أكد رئيس تيار الحكمة عمار الحكيم، اليوم السبت، أن الانسداد السياسي بات مضرا بمصالح الناس ومعطلا لعمل مؤسسات الدولة، فيما بين أن رفع سقف المطالب السياسية من دون وجود مشاريع واقعية وعملية لا يمثل مدخلاً لحل الملفات العالقة.
وقال الحكيم في كلمته خلال “المؤتمر الإسلامي لمناهضة العنف ضد المرأة” وتابعته السومرية نيوز، إن “لا شك أن تعقيدات الساحة وإختلال التوازنات السياسية والإصطفافات التي حصلت عقب الإنتخابات والصراع الإعلامي الدائر، كلها أزمات قد أخذت مأخذها من البلاد وقتا وجهدا وترقبا، وما زال المواطنون يترقبون الحل ونهاية الانسداد السياسي، الذي بات مضرا بمصالح الناس ومعطلا لعمل مؤسسات الدولة”.
وأضاف، إن “رمي الاتهامات والتنصل عن المسؤوليات والتصعيد المفتوح كلها أمور لا تخدم المواطنين بشيء ولا تزيدهم إلا نفورا وحنقا على جميع الأطراف”، مبينا إن “رفع سقف المطالب السياسية من دون وجود مشاريع واقعية وعملية لا يمثل مدخلاً لحل الملفات العالقة والضاغطة خدمياً وعمرانياً وإقتصادياً”.
وتابع، “علينا جميعا أن ندرك بأن سياسات التزمت والتنمر، لا يمكنها أن تكون بديلاً لما ينتجه الحوار، لأننا لسنا أمام خيارات وتوقيتات مفتوحة بل أمامنا خيار واحد هو أن نتقدم ونتجاوز الإشكاليات معا بإيثار ووعي ومثابرة مضاعفة”، مردفا، “علينا أن نتذكر دوما أن العراق أكبر منا جميعا وخيمته تستوعب الجميع ولا يمكن إختزال الوطن في قومية او مذهب او جهة دون أخرى”.
وأوضح الحكيم، ان “حشد جميع الطاقات الاجتماعية والسياسية واستثمارها وتوحيد بوصلتها تمثل الحل الأمثل لما نمر به، فكل الأطياف والكيانات يجب حضورها وفاعليتها في هذا الظرف الزمني الحساس والخطير من عمر العراق”، لافتا الى ان “حضور الجميع لا يعني مشاركة الجميع في العمل الحكومي والتنفيذي على أسس المحاصصة والتوافقية السلبية وإنما يعني فاعلية الجميع في صنع القرار ودعم الإنجازات والنجاحات وتقديم التوصيات والمقترحات البناءة التي تقوى بها الدولة وتنجح بها الحكومة في خدمة المواطنين ومصالحهم.
وبين، “لقد بينا سابقا ونؤكد اليوم مرة أخرى بأننا لا نشارك في الكابينة الحكومية القادمة لا من منطلق الهروب من المسؤولية بل من منطلق فسح المجال أمام رئيس الحكومة لإختيار فريقه الناجح والمنسجم وسوف نساند وندعم كل إنجاز ونجاح يتحقق، ونعده نجاحا لنا جميعا وسنؤشر على مكامن الخطأ من منطلق الحرص والنقد البناء بعيدا عن إضعاف الدولة ومؤسساتها، وهو الأمر الذي دأبنا عليه في تقوية الدولة ومؤسساتها على الدوام”.
وذكر، “إننا نؤكد دعوتنا إلى جميع الأطراف بتغليب المصلحة الوطنية العليا من خلال التعاون والتحاور البناء، وترك الإنفعالات والإتهامات جانبا وعلينا جميعا احترام الرأي والرأي الآخر، وعدم الزهد بأي طاقة وطنية يمكنها المشاركة في صنع القرار وتقديم الأفضل من الرؤى والمشاريع، وليس معيبا أن نختلف في الأفكار والرؤى ولكن من المعيب أن لا نجد حلا لمشاكلنا ولانحدد نقاط الالتقاء المشتركة التي تجمعنا في بناء الوطن وصيانة مصالحه وتقوية الدولة”.
وأكد إن “العديد من المشاريع الوطنية المطروحة في ساحتنا التي تهدف الى تطوير النظام وتعديل المسارات وتصحيح الأخطاء هي مشاريع حقة نتبناها ونعتقد بضرورتها ونشارك الآخرين من القوى الخيرة في المضي بها قدما، وقد طرحنا العديد منها في العقد المنصرم”.
وقال رئيس تيار الحكمة، “لانزال نعتقد بأهمية تحقيق عقد إجتماعي وسياسي جديد، أكثر رصانة وتطورا وإجماعا، وما زلنا ندعو الى مراجعة وتطوير العديد من البنود الدستورية التي أثبتت التجربة أنها منقوصة أو غير عملية، ونؤمن بوجوب التحالفات الوطنية العابرة للمذهبية والقومية، ونؤكد على وجوب تجاوز المحاصصة السلبية من خلال ثنائية (الأغلبية الفاعلة و المعارضة البناءة)، كما نتبنى ضرورة التمثيل العادل والمتوازن للمكونات الإجتماعية وإدارة التنوع في بلادنا”.
وتابع، “كل هذه المشاريع وغيرها طرحناها ونظرنا لها وبادرنا بمفاتحة جميع الجهات بها سابقا ونكرر موقفنا بضرورة المضي بها وفقا للأسس التالية :
أولا: التدرج الآمن والمنطقي
نحن نؤمن بأن المشاريع الكبرى في ظل الأنظمة الديمقراطية بحاجة الى ثلاثية الإنضاج والإجماع والتقنين، ولايمكن الإستعجال والإنفراد في المضي بها وتجاوز الأطر القانونية في فرضها او تمريرها.
إن مشاريع كبيرة كالتعديلات الدستورية والقوانين الحساسة والإستراتيجيات الوطنية تحتاج الى مشاركة فاعلة من جميع المكونات الإجتماعية والنخب الأكاديمية والثقافية والشبابية للمضي بها في بيئة مستقرة غير منفعلة، وهي لا تنحصر في الوجود البرلماني والسياسي فحسب وإنما هي قضايا وطنية تستدعي مشاركة حقيقية من الجميع.
ثانيا: الحوار والتفاهم:
إن عملية التصحيح والتغيير في الأنظمة الديمقراطية تقوم على حوارات فاعلة وإنفتاح على الرأي والرأي الآخر، وأما فرض الإرادات وتبادل الاتهامات وقطع جسور الحوار فهي سدود منيعة أمام أي تحول سياسي واجتماعي إيجابي وآمن في البلاد.
ثالثا: التوقيتات الصحيحة:
إن التحول الديمقراطي الآمن بحاجة الى بيئة سليمة وتوقيتات صحيحة، فالمطلوب هو أن ننتقل الى مرحلة أكثر إستقرارا وقوة و إزدهارا لا أن نفرض على الدولة والمجتمع مشاريع آنية ومنفعلة تخرجنا من أزمة عميقة الى أزمات أعمق وأكثر تعقيدا.
نحن بأمس الحاجة الى تهدئة النفوس قبل تعديل النصوص وتصفية النوايا قبل تصفية الحسابات وتقبل الآخر بدلا من حذفه أو تجاهله، وإلى المشاركة والتعاون بدلا من التنافر والتقاطع.
رابعا: الثقة المتبادلة:
إن إنعدام الثقة والتشكيك بالآخر وإحتكار حق التغيير وتجاهل الآخرين تمثل عوائق صادمة ومعطلة لأي تحول إيجابي في البلاد.
ودعا الحكيم “جميع الأطراف والشركاء والإخوة الذين لا أشك في إخلاصهم ووطنيتهم ونواياهم الطيبة الى تغليب مصلحة الوطن ومصافحة أيادي المحبة والأخوة والاستناد لبعضنا لنتجاوز الأزمات الراهنة معاً نحو مستقبل آمن ومزدهر لأبناء شعبنا”.
ووجه الحكيم رسالة مقتدى الصدر والتيار الصدري، قائلا: أقول لهم: (كنا وما زلنا و سنبقى أبناء وطن واحد و تاريخ واحد وأسرة واحدة، لا يجب أن يفرقنا اختلاف الآراء وسوء الفهم ولا تمزق وحدتنا أيادي الفتنة والجهل والبغضاء)، لم نزهد يوما بعلاقاتنا الأخوية معكم، على الرغم من التصعيد الإعلامي والممارسات الخاطئة التي صدرت بحقنا وبحق مؤسسات الدولة وتعطيلها، وكنا مع إخوة آخرين من القوى الوطنية في الإطار التنسيقي وفي غيره أول المبادرين لإقناعكم بالعدول عن مقاطعة الإنتخابات وأول المهنئين لكم بفوزكم فيها وأول الداعمين لمشروع الأغلبية الوطنية بشروطها المطلوبة ومنها حفظ مكانة المكون الإجتماعي الأكبر .
وأكمل الحكيم، “وسبق أن كنا حلفاء في ميادين إجتماعية وسياسية عديدة منذ سنوات طوال ونقدر ونحترم مكامن الإختلاف في وجهات النظر ولا نرى ذلك سبباً لأي تشنج أوإتهام او تشكيك”، موضحا، “ما زلنا نعتقد مع الإخوة في الإطار التنسيقي بأهمية أبناء التيار الصدري وحضورهم وفاعليتهم في مراكز القرار والعمل في مؤسسات الدولة لا وفقا لإستحقاقهم الإنتخابي فحسب بل لوجود الطاقات الخيرة والوطنية في هذا التيار”.
وأشار الحكيم الى ان “الإطار التنسيقي بذلوا ويبذلون أقصى الجهود للحفاظ على اللحمة الوطنية ووحدة المكون الإجتماعي الأكبر والشراكة الحقيقية في القرار وستبقى أبواب المحبة والأخوة مفتوحة ويمكن الخروج بخارطة طريق مرضية للجميع تتخذ من المصلحة الوطنية هاجساً وهدفاً”.
وقال الحكيم إن “الذهاب إلى انتخابات مبكرة بحاجة الى تمهيدات ومناقشات برلمانية وقانونية تجعل من هذا الخيار مسارا عمليا آمنا و مقبولا من جميع الشركاء وهو خيار قابل للمناقشة والتفاهم والتنفيذ بعد تشكيل الحكومة الجديدة وتعديل قانون الإنتخابات وضمان سلامة أداء المفوضية العليا المستقلة للانتخابات وتوفير المتطلبات اللوجستية والفنية المطلوبة لإجراء إنتخابات نزيهة تعالج أخطاء الأمس القريب وإقرار الموازنة العامة للبلاد”، داعيا “جميع الأطراف الى أعلى درجات ضبط النفس سياسياً وشعبياً وإعلامياً وفسح المجال لتغليب العقل والمنطق والتفاهم”.