أكد رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، حق بلاده في امتلاك الطاقة النووية للأغراض السلمية ولانتاج الطاقة، وفيما أشار إلى أن كل خطوة لحل مشكلة الكهرباء تتطلب عدة سنوات، طرح 14 سؤالاً، ومنها “سبب عدم اتخاذ قرارات الربط الكهربائي مع دول الجوار ودول العالم طوال 17 سنة؟ وقد وجدنا أن البلد مرتبط فقط بشبكة مع الجمهورية الاسلامية الايرانية التي لم تقصر حسب قدرتها”.
جاء ذلك في اجتماع طارئ عقده رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي مع المحافظين بحضور خلية ازمة معالجة الكهرباء، حيث نقل المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء مقتطفات من حديثه.
وقال الكاظمي: “قبل يومين حدثت توقفات وانقطاعات اكبر من المعدل المعروف في منظومات الطاقة الكهربائية، ولن اتحدث عن الاسباب الانية لكل ماحدث، لانني شكلت لجنة تحقيقية خاصة للوصول الى اجابات عن اسئلة يطرحها المواطنون، بمن يقوم باستهداف شبكات نقل الطاقة اليوم؟ ولماذا يستهدفها؟ وهل نحن امام عمليات تخريبية ذات طابع سياسي ام ارهابي؟ وسنجيب عن كل ذلك عند اكتمال التحقيق، وقد وجهت وزارة الداخلية في هذا الجانب برفع مستوى حماية محطات الطاقة وشبكات النقل”.
وأمس الجمعة، وجه الكاظمي بتشكيل خلية ازمة لمواجهة النقص في ساعات تجهيز الكهرباء في عموم البلاد تكون في حالة انعقاد دائم خلال شهري تموز وآب، و باجتماعات متواصلة وتتخذ قراراتها بالاغلبية”، مصدراً عدة قرارات بهذا الشأن ومنها اتخاذ الاجراءات الفورية اللازمة لزيادة ساعات توفير الطاقة الكهربائية في بغداد والمحافظات وإزالة التجاوزات على منظومة الطاقة الكهربائية.
وتابع أن “بعض الاخوة يعتب عندما اقول ان هذه الحكومة تدفع ثمن السياسات الخاطئة والترقيعية وهدر المال لمد 17 سنة في كل المجالات وخصوصاً الطاقة، لا اتكلم بمنطق دعاية انتخابية، فهذه مسؤولية تاريخية واخلاقية ويجب ان نصارح الشعب بعد ان عجزت الحكومات المتعاقبة على مصارحته خوفا من غضب الشارع العراقي، والحقيقة ان الكل يتحمل هذه المسؤولية من حكومات وسياسيين”.
وتساءل عن “سبب عدم اتخاذ قرارات الربط الكهربائي مع دول الجوار ودول العالم طوال 17 سنة؟ وقد وجدنا ان البلد مرتبط فقط بشبكة مع الجمهورية الاسلامية الايرانية التي لم تقصر حسب قدرتها، فهي ايضا لديها استحقاقات لشعبها، وهناك ملف ديون الكهرباء وقرارات العقوبات الاميركية، ونحن جادون بحل هذه المسألة لايصال كل الاموال المترتبة على العراق للجارة ايران نتيجة استيراد الغاز والكهرباء للسنوات السابقة، وسنحقق تقدما في هذا المجال”.
وأوقفت إيران إمداداتها الحيوية من الطاقة إلى العراق، يوم الثلاثاء الماضي، في ضغط منها على الحكومة العراقية للإفراج عن مدفوعات العراق المتأخرة نتيجة استيراد الأخير للكهرباء من ايران عبر أربعة خطوط وللغاز الذي يغذي بعض المحطات الانتاجية في العراق.
وتابع رئيس الوزراء العراقي: “لماذا يكون العراق في زاوية حرجة امام استحقاقات شعبه؟ اصدرنا منذ عام ولغاية اليوم قرارات لربط منظومة العراق الكهربائية بكل دول الجوار، وهذا الامر سيتطلب الوقت والصبر لاكمال منظومات الربط الكهربائي مع اشقائنا وجيراننا، حتى نتمكن من مواجهة تحديات الطاقة معاً، فالوضع الطبيعي في مختلف انحاء العالم هو ارتباط شبكات الطاقة مع الجيران، لكننا نتساءل من قرر ان يعزل العراق ويمنع الربط الكهربائي؟”.
وكانت وزارة الكهرباء العراقية قد أبرمت في شهر أيلول من العام 2019، اتفاقية مع مجلس التعاون الخليجي لإنشاء خطين لنقل الطاقة الكهربائية بطول 300 كيلومتر، مقسمة على مسافتين، داخل العراق 80 كيلومترا، وداخل دولة الكويت 220 كيلومترا، وذلك على هامش منتدى العراق للطاقة المنعقد آنذاك في العاصمة بغداد، حيث سيزود المشروع في حال اتمامه العراق بمئات الميغاواط من الطاقة الكهربائية، وقال الكاظمي سابقاً خلال لقاء متلفز مع قناة “العراقية”: “بدأنا الربط الكهربائي مع دول الخليج، وأنجزنا 85 في المئة من العمل في العراق، وفي عام 2022 سيكتمل الربط الكهربائي بالكامل مع دول الخليج، وكذلك الربط الكهربائي مع الأردن”.
وفي اجتماع اليوم، أكد الكاظمي أن “صاحب القرار في اي بلد يضع ستراتيجيات حسب امكانات بلده وخططه المستقبلية، اذن لماذا شيدنا في العراق طوال 17 سنة محطات توليد الطاقة الغازية مع عدم قدرتنا على توفير الغاز لها؟ ومع عدم وجود خطة موازية لانتاج الغاز ، بل وحتى عدم وجود خطة لتنويع مصادر استيراد الغاز اذا تطلب الامر؟ من يتحمل مسؤولية هذا الخطأ الجسيم؟”، مبيناً: “طالما لم نمتلك الغاز الجاهز فلم شيدت عشرات المحطات الغازية وهدرت الاموال؟ لماذا لم يتم الاستثمار في محطات لوقود مختلف او الذهاب لخيار الطاقة الشمسية؟ ولماذا لم يفتح ملف الطاقة النووية حتى الان؟”.
وبحسب الخبراء في قطاعات الطاقة، فإن العراق يحتاج أقله إلى ضعف إنتاجه الحالي البالغ أقل من 20 ألف ميغاواط من الكهرباء، كي يتمكن من حل مشكلة نقص الطاقة الكهربائية المزمن، ووفق تقديرات وزارة الكهرباء العراقية، فإنه يجب رفع سقف انتاج الطاقة الكهربائية على الأقل إلى نحو 30 ألف ميغاواط، كي يتمكن العراق من تأمين الكهرباء على مدار اليوم.
وفي ملف الغاز، قال الكاظمي: “وجدنا ان شبكات تزويد المحطات بالطاقة مرتبطة ايضاً بالاخوة في الجمهورية الاسلامية الايرانية وهم لم يقصروا ومستمرون بضخ الغاز رغم وجود تعثر في تسديد مستحقاتهم بسبب العقوبات المفروضة، ونحتاج لوقت طويل وبنى تحتية حتى نجد مصادر بديلة للغاز من دول اخرى”.
وتقوم إيران بتصدير الغاز ايضاً إلى العراق من خلال خطي أنابيب يستخدمان لتوليد الطاقة في محطات الكهرباء في البصرة والسماوة والناصرية وديالى، والعراق مدين لإيران بقيمة 4 مليارات دولار لواردات الطاقة.
ولفت إلى أن “العراق تأخر كثيرا في انتاج الغاز ، ونحتاج ان نبدأ مباشرة وهذا مافعلنا من دون تردد لكن نحتاج من سنتين الى 3 سنوات للبدء بانتاج الغاز وسد النسبة الاكبر من حاجة المحطات”.
وتشير تقديرات حكومية في 2020، أن العراق يمتلك مخزونا 132 تريليون قدم مكعب قياسية من الغاز، إلا أن 700 مليون قدم مكعب قياسية منه، كان يحترق يوميا نتيجة عدم الاستثمار الأمثل طيلة العقود الماضية.
ومضى الكاظمي بالقول: “قبل يومين قالوا ان خطوط نقل الطاقة انصهرت بسبب الاحمال عليها ولانها في الاساس قديمة، والسؤال لماذا منظومة نقل الطاقة بالعراق يضيع منها 40 % من الانتاج؟ ولماذا لم نبدأ عام 2005 مثلا حتى اليوم ليكون لدينا منظومة نقل حديثة؟ كانت هناك الكثير من المشاكل والتحديات امام الحكومات السابقة، ولكن رغم ذلك كان بالامكان التحرك في هذا المجال”.
ووفق بيان خلية الإعلام الحكومي الصادر اليوم فإن الهجمات التي تعرّضت لها شبكة الكهرباء الوطنية أسفرت عن تخريب (61) خطاً رئيساً.
وتحدث الكاظمي بنبرة أقل تفاؤلاً بشأن المدة الزمنية المطلوبة لحل أزمة الكهرباء بالقول: “كل خطوة لحل مشكلة الكهرباء بالعراق تتطلب سنوات لان العراق لم يبدأ فعليا باي خطوة طوال السنوات السابقة، فلو استثمرنا في الطاقة الشمسية لاصبحت قضية الكهرباء اليوم خلفنا ولو استثمرنا في انتاج الغاز لصدر العراق اليوم الغاز بدلا من ان يستورده، ولو استثمرنا في المحطات غير الغازية لاصبح العراق اليوم قادرا على توفير الكهرباء، ولو استثمرنا في اصلاح شبكات نقل الكهرباء لما حدثت اي ازمة، ولو استثمرنا بالربط الكهربائي مع كل جيراننا لتمكنا من معالجة الازمات الطارئة وسد النقص خصوصا في فصل الصيف”.
وتابع: “نواصل منذ العام الماضي لوضع كل هذه الخيارات على خريطة العمل الفعلي، وسنحتاج الى بضع سنوات لحل هذا الموضوع بشكل جذري، كل خطوة من هذه الخطوات تحتاج مابين 2-4 سنوات لتنفيذها والبدء بجني ثمارها، والسؤال الذي يطرح لماذا لم يحدث هذا سابقاً”.
وأمر رئيس الوزراء العراقي، أمس الجمعة، بإقالة مدير عام الشركة العامة لنقل الطاقة الكهربائية/ الفرات الأوسط وكالة، “لإهماله في أداء اعماله وواجباته، ما تسبب بسقوط خطوط نقل الطاقة (400kv)، وحدوث اطفاء التيار الكهربائي في عموم المحافظات”، وأمر بفتح تحقيق بحالات التقصير والإهمال في بعض مفاصل الوزارة.
وأشار رئيس الوزراء العراقي إلى أنه تحدث مع الفرنسيين “قبل اشهر عن مشروع عراقي لانتاج الطاقة النووية، فمن حق العراق امتلاك الطاقة النووية للاغراض السلمية ولانتاج الطاقة، وقد لمسنا تفهما لدى دول العالم ولدى الفرنسيين، واذا كانت هناك عقبات امام امتلاك العراق لهذا الخيار فواجبنا ان نعمل على تذليلها حتى لا يأتي بعدنا من يقول لماذا لم تتخذ هذه القرارات كما اقول انا بصراحة ووضوح امام الشعب”.
وخلال الأيام الماضية، زاد السخط الشعبي إثر الانطفاء التام في المنظومة الكهربائية بعدد من محافظات الفرات الأوسط، بالتزامن مع ارتفاع درجات الحرارة وتجاوزها الـ50 درجة مئوية في بعض المحافظات.
وشهدت محافظات عراقية، مؤخراً، موجة غير مسبوقة من عمليات استهداف أبراج نقل الكهرباء، بين المدن، خاصة تلك الواقعة، في مناطق بعيدة، وغير مأهولة بالسكان، وهو ما دعا وزارة الداخلية العراقية، إلى التعاقد مع شركة صينية لشراء طائرات مسيرة من أجل حماية خطوط التيار الكهربائي.
ومضى بالقول إن “الحكومة الحالية عمرها عام وبضعة اشهر، وفعلت كل ما يتوجب القيام به قبل 20 سنة من اليوم، اتخذنا قرارات في كل ملفات الطاقة ساتحمل شخصيا مسؤوليتها، وهي قرارات تأسيسية نحتاج ان ننفذها على الارض، وقد بدأنا بالتنفيذ ولن نتوقف وعلى الحكومة القادمة ان تكمل مابدأناه وان تصارح شعبها بان لاحل للكهرباء في العراق ما لم نكمل الخطوات التي بداناها اليوم”.
وخاطب الكاظمي أعضاء الخلية والمحافظين بالقول: “عليكم الاستمرار بالبناء والتاسيس ولا تعيروا انتباها للدعايات الانتخابية، فالمزايدات لا تصنع دولة ولا توفر الكهرباء، اتركوا المزايدات الانتخابية في ملف الكهرباء تحديداً ولنعترف ان الجميع قد اخطأ بحق الشعب العراقي عندما رفض اتخاذ القرار وتلكأ به ولم ينفذه”.
والأحد الماضي، دعا زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، إلى إقالة وزير الكهرباء الحالي “لعدم قدرته على حلّ المشاكل الحالية التي يعاني منها الشعب”، مقترحاً “عقد اتفاقات مع شركات عالمية لإعادة تاهيل الكهرباء في العراق”.
وأعلن المتحدث باسم وزارة الكهرباء العراقية، أحمد موسى، لشبكة رووداو الإعلامية أن الوزير ماجد حنتوش قدم استقالته لرئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، يوم 28 حزيران الماضي، استجابة لدعوة أطلقها زعيم التيار الصدري.