بداية علينا ان نفهم بأن هناك تاريخ طويل من العقوبات على ايران من المجتمع الدولي أو بالتحديد الولايات المتحدة وحلفائها ومنذ نهايه سبعينات القرن السابق بعد فرار الشاه للولايات المتحدة الامريكية وامتدت هذه العقوبات لغاية الان ، فقد بدأت من الولايات المتحدة وفي فترات من مجلس الامن وبعد 2014 ايضاً تبنت الولايات المتحدة وبعض الدول الحليفة لها عقوبات على ايران بعد ان تضمنت هذه العقوبات تخفيفاً طفيفاً بعد عام 2006 حيث تمنع المؤسسات المالية الإيرانية من الوصول مباشرة إلى النظام المالي الأمريكي، ولكن سمح لها بذلك بشكل غير مباشر من خلال البنوك في بلدان أخرى. في سبتمبر 2006، فرضت الحكومة الأمريكية عقوبات على بنك صادرات إيران، مما منعها من التعامل مع المؤسسات المالية الأمريكية
بعد خروج الولايات المتحدة من الاتفاق النووي مع إيران في 8 مايو 2018 عادت العقوبات الأمريكية تدريجياً ضد إيران بعد ما رُفعت وفقاً للاتفاق النووي، الذي تم التوصل إليه عام 2015. في 5 نوفمبر 2018 طُبقت العقوبات “الأشد على الإطلاق”.
وتشمل هذه العقوبات صادرات النفط، والشحن، والمصارف، وكل القطاعات الأساسية في الاقتصاد واعادت إدارة ترامب تفعيل كل العقوبات.
وكانت العقوبات الأكثر تأثيرًا وخطرًا هي الحزمة الثانية التي صدرت في عهد ترامب التي تخص قطاع النفط، والتي دخلت حيز التنفيذ ، في 5 / 11 / 2020 ، وتشمل فرض قيود على التعاملات المتعلقة بقطاع النفط، بشكل نهائي وكذلك قيود على التحويلات المالية بين المؤسسات المالية الأجنبية والبنك المركزي الإيراني .
ما هو الموقف القانوني؟
وفق قرارات العقوبات الصادرة من الولايات المتخدة على ايران فان العقوبات الأمريكية تشمل مختلف القطاعات الاقتصادية والمالية والصناعية وعلى رأسها قطاع النفط الذي يعتبر مصدر الدخل الأساسي للعملات الصعبة التي تحتاجها إيران وكالاتي :-
* مشتريات الحكومة الإيرانية من النقد الأمريكي (الدولار)
* تجارة إيران في الذهب والمعادن الثمينة الأخرى
* معادن الغرافيت والألمنيوم والحديد والفحم فضلا عن برامج كمبيوتر تستخدم في الصناعة
* التحويلات المالية بالريال الإيراني
* نشاطات تتعلق بأي إجراءات مالية لجمع تمويلات تتعلق بالدين السيادي الإيراني.
* قطاع السيارات في إيران
* مشغلي الموانئ الإيرانية والطاقة وقطاعات النقل البحري وبناء السفن.
* التحويلات المالية المتعلقة بالنفط الإيراني.
* التحويلات والتعاملات المالية لمؤسسات أجنبية مع البنك المركزي الإيراني .
وقد تم منح اكثر من 8 دول استثناءات مؤقتة من بينها العراق و إيطاليا، والهند، واليابان، وكوريا الجنوبية، وتركيا، والصين .
والاستثناء الذي شمل العراق هو لشراء الغاز من اجل تشغيل المحطات الكهربائية .
وعلى ضوء هذا الاستثناء استمر العراق بشراء الغاز من ايران وبقيت مشكلة التحويلات المالية بالدولار قائمة بسبب الحظر على الحوالات المالية للبنك المركزي الايراني .
قرار العراق بمبادلة النفط الاسود لقاء تسديد المبالغ المتراكمة والمستمرة للغاز الايراني المستورد ، هو قرار لم يجد حلاً قانونياً او عملياً للازمة القائمة بل بلعكس هو من ضمن المحضورات التي حذرت الولايات المتحدة منها سابقاً في تعامل الدول او الشركات مع ايران وهذا سيجعل العراق معرض لعقوبات امريكية عن قريب ان لم يتخلى عن هذه الطريقة ، فضلاً على ان المقايضة بين النفط الاسود والغاز عملياً ستكلف العراق اكثر مما لو تم دفع الديون المستمرة بالدولار او بغير عملة وكان على الدولة الضغط اكثر على الولايات المتحدة للسماح لها باستمرار الاستثناء ودفع الديون المترتبة عليه بدلاً من ايجاد بدائل ستضغط عليها الولايات المتحدة لتحديدها بعد فترة قليلة .
الاعفاء الجديد الذي صدر من الولايات المتحدة لمدة ١٢٠ يوماً هي فرصة جديدة لاصرار العراق على سيادته المالية التي بدت وكانما العراق تنازل عنها خلال الفترات السابقة ، ومع انه التسديد العراقي يجب ان يكون من بنوك غير عراقية باشارة الى بنك عمان او غيره من البنوك التي لديها صلات وثيقة بالولايات المتحدة الامريكية ، فعلى العراق ان يختار التسديد من بنوك مع حساب المصلحة العراقية ، وعلينا ان نفهم بأن سياسة البنك المركزي العراقي لم تحقق نتائج مرجوة بل بالعكس حملت الدولة والمواطن بالخصوص خسائر كبيرة سواء بالسياسة العامة الخاصة بالتعامل او بالسياسة الخاصة المتعلقة بسعر الصرف الذي كبد المواطن مايعادل ١٠٪ من امواله لصالح السوق الموازي .
جمال الاسدي