وزير المالية السابق: عملية سرقة اموال هيئة الضرائب حصلت من خلال عملية مباشرة بين الهيئة ومصرف الرافدين

أكد وزير المالية الأسبق، علي علاوي، أن أحد العوامل الرئیسیة التي أدت إلى “السرقة الوقحة” من صندوق أمانات الهيئة العامة للضرائب، هو حقیقة أن “الوزارة وأذرعها والدولة ككل متأخرة بشكل مؤسف من حیث اعتماد أنظمة المعلومات والمحاسبة وإعداد التقاریر الآلیة”.

وأشار علي علاوي إلى “عدم انصیاع بعض المدراء العامین وموظفي الدولة إلى الأنظمة والقوانین الحاكمة في مهامهم وعدم اتباعهم الأوامر الوزاریة وتوجیهات الوزیر وإخفائهم المعلومات ومنع الدوائر الرقابیة من القیام بدورها”.

وزير المالية الأسبق، أكد أنه “في قضیة أمانات الضرائب تم تحریر ما لا یقل عن 247 صك رد أمانة رغم توجیه وزیر المالیة الصریح بإیقاف ذلك”.

فيما يلي نص بیان وزیر المالیة الأسبق الدكتور علي علاوي بشأن المبالغ المسروقة من هیئة الضرائب:

في 16 آب 2022 قدم وزیر المالية الأسبق الدكتور علي علاوي استقالته من الحكومة العراقیة. لقد أوضح حینها في بیان تفصیلي أسباب الاستقالة، واضمحلال مؤسسات الدولة وتدهورها، وخاصة في القطاع المالي والمصرفي، وانتشار التدخلات غیر المشروعة من خارج الوزارة في إدارة الدولة.

بعد شهرین من الاستقالة واجهتنا ربما واحدة من أكبر الفضائح المالیة في العصر الحدیث. الضجة من الرأي العام الغاضب كانت صحیحة تماماً لأنه من غیر المعقول أن یتم سرقة هذا الكم الهائل من الأموال بوقاحة مع الإفلات التام من الرقابة والمحاسبة والعقاب.

لكن النطاق الهائل للفضیحة یوفر أيضاً فرصاً لتقدیم مزاعم غیر مسؤولة واستخلاص النتائج دون أي مبرر جاد. ولهذا الغرض وجد من الضروري أن یوضح بالتفصیل موقف وزارة المالیة من منظور وزیر المالیة حتى یكون الجمهور على درایة بحقائق الأمر.

أولاً:

1. بتاریخ 13 تموز 2021 ورد كتاب اللجنة المالیة بالبرلمان السابق بالعدد (2021) یطلب حصر التدقیق على الأمانات الضریبیة والكمركیة من قبل الهیئة العامة للضرائب دون المرور بدیوان الرقابة المالیة، ویستند بذلك الطلب إلى ورود شكاوى للجنة المالیة بخصوص عملیات التأخیر وغیرها من الأسباب الواردة في كتاب اللجنة.

2. هناك مراسلات بین دیوان الرقابة المالیة ومكتب رئیس الوزراء حول نفس المضمون حیث یؤید دیوان الرقابة المالیة مقترح اللجنة المالیة للبرلمان. علماً أن كتاب دیوان الرقابة المالیة لمكتب رئیس الوزراء بالعدد 27721/3/1/1 في 27 تموز 2021 وكتاب أجابه مكتب رئیس الوزراء للدیوان بالعدد م. ر.س /س/د 2907/2 في 1 آب 2021.

3. ورد كتاب آخر من رئیس اللجنة المالیة السابق ذي العدد 2126 في 3 آب 2021 إلى وزیر المالیة یؤكد الطلب السابق ویشیر إلى موافقة مكتب رئیس الوزراء ودیوان الرقابة المالیة في ضوء مراسلاتهم المشار إلیها في 2 أعلاه.

4. ورد كتاب إلى وزیر المالیة من الهیئة العامة للضرائب بالعدد 61 س /1046 في 10 آب 2021 یشیر فیه إلى الكتب والموافقات أعلاه ویطلب من وزیر المالیة العمل بها.

ثانیاً: إن موافقة وزیر المالیة في 26 آب 2021 تمت وفق ما جاء أعلاه حیث استندت إلى طلب الجهة التشریعیة المتمثلة باللجنة المالیة للبرلمان السابق، وموافقة كل من دیوان الرقابة المالیة ومكتب رئیس الوزراء، وكذلك طلب الجهة المسؤولة عن العملیة (الهیئة العامة للضرائب) والتي یتیح لها الطلب بذلك طبیعة هیكل العمل في الوزارة والذي یتضمن قیام المؤسسات والشركات والهیئات التابعة لها، بإدارة شؤونها المالیة وفق قوانین تأسیسها، وعلى وفق الصلاحیات والأصول المرعیة. مع العرض أن موافقة وزیر المالیة كانت مشروطة بتنفیذ الضوابط المرعیة بالموضوع.

ثالثاً: ولضمان عدم التلاعب في الأمانات الضریبیة أصدر وزیر المالیة بتاریخ 5 آب 2021 الأمر الوزاري رقم (5) قرر فیه تشكیل لجنة مركزیة وزاریة برئاسته لغرض تنظیم والإشراف على مهام عمل الضرائب بما في ذلك متابعة ردیات المكلفین والتنسیق مع القسم المالي عن مدى صحة تسدید المكلف.

رابعاً: إن الاجراءات الإداریة والأدوات الرقابیة أعلاه التي أوعز بها وزیر المالیة أدت إلى استحالة الاستحواذ على الأمانات الضریبة من خلال ترویج معاملات ردیات زائفة من قبل المجموعة المتهمة بالسرقة.

خامساً: قامت هیئة النزاهة بالتحقیق في بعض معاملات رد مبالغ الأمانات الضریبیة المشكوك بها، وجاءت نتائج هذا التحقیق في كتاب هیئة النزاهة الاتحادیة عدد ت 5/ 7079 في تاریخ 31 آب 2021 والذي أشار إلى أن هیئة النزاهة لم تطلب إیقاف الصك الناتج عن معاملة رد مبالغ الأمانات الضریبیة المشكوك بها وعدم وجود ضرر في المال العام وأشار كتاب النزاهة أعلاه إلى اتخاذ اللازم في المضي برد الأمانات الضریبیة.

سادساً: قام وزیر المالیة بإبلاغ مكتب رئیس الوزراء عدة مرات عن المخاطر المثیرة في السماح باستمرار هذا الوضع. وفي 29 أیلول، 2021 أبلغ وزیر المالیة مكتب رئیس الوزراء حرفیاً…. “إنهم ینقلون ویعینون الحمقى الذین علي أن أزیل فوضاهم لاحقاً. لا یمكنني الاستمرار على هذا النحو عندما أعلم أن الوزارة تلتهم من الداخل ولا یمكنني فعل أي شيء حیال ذلك. كل الدوائر مخترقة من الاأحزاب والمتنفذین ولا یوجد أي شخص ذو قدرة وقابلیة مستعد أن یعمل في هذه الأجواء.”

سابعاً: ورغم أعلاه، عندما وردت إلى مكتب الوزیر مؤشرات تثیر الشك باستمرار عملیات التلاعب بما یتعلق باسترداد الأمانات الضریبة خاطب وزیر المالیة في 1 تشرین الثاني 2021 الهیئة العامة للضرائب بطلب أولیات جمیع معاملات استرداد الأمانات التي تمت خلال عامي 2020 و2021.

ثامناً: وللتأكید على منع التلاعب، نسب وزیر المالیة في 4 تشرین الثاني 2021 على عدم قیام الهیئة العامة للضرائب بصرف رد أمانات للمكلفین قبل استحصال موافقة الوزیر وأن تعرض جمیع معاملات استرداد الأمانات على الوزیر بعد استكمال كافة الاجراءات الأصولیة.

تاسعاً: قام وزیر المالیة بتاریخ 5 تشرین الثاني 2021 بالتأكید على مكتب السید رئیس الوزراء بورود شكوك حول استمرار عملیات التلاعب بما یتعلق باسترداد الأمانات الضریبة. وقد تم تقدیم تقریر حول ذلك.

عاشراً: ما لم یكن بالإمكان رصده هو قیام المجموعة المتهمة بالسرقة (بتحریر صكوك دون ترویج معاملات استرداد أمانات من خلال عملیة مباشرة بین الهیئة العامة للضرائب ومصرف الرافدین) ودون أن یتم الكشف عن ذلك من قبل دائرة التدقیق والرقابة في الوزارة. وبالتالي فإن ما جرى هو عملیة تم تنفیذها داخل أروقة الهیئة العامة للضرائب ومصرف الرافدین، ومن ضمن الصلاحیات المتاحة لهما، دون أن یكون لوزارة المالیة أي تدخل في هذه الممارسات الخطیرة. حیث لم یصل إلى وزیر المالیة أي إبلاغ من دوائر الوزارة عن عملیة تحریر وسحب الصكوك المشار لها ولم یقم مصرف الرافدین بدوره بإبلاغ الوزیر عن المبالغ الهائلة التي تم سحبها من المصرف على رغم من لقاء الوزیر بإدارات المصارف دوریاً لمتابعة شؤونها.

أحد عشر: أدى انسحاب دیوان الرقابة المالیة وحصر عملیة تدقیق معاملات إعادة مبالغ الأمانات الضریبیة بالهیئة العامة للضرائب، وحسب طلب اللجنة المالیة لمجلس النواب، إلى زیادة إمكانیة الاحتیال على هیئة الضرائب. ومع ذلك، فإن الإجراءات الداخلیة لهیئة الضرائب للتحقق من شرعیة معاملات الأمانات كان یجدر بها وقف الاحتیال المباشر. ولكن یبدو أن ما حدث هو أنه تم إصدار صكوك لإعادة الأمانات دون أي معاملة مسجلة أو أثر ورقي، مما یعني أنه لا یوجد تدقیق من أي مصدر، یمكن أن یوقفها لأنها كانت خارج السجلات. وهكذا تلقى الأشرار صكوكاً لم یتم تسجیلها في حسابات هیئة الضرائب. وبحسب التعلیمات التي أصدرها وزیر المالیة، لم یكن بالإمكان إصدار صكوك دون المرور بخطوات التدقیق الخاصة بهیئة الضرائب، متبوعة بموافقة محددة من مكتب الوزیر. لم یتم اتباع أي من هذه الخطوات في جمیع الصكوك التي تم إصدارها للأشرار.

اثنا عشر: أحد العوامل الرئیسیة التي أدت إلى هذه السرقة الوقحة هو حقیقة أن الوزارة وأذرعها والدولة ككل متأخرة بشكل مؤسف من حیث اعتماد أنظمة المعلومات والمحاسبة وإعداد التقاریر الآلیة. ولمعالجة ذلك وضع وزیر المالیة أربعة برامج مختلفة لأتمتة الوزارة بالكامل، وهیئات الكمارك والضریبة، وإنشاء حساب الخزینة الموحد. إذا كانت هذه الأنظمة متوفرة بالكامل لكان من المستحیل أن تحدث سرقة بهذا الحجم. ولكن هذه البرامج لم یتم تثبیتها بالكامل بعد. ویستغرق الأمر المزید من الوقت والإرادة على كبح مقاومة التغییر ومواجهة المقاومة الواسعة والعمیقة للأتمتة حتى تنقذ الأنظمة وتعمل بكامل طاقتها.

ثلاثة عشر: وهنا نود أن نشیر إلى أن عدم انصیاع بعض المدراء العامین وموظفي الدولة إلى الأنظمة والقوانین الحاكمة في مهامهم وعدم اتباعهم الأوامر الوزاریة وتوجیهات الوزیر وإخفائهم المعلومات ومنع الدوائر الرقابیة بالقیام بدورها والإبلاغ، كما حصل على سبیل المثال ولیس الحصر في قضیة عشتار حیث تم توقیع العقد رغم توجیه وزیر المالیة الصریح خلاف ذلك، وقضیة أمانات الضرائب حیث تم تحریر ما لا یقل عن 247 صك رد أمانة رغم توجیه وزیر المالیة الصریح بإیقاف ذلك، كل هذا بسبب الولاء إلى جهات سیاسیة متنفذة تسترزق من حیتان الفساد وتوفر الحصانة إلى الفاسدین.

أربعة عشر: ننصح من یتولى المسؤولیة أن یتم تدقیق حسابات الأمانات الأخرى في الدولة وبضمنها حسابات هیئة الكمارك.

وفي الختام نسأل الله تعالى أن یعین ویوفق الجهات القضائیة التي تبحث وتعمل على معاقبة الفاسدین بأداء أعمالهم بأكمل وجه وارجاع الحق والمال العام للشعب.