عقد رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي مؤتمرا صحفيا في بغداد بحضور عدد من الوسائل الإعلامية، أعلن خلالها عن عدة قرارات اصدرتها الحكومة العراقية.
واشاد الكاظمي بدور الصحفيين والمسؤولية الملقاة على عاتقهم، لافتا الى ان “في العراق هناك حرية للصحافة وحرية للتعبير عن الرأي، ويجب أن نفهم كيف نستفيد من هذه الحرية”، مؤكدا دعم الحكومة العراقية للصحفيين وما يحتاجون من الدولة للوصول إلى المعلومة.
وأشار الكاظمي الى الأوضاع التي ولدت من رحمها الحكومة العراقية الحالية، بعد أحداث تشرين 2019 واستقالة الحكومة السابقة، مع انهيار أسعار النفط وانتشار وباء كورونا في أقصى درجاته، بالإضافة إلى وضع أمني معقد جداً.
“تشكلت هذه الحكومة وقبلنا المسؤولية رغم أن كل ظروف النجاح كانت غير متوفرة، قبلنا بالمسؤولية لكي نحقن دماء العراقيين، هذا البلد يمر بظروف معقدة منذ أكثر من سبعين عاماً من المعاناة من الدكتاتورية، والحروب، وسوء الإدارة والفساد وهو ما أنتج وضعاً معقداً ثم أُنتجت ثورة تشرين”، على حد قول الكاظمي.
وشدد رئيس الوزراء العراقي على أن “العراق يمر بظروف معقدة وصعبة، لكن هناك من يحاول أن يستغلها في صنع ثقافة اليأس والإحباط وجلد الذات، وأن بعض القوى السياسية وبعض المؤسسات الإعلامية التابعة لها تقوم بهذا الترويج”.
وقال الكاظمي: “لدينا مشكلة سياسية وانسداد سياسي وظروف صعبة، مضيفا ان الانسداد السياسي يؤثر في أداء الحكومة والدولة ومعنويات الموطنين، و “لا نقبل أن نرى بلدنا بهذا الظرف ونبقى كالمتفرجين”.
ونوّه الى ان “اليوم تكون هذه الحكومة قد أكملت سنتين من عمرها، وفي ظروف معروفة، وهناك من يحملها وزر أخطاء 18 سنة من الطائفية وسوء الإدارة والمذهبية وتحت عناوين لمكونات مختلفة”، مضيفا ان ” هناك من يحاول استغلال بعض الظروف للترويج بوجود وضع أمني سيئ، لكننا قبل سنتين كيف كان الوضع الأمني وكيف هو الآن؟، نعم هناك محاولات من قبل جماعات إرهابية للحصول على موطئ قدم أو على خبر إعلامي، في مقابل هناك العشرات من العمليات اليومية التي تخوضها قواتنا المسلحة ضد الجماعات الإرهابية”.
ولفت الكاظمي الى تنفيذ جهاز مكافحة الإرهاب لعملية في الموصل، قبل شهور، “قتل فيها 45 إرهابياً في عملية واحدة، ولدينا يومياً عمليات بالضد من الجماعات الإرهابية، ولكن هناك من يحاول الترويج لوجود وضع أمني سيئ”.
وصرح بأن” هناك محاولات لقتل مدنيين من قبل الجماعات الإرهابية للحصول على خبر إعلامي يتيم، وفي مقابل هذا أقول إن المتاجرة بدم العراقيين هو أمر معيب وغير مقبول”.
وأكد ان “الأجهزة الأمنية يعملون ليلاً ونهاراً لحماية المواطنين وتوفير الأمن. وأنا أجري جولات يومية في بغداد بطريقة خاصة، وأشاهد الناس وأرصد حالات سلبية كثيرة، وفي كثير من الأحيان أرى حالات إيجابية. وهذه نحاول أن نحميها، بينما نتابع الحالات السلبية”.
وتطرق رئيس الوزراء العراقي، خلال مؤتمره الصحفي، الى الوضع الاقتصادي والخدمي في البلاد، لافتا الى ان حجم الاحتياطات المالية في البنك المركزي العراقي وصل الى 76 مليار دولار حتى الآن، وسيصل الى 90 مليار دولار نهاية العام الحالي، مؤكداً: لدينا مبالغ جيدة من الفائض النفطي.
تصاعد حجم الاحتياطي المالي في البنك المركزي العراقي، بعد اتخاذ الحكومة العراقية عدّة إجراءات منها رفع سعر الدولار أمام الدينار، وصعود أسعار النفط في الأسواق العالمية.
وأوضح رئيس الوزراء العراقي ان الحكومة العراقية تحتاج شهرياً تقريباً إلى سبعة مليارات دولار لصرف الرواتب، لافتا الى ان هذه الحكومة قامت ببعض الإصلاحات وانتجت وضعاً جديداً ونمواً بنسبة 9,5% حسب تقارير صندوق النقد الدولي ويشار كذلك إلى أن العراق أسرع الدول في المحيط العربي، وهناك مشاريع أخرى ساعدت الحكومة في دعمها.
الكاظمي قال: “دخلنا الآن الشهر السادس من السنة بدون موازنة، فكيف ندير الدولة وما هي آلية الصرف، فهل تجيبنا الأطراف التي ترفع الشعارات الشعبوية عن كيفية الصرف، فقط عرقلة، لذلك نحن بحاجة إلى إقرار قانون الأمن الغذائي”، موضحا ان “قانون الأمن الغذائي ليس موازنة وإنما آلية للاستفادة من الفائض المالي لدفع بعض تكاليف الدولة الطارئة، الكهرباء واستيراد الغاز ودعم البطاقة التموينية التي تهم شريحة مهمة من الشعب العراقي”.
وأشار الى ان الحكومة العراقية تفكر بتوفير بطاقات ذكية للشرائح الفقيرة والمحتاجة تدفع لهم الأموال عن طريق هذه البطاقة ويشتري من خلالها ما يحتاجه، بدلاً من فرض حصة معينة عليه، ويمكن من خلال القانون دعم الفئات الفقيرة عن طريق الرعاية الاجتماعية.
وقال رئيس الوزراء العراقي، ان السبب وراء مشكلة الكهرباء هي السياسات العبثية الممارسة في السابق، الى جانب محاولات تخريب التمديدات والأبراج الكهربائية، وانقطاع الغاز الإيراني، مشيرا الى انه لا توجد أي ديون بشان الغاز الإيراني على الحكومة العراقية الحالية، وان جميع ديون المتعلقة بالغاز الإيراني من الحكومات السابقة.
وأردف: م”ع كل هذا، وفرت هذه الحكومة كل المبالغ المالية ولم نتأخر ليوم واحد في الدفع، لكن هناك ديون ما قبل عام 2020، وتم قطع الغاز. وهناك أجواء سيئة أثرت على تجهيز الطاقة الكهربائية، لكن الإخوان في الجمهورية الإسلامية وعدونا بحل الموضوع وأن يعيدوا ضخ احتياجاتنا من الغاز في الأيام المقبلة”.
وتطرق الكاظمي الى الأزمة الغذائية التي تهدد العراق ودول في انحاء العالم، محذرا المتلاعبين بأسعار المواد الغذائية في الأسواق. مشيرا الى قانون الأمن الغذائي الذي يستعد مجلس النواب العراقي للتصويت عليه في جلسته المقبلة غدا، وأنه “لا يُغني عن الموازنة”.
وقال الكاظمي انه “وجهنا الأجهزة الأمنية بأن تقوم بواجبها في متابعة أي شخص يحاول أن يتلاعب بالأسعار، خاصة بعد أن حصل التجار على إعفاءات كمركية لكي يحافظ السوق على اسعاره”.
كما تحدّث الكاظمي للحفيين عا حادثة تسريب الامتحانات النهائية للصف الثالث المتوسط، قبل أيام، مبينا ان “هناك خلل حقيقي بوزارة التربية في موضوع تسريب الأسئلة. وهذا شيء معيب في بلد الكلمة الأولى أن يصل المستوى التعليمي فيه إلى هذا المستوى. حصلت عملية تسريب الأسئلة، ووجهنا بتحقيق، ومع الأسف فإن وزارة التربية لم تكن بمستوى التحقيق”، وذكر الكاظمي ان حكومته وجهت “جهاز الأمن الوطني أن يكون عضواً في اللجنة التحقيقية وألقينا القبض على خمسة مسؤولين كبار موجودين الآن في التوقيف، ودوافع التسريب هي خلق بلبلة وليس مال او شيء آخر”.
وذكر ايضا ان “مقابل هذه الصورة السلبية في التعليم والتربية، هناك صور إيجابية، وقبل أيام اتخذنا قراراً وأطلقنا الاستراتيجية الوطنية لتنمية الطفولة المبكرة في العراق إلى عام 2031، كخطوة أولى للوضع اللمسات لعملية تربوية تليق بالعراقيين”، وان الحكومة العراقية “ستضع بعد أيام حجر الأساس لبناء أول 1000 مدرسة ضمن الاتفاقية الصينية العراقية”.
وأشار الكاظمي الى حاجة مناهج التعليم فبي العراق الى التطوير وتغيير في الشكل والمضمون، من أجل أن يواكب العراق التطور في الأساليب العلمية التربوية وعلى مستوى العالم، مؤكدا ان “هذه العملية تحتاج إلى الدعم والتكامل بين جميع مؤسسات الدولة”.
فيما يخص ملف العلاقات الخارجية، ذكر رئيس الوزراء العراقي ان “العراق اصبح اليوم محطة التقاء الكثير من الدول، العراق موقعه ستراتيجي ويتمتع بثروات طبيعية وبشرية كلها عوامل تساعد العراق على لعب دور مهم في المنطقة والعالم”، مردفا بأن “العراق قبل سنتين كان أقرب لدولة شبه منعزلة، كانت هناك أزمة ثقة، اليوم استعدنا علاقات العراق مع العديد من دول المنطقة والعالم، اليوم بغداد مدينة السلام هي نقطة التقاء ونقطة لتخفيف التوترات في المنطقة والمصالحة”.
“هناك خمس محاولات لتصفية خلافات بين الدول حصلت في بغداد، منها الحوار الإيراني السعودي، وهناك حوارات اخرى وجميعها نجحت ولم نعلن عنها في حينها احتراما لطبيعة الدور السري الذي يقوم به العراق”، حسب الاظمي الذي أكد ان “العراق يلعب دوراً في مساعدة بعض الدول بعبور المحن الموجودة فيها”.
وعقب أكثر من نصف عام على إجراء الانتخابات النيابية المبكرة في العراق، تشهد العملية السياسية العراقية انسداداً شديداً بسبب اختلاف الكتل والاحزاب السياسية المشاركة في الانتخابات حول الشخصيات المرشحة لمنصب رئاسة الجمهورية، وشكل الحكومة العراقية المقبلة، ما أثر بشكل كبير على أداء الحكومة التي يرأسها الكاظمي ومؤسسات الدولة وعلى واقع المواطن العراقي، وسط أزمة يعيشها المواطنون بسبب انخفاض قيمة العملة المحلية أمام الدولار وارتفاع أسعار السلع والخدمات في الأسواق.