أو مصر أو الأردن أو المملكة العربية السعودية أو تركيا أو قطر أو الإمارات العربية المتحدة. كانت واشنطن غائبة إلى حد كبير عن العملية التي تقودها الأمم المتحدة لإنهاء الحرب في اليمن، وأعطت مبعوثيها موارد اهزيلة لحسم اللصراع في سوريا، وفشلت في إصلاح الصدع بين مجلس التعاون الخليجي بين المملكة العربية السعودية وقطر. تقربت الأخيرة، التي تضم أكبر قاعدة عسكرية أمريكية في المنطقة، من إيران، بينما اقتربت الأولى من روسيا والصين. إيران، القوة الخامسة، تستفيد من هذا الإهمال. يجب على ترامب أن يفكر في تعيين مبعوث كبير للشرق الأوسط في مهمة تهدف إلى وقف التصعيد، وفي النهاية إنهاء النزاعات مثل اليمن التي تعمل على تغذية أنشطة إيران الخبيثة.

خامسا: يجب على الولايات المتحدة الحفاظ على تركيزها على الحرب ضد داعش

ربما فقد الإرهابيون “الخلافة”، لكنهم لم يهزموا. تدعم الحملة العسكرية ضد داعش أحد أكبر الائتلافات في التاريخ وتتمتع بشرعية دولية واسعة ودعم الكونغرس من الحزبين ومهمة واقعية. والأهم من ذلك أنها تسمح للولايات المتحدة وشركائها بالحفاظ على وجود عسكري في العراق وسوريا، على حساب إيران في كثير من الأحيان.

إذا حولت واشنطن مركز اهتمامها عسكريا إلى إيران، فإن هذا الأساس القوي والشرعي سينهار. وسيتم انفاق الموارد العسكرية الثمينة، مما يمكّن داعش من إعادة تجميع فلوله والميليشيات التي تدعمها إيران بالتجمع المؤثر. يجب على ترامب الالتزام بالحملة ضد داعش الذي عاود النشاط في العراق وسوريا. هذا من شأنه أن يحقق المنفعة المتبادلة المتمثلة في الضغط على داعش وتعزيز الوجود الأمريكي في المناطق التي تطالب بها إيران ، وبالتالي تعزيز النفوذ الأمريكي ومعالجة أنشطة إيران المزعزعة للاستقرار في كلا البلدين.

ويخلص ماكغورك إلى القول “هذا البرنامج المكون من خمسة أجزاء يؤكد بأن الولايات المتحدة لا يمكنها تغيير النظام في إيران من الخارج لذا عليها أن تتخذ وجهة نظر طويلة المدى – على غرار سياسة الحرب الباردة تجاه الاتحاد السوفيتي، وهو أي البرنامج الخماسي يهدف إلى إنهاء الحروب بالوكالة التي تغذي طموحات إيران الإقليمية. وهو يعامل الشعب الإيراني كشركاء، وأن نرحب به في بلدنا ويستحق حياة أفضل بكثير في وطنه”.

ويشدد ماكغورك محذراً “تتطلب هذه السياسة إدارة دقيقة من مجلس الأمن القومي الأميركي ويجب على الرئيس أن يطلب إعادة تقييم عاجلة قبل أن يجد نفسه في حفرة أعمق”.