أكد رئيس وزراء إقليم كوردستان أن قرار المحكمة العليا الاتحادية العراقية “سياسي ولادستوري”، ولهذا رفضته الرئاسات الثلاث والسلطة القضائية في إقليم كوردستان.
في جلسة حوار بعنوان “تخطيط جديد لأمن الشرق الأوسط” في إطار منتدى دافوس الاقتصادي الدولي، تحدث كل من رئيس وزراء إقليم كوردستان مسرور بارزاني، ووزير الخارجية الكويتي أحمد ناصر الصباح، ووزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، ووزير الخارجية ونائب رئيس الوزراء الأردني أيمن الصفدي، عن التحديات الأمنية التي تواجه منطقة الشرق الأوسط.
ووجه إلى رئيس وزراء إقليم كوردستان خلال الجلسة سؤال عن مدى الاستعداد لتنفيذ قرار المحكمة الاتحادية العراقية القاضي بتسليم ملف النفط والغاز في إقليم كوردستان لبغداد، أجاب مسرور بارزاني قائلاً: “القرار ينتهك حقوقنا الدستورية” ولهذا قوبل بالرفض من جانب رئاسة إقليم كوردستان ورئاسة مجلس الوزراء ورئاسة البرلمان والسلطة القضائية في إقليم كوردستان.
وأضاف رئيس وزراء إقليم كوردستان أن العراق خاضع “لتأثير كبير” من أطراف أجنبية ودول أخرى “ولا سيادة له في مجال اتخاذ القرارات”.
ورأى مسرور بارزاني أنه لا ينبغي لحلفاء العراق أن يتركوا العراق وحيداً لأن “الأطراف الأخرى” ستحل محلهم، وقال: “من المهم جداً لكل حلفاء العراق أن يتمسكوا بأن يتخذ العراقيون أنفسهم القرار بشأن مصيرهم”.
وعن المحكمة الاتحادية العراقية، أشار رئيس وزراء إقليم كوردستان إلى أن المحكمة الاتحادية العراقية لم تشكل بالصيغة الدستورية التي كانت مقررة، وأنها تستخدم لإصدار “قرارات سياسية”.
وقال رئيس وزراء إقليم كوردستان أيضاً: نحن نرى أن الدستور هو فوق كل قرارات المحكمة وبالتأكيد نلتزم بالدستور، ونحترمه ونؤدي واجباتنا ضمن إطاره، لكننا في نفس الوقت نطالب بحقوقنا التي منحت لنا بموجب الدستور.
في شهر آب من العام 2007، صدر قانون النفط والغاز في إقليم كوردستان، وتم بموجبه تحديد حقوق وصلاحيات إقليم كوردستان للاستثمار في الحقول النفطية وجميع مصادر النفط والغاز في إقليم كوردستان.
وفي يوم (15 شباط 2022) وتزامناً مع الخلافات بين الأطراف السياسية على تشكيل الحكومة العراقية الجديدة، عدت المحكمة الاتحادية العراقية هذا القانون مخالفاً للدستور.
وقررت المحكمة أيضاً إجبار إقليم كوردستان على تسليم إنتاج الحقوق للحكومة الاتحادية العراقية.
وانتقد رئيس وزراء إقليم كوردستان إهمال وعدم تطبيق الدستور كاملاً من جانب الحكومة الاتحادية العراقية، موضحاً: “عندنا الآن دستور، لكنه مهمل للأسف وهناك عدد كبير من مواده المهمة للمكونات المتنوعة للبلد وقد تعرضت للإهمال”.
وأشار إلى أن عدم تطبيق الدستور أدى إلى “تطهير عرقي” في بعض المناطق، الأمر الذي “أدى إلى تعاون عدد كبير من أبناء المجتمعات المتنوعة، وخاصة الريفية، وتواطؤها مع التنظيمات الإرهابية كالقاعدة سابقاً وداعش حالياً”.
بخصوص الهجمات الصاروخية التي تكررت في الأشهر الماضية واستهدفت أربيل، قال مسرور بارزاني إن تلك الهجمات انبثقت عن عوامل عدة، منها أنها ربما كانت “ضغطاً” يمارس ضد تحالف الكورد والسنة والصدريين “لينسحبوا من التحالف”، في حين يسعى هذا التحالف إلى تشكيل حكومة أغلبية.
وأردف رئيس وزراء إقليم كوردستان يقول إن تلك الهجمات “كانت رسالة أخرى تشير إلى استمرار النفوذ [الخارجي] المتزايد داخل البلد”.
ولوضع حد لذلك النوع من الهجمات، رأى مسرور بارزاني أن “هناك حاجة إلى جهود مشتركة لكل دول المنطقة”.
ومضى رئيس وزراء إقليم كوردستان إلى القول: أنا أطلب الدعم من المجتمع الدولي: من أميركا وأوروبا وكل الدول التي لها مصالح في المنطقة، كما يجب أن يحترموا سيادة البلد. نحن في العراق نسعى لاستعادة الاستقلال في اتخاذ القرارات السياسية، وهذه الجهود هي للتأكد من عدم استمرار النفوذ [الخارجي] المتزايد على العراق كما هو وبدون تغير. كل ما شهدناه حتى الآن، كان مجرد تمنيات وتعليق آمال على التوصل إلى نوع من الحل، لكن لم تتخذ أي خطوات كبيرة لوضع العراق على المسار الصحيح ليتمكن من الدفاع عن نفسه وعن سيادته ولكي لا يتحول إلى ساحة مفتوحة على الهجمات الصاروخية أو صراع النفوذ السياسي بين الأطراف المختلفة، البعض منها قوى وكيلة تمثل أجندات من خارج العراق.
وأدناه نص مداخلة رئيس وزراء إقليم كوردستان، مسرور بارزاني:
“أعتقد أن علينا أن لا نركز على مسألة لوحدها؛ بل علينا أن ننظر إلى أمن مجمل المنطقة، ونرى ما الذي يجري. لا شك أن وقوع هذه الهجمات هو نتيجة لغياب التفاهم، وأحياناً نتيجة لرغبات بعض الدول؛ نتيجة لنفوذ دول أخرى. كذلك، في الانتخابات التي أجريناها في أكتوبر الماضي بالعراق، صوت الشعب وقرروا أي عراق يريدون. تم تشكيل بعض التحالفات؛ وبالتأكيد ومثلما هي حال أي انتخابات ديمقراطية، كان هناك فائزون وخاسرون. للأسف، لم يتمكن الفائزون من تشكيل الحكومة، لأن هناك نهجاً فردياً في العراق، هذا هو النموذج الوحيد الذي رأيته في العالم، والمتمثل في أنك إذا لم يكن عندك ثلثا أصوات البرلمان، لن تتمكن من تشكيل الحكومة. لهذا، يمكن تفسير تلك الهجمات على أنها ضغط على أعضاء التحالف الثلاثي المؤلف من الكورد والسنة والصدريين، لإجبارهم على الانسحاب من التحالف. كذلك كانت رسالة أخرى تشير إلى استمرار ازدياد النفوذ داخل البلد. للأسف، يحتاج وضع حد لتلك الهجمات إلى جهود مشتركة لكل دول المنطقة، بل وأكثر من ذلك، أنا أطلب الدعم من المجتمع الدولي: من أميركا وأوروبا وكل الدول التي لها مصالح في المنطقة، كما يجب أن يحترموا سيادة البلد. نحن في العراق نسعى لاستعادة الاستقلال في اتخاذ القرارات السياسية، وهذه الجهود هي للتأكد من عدم استمرار النفوذ [الخارجي] المتزايد على العراق كما هو وبدون تغير. كل ما شهدناه حتى الآن، كان مجرد تمنيات وتعليق آمال على التوصل إلى نوع من الحل، لكن لم تتخذ أي خطوات كبيرة لوضع العراق على المسار الصحيح ليتمكن من الدفاع عن نفسه وعن سيادته ولكي لا يتحول إلى ساحة مفتوحة على الهجمات الصاروخية أو صراع النفوذ السياسي بين الأطراف المختلفة، البعض منها قوى وكيلة تمثل أجندات من خارج العراق.
عندما تنظر إلى أمن العراق، وكل الأمور التي تحدثنا عنها حتى الآن، سواء النفط أو داعش أو القاعدة، علينا أن نرى ماذا كانت الأسباب التي أدت إلى ظهور تلك الأمور من البداية. في العراق، لو نظرنا إلى مجمل الوضع، نجد أن قرارات سياسية خاطئة عديد اتخذت فكانت سبباً في ظهور تلك المشاكل، ومن بينها المشكلة القائمة اليوم بسبب النفط. إهمال الدستور وعدم احترامه واحد من الأسباب. الفقر، غياب العدالة، اللامساواة، القرارات السيئة والإدارة السيئة، تسببت في هذه المشاكل.
قلت في البداية إني في الحقيقة لا أعتقد أن العراق يتمتع بالسيادة عند إصدار قراراته. بل هو مثقل بتأثيرات الأطراف الخارجية والأجنبية، وعندما يقرر كثير من حلفاء العراق أن يتركوا العراق لوحده ولكي يصدر قراراته بنفسه، لا يحصل هذا. بل تترك ثغرة تشغلها الأطراف الأخرى. من المهم جداً أن يؤكد جميع حلفاء العراق على أن يقرر العراقيون مصيرهم بأنفسهم. فعندما يحدث هذا، وعندما يُحترم الدستور الذي هو إجماع بين كل المكونات المتنوعة في البلد… عندنا الآن دستور، لكنه للأسف مهمَل، وعدد كبير من مواده المهمة جداً لمكونات البلد المتنوعة تم إهمالها. هذه الأمور كانت السبب في خلق المشاكل. فمثلاً، التطهير العرقية بات سبباً في تعاون عدد كبير من المجتمعات المختلفة، وخاصة في المناطق الريفية، وتواطؤها مع التنظيمات الإرهابية كالقاعدة في الماضي وداعش حالياً. حتى في يومنا هذا، هذه القرارات السياسية، ويستخدمون لها ما يسمى “المحكمة الاتحادية”، لكي يصدروا قرارات سياسية باسم مؤسسة قانونية، لا تحل شيئاً. في الحقيقة، يعاني العراق من العديد من المشاكل، وهذه المشاكل تزيد الوضع تعقيداً.
حكومتنا، أعني السلطات الأربع لإقليم كوردستان: الرئاسة، مجلس الوزراء، السلطة القضائية والبرمان رفضوا القرار، لأننا نعتقد أنه قرار سياسي وغير دستوري. هذه المحكمة لم تشكل بالأسلوب والقواعد الدستورية. لهذا، لا شك في أن هذا القرار سياسي أصدرته جهة تسمى “مؤسسة قانونية”. لذلك، هذا ليس بالشيء الذي قد نعتقد بأننا سنقبل به، لأن هذا ينتهك حقوقنا الدستورية. فنحن نضع الدستور فوق كل قرارات المحاكم، ولا شك أننا نلتزم بالدستور ونحترمه ونؤدي واجباتنا، لكن في نفس الوقت نطالب بالحقوق التي يكفلها لنا الدستور.”