أثار مشروع قانون خدمة العلم الذي يعرف بـ “الخدمة الالزامية”، خلافات جديدة بين الكتل النيابية السنية والشيعية في مجلس النواب العراقي، حيث يطالب السنة بالاسراع في اقراره لانهاء “الطائفية داخل الجيش”، فيما يرى الشيعة بأنه سيشكل عبئاً على موازنة البلاد.
وكان من المقرر أن تتم القراءة الأولى لمشروع القانون يوم (6 تشرين الثاني 2022)، لكنه حذف من جدول الأعمال، بسبب الخلافات بين الكتل الشيعية والسنية.
يتكون مشروع قانون الخدمة الالزامية من 66 مادة، وينص على أن الخدمة الإلزامية تكون 18 شهراً لمن لم يلتحق بالمدرسة أو تركها أو لم يكمل الدراسة المتوسطة، و12 شهراً لمن أكمل الدراسة الاعدادية أو ما يعادلها، و3 أشهر للحاصلين على شهادة الدكتوراه.
السنة: القانون سينهي الطائفية في الجيش
تدعم الكتل النيابية السنية مشروع القانون بشكل كامل من أجل زيادة دور السنة في الجيش، الذي شهد بعد عام 2003، تراجعاً ملحوظاً بالمقارنة مع دور الشيعة.
وكان رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، وهو أحد قادة السنة ورئيس تحالف تقدم، قد أشار في تغريدة يوم (3 تشرين الثاني 2022)، إلى أن “المضي بتشريع قانون خدمة العلم يضمن إعداد جيل من الشباب أكثر قدرة على مواجهة مصاعب الحياة، ملم بالحقوق والواجبات، ومتحفز لحفظ الدولة وسيادتها”.
وتعد تغريدة الحلبوسي هذه دعماً مباشراً لمشروع القانون الذي أرسل من قبل الحكومة العراقية السابقة إلى البرلمان في عام 2021.
النائب عن تحالف السيادة، عبد الكريم الجبوري إن إقرار قانون خدمة العلم الذي وصفه بـ “ضرورة دستورية”، من شأنه أن “ينهي الطائفية في الجيش”، مشيراً على سبيل المثال، إلى أن المواطن من البصرة سيخدم في دهوك، فيما سيخدم المواطن من السليمانية في مدن العراق الأخرى.
وينص مشروع القانون على إلغاء قانون الخدمة العسكرية لسنة 1969 وتعديلاته، بعد إقرار القانون الجديد.
عبد الكريم الجبوري رأى أن الجيش سيكون “مؤسساتياً أكثر وسيكتسب عقيدة وطنية بسبب هذا القانون”، منوّهاً إلى أن “القراءة الأولى للمشروع ستتم، لكن مناقشات كثيرة ستعقبها”.
الشيعة: الوقت ليس مناسباً
بالمقابل، يعارض نواب الإطار التنسيقي الذين يشكون الأغلبية في مجلس النواب العراقي، تمرير قانون خدمة العلم.
في هذا السياق، قال النائب عن الإطار التنسيقي عارف الحمامي : “لدينا ملاحظات كثيرة على مشروع القانون، بعضها يتعلق بالتوقيت الذي يعد غير مناسب الآن”، مؤكداً أن “العراق ليس بحاجة إلى جيش من هذا النوع، في وقت لديه أكثر من مليون جندي”.
وأضاف أن تنفيذ هذا القانون يتطلب انفاق مبالغ كبيرة من الموازنة وسيشكل عبئاً عليها، خصوصاً وأن الجيش بحاجة إلى المستلزمات العسكرية والسلاح والمخازن.
عارف الحمامي رأى أن “هناك فساداً في المؤسسة العسكرية لم يسيطر عليه حتى الآن”، معتبراً أن “إقرار قانون خدمة العلم، سيفتح باباً جديداً للفساد”.
ملاحظات الأطراف الشيعية على توقيت المشروع تأتي في وقت، تنص فيه المادة 66 منه على أن القانون ينفذ “بعد مرور سنتين من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية”.
النائب عن الإطار التنسيقي أوضح أن قوانين مثل خدمة العلم، ستراتيجية وحساسة وتتطلب توافقاً بين الأطراف السياسية، مبيّناً أن رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، هو الداعم الرئيسي له.
لوي الأذرع
يبدو أن الخلافات حول مشروع لا تتعلق بتوقيت تشريعه، وحجم الميزانية التي يحتاج اليها الجيش بعد إقرار القانون فقط، إنما في المشاكل المتعلقة بالتوازن بين المكونين الشيعي والسني في المؤسسات العسكرية والأمنية.
المختص في الشؤون الأمنية، أحمد الشريفي، قال إن “للشيعة اجنحة عسكرية ومجموعات مسلحة، ولا يرغبون في تمرير القانون ووجود جيش قوي يحدث تغييراً في ميزان القوى”.
يشكل الشيعة أغلب منتسبي الحشد الشعبي ويترأسون هيئتها، في وقت لا تبلغ نسبة السنة في الجيش حداً يبدد مخاوفهم.
النائب عبد الكريم الجبوري، بيّن بأنهم لا يعرفون نسبة السنة في الجيش بسبب عدم إجراء الإحصاء.
قبل سقوط النظام السابق عام 2003، كان أغلب قادة القادة العسكريين من المكون السني، لكن المعادلة التي انبثقت بعد ابعاد حزب البعث عن السلطة، مختلفة تماماً وتصب في مصلحة الشيعة.
بشأن المخاوف من حدوث انقلاب عسكري، شدد أحمد الشريفي على أن تبديدها يتطلب نظاماً ديمقراطياً قادراً على ضمان منع حدوثه.