وصول اكثر من 100 عائلة من عوائل داعش من مخيم الهول السوري الى مخيم الجدعة في العراق

عادت قرابة مائة أسرة عراقية عاشت في مخيم مترامي الأطراف في سوريا لأنصار وأسر مقاتلي تنظيم داعش إلى العراق، وانقسمت الآراء حول عودتهم، وعبر العراقيون عن مخاوفهم، ونقلت الحافلات عائلات عراقية عاشت في المخيم سوري.

تتضمن هذه الأسر نساء وأطفال ورجال، بحسب المسؤولين الكورد والعراقيين الملمين بخطط إعادتهم إلى ديارهم.

ودخلت الحافلات مخيم الجدعة، بالقرب من بلدة القيارة، حيث رافقت الحافلات قافلة ضخمة من قوات الأمن العراقية تضم الجيش والشرطة الاتحادية وقوات الحشد الشعبي.

وكانت هذه الأسر تعيش في مخيم الهول شمال شرقي سوريا منذ أوائل عام 2019 بعد الهزيمة العسكرية للتنظيم المتطرف الذي خسر فيها آخر الأراضي التي سيطر عليها.

عملية إعادة هذه الأسر هي إحدى القضايا التي نوقشت بين المسؤولين العراقيين والأميركيين، وقد تم تأجيلها من قبل وسط معارضة من المسؤولين العراقيين لدواعي أمنية.

يؤوي مخيم الهول ما يقرب من 70 ألف شخص – معظمهم من النساء والأطفال – نزحوا بسبب الهجوم العسكري للتحالف الذي قادته الولايات المتحدة ضد تنظيم الدولة.

ما يقرب من نصف من الذين يعيشون في المخيم المترامي الأطراف هم من العراقيين، ويعانون من ظروف معيشية وأمنية صعبة، ويتم إيواء حوالي 10 آلاف أجنبي في مبنى إضافي آمن بالمخيم، ولا يزال الكثير منهم من أشد المؤيدين لتنظيم الدولة.

هذا التأييد جعل عودة العراقيين والعديد من الأجانب مسألة خلافية، وعلى الرغم من دعوات الإدارة الذاتية في شمال شرق سوريا لإعادة قاطني المخيم إلى ديارهم، رفضت عدة دول استعادة مواطنيها.

هذا إما لأنه ليس لديهم فحوى قانونية لكيفية التعامل مع أعضاء تنظيم داعش السابقين أو خوفا من استمرار ارتباطهم بالتنظيم المتشدد.

تتم عملية النقل في العراق، من قبل جهاز الأمن الوطني، وليس وزارة الهجرة، بسبب انتماء العائدين إلى تنظيم الدولة.

تم وضع خطط لإحضار مائة أسرة إلى مخيم الجدعة في الأسبوع الأول من شهر أيار، لكنها خرجت عن مسارها بعد احتجاج السلطات المحلية وقيادة عمليات نينوى المشتركة، التي تضم مجموعة من قوات الأمن في المحافظة.

تم تأجيل عملية النقل حتى أمس الثلاثاء لإعطاء الحكومة الوقت لإيجاد حل بديل.

ولم يتضح ما هي الترتيبات، إن وجدت، التي اتخذت لتهدئة المخاوف المحلية.

وأعلنت وزيرة الهجرة والمهجرين العراقية ايفان فائق، استمرار عودة العوائل النازحة من مخيم الهول الى مناطقهم في نينوى.

ونقلت وكالة الأنباء العراقية، عن فائق أن “عودة العوائل النازحة من مخيم الهول مستمرة الى مناطقهم الأصلية في نينوى وهو ليس بالشيء الجديد”، مبينة أن “هناك تواصلاً في ذلك “، حيث أكدت فائق، عودة 94 عائلة من مخيم الهول بعد اكمال التدقيق الأمني.

فائق أكدت أن “تأخُّر عودة هذه العوائل من المخيم يعود الى التخصيص المالي والتدقيق الأمني وجائحة كورونا، حيث إن تلك الأسباب كانت العائق في الموضوع”، مشيرةً إلى أن “مدة توقف عودتهم قصيرة”.

وأشارت فائق إلى أن “الأجهزة الأمنية استأنفت التدقيق الأمني ومن واجب الوزارة تسلُّم العائدين بعد دخولهم العراق وايصالهم للمخيمات الموجودة”، موضحةً أنه “في السابق يتمُّ دمجهم في مجتمعاتهم ومناطقهم الأصلية عند عودتهم”.

ووفقاً لـ “واع”، أكدت فائق أن “هذه المرحلة ارتأينا كوزارة وأجهزة أمنية وتوجه حكومي كامل أن يكون هناك ما يسمى الدعم والتأهيل النفسي وبرامج خاصة معدة من قبل الوزارة ومستشارية الأمن القومي بالتعاون مع المنظمات الدولية المختصة “، مشددة على ضرورة أن “يكون تواجدهم في المخيم، والعمل على تلك البرامج لإعادة اندماجهم في المجتمع”.

كما لفتت فائق إلى أن “عدد العوائل العائدة هو 94 عائلة معظمهم من أهالي الموصل وغالبيتهم نساء وأطفال إضافة الى عدد قليل جداً من الرجال”.

أثارت الأنباء الاخيرة بشأن إعادة عوائل لتنظيم داعش من مخيم الهول في سوريا، إلى العراق، وفق جدول زمني معد لهذا الغرض، مخاوف سياسية وأمنية واجتماعية عديدة، ما يشكل تحدياً جديداً أمام الحكومة العراقية، يضاف إلى جملة تحديات تواجهها، لم تتمكن من حل أغلبها.

ويتألف عدد العراقيين الموجودين في مخيم الهول في سوريا، والذي من المقرر نقلهم إلى مخيم “العملة” من 30 ألف شخص، 95% منهم من عوائل تنظيم داعش، وبحسب التسريبات فإن الوجبة الأولى منهم تتضمن 100 أسرة، أي نحو 700 شخص، أغلبهم من أهالي نينوى، ممن فروا من القتال بين القوات الأمنية وتنظيم داعش.

لجنة العمل والشؤون الاجتماعية والهجرة والمهجرين النيابية، رأت أن عملية نقل هذه العوائل من سوريا إلى العراق، هو قرار حكومي، رغم تسجيلها اعتراضاً على هذا القرار.

وقال نائب رئيس لجنة العمل والشؤون الاجتماعية والهجرة والمهجرين النيابية حسين عرب لشبكة رووداو الإعلامية، إن “مسألة نقل النازحين في مخيم الهول إلى البلاد، هو قرار حكومي بحت، يتعلق بالشأن الأمني، لذا علينا انتظار ما ستؤول اليه الأوضاع”.

وأضاف أنه “لم يتم لحد الآن أي عملية وصول نازحين من مخيم الهول إلى العراق”، مردفاً أن “الحكومة جهزت مخيم العملة، لاستقبال العوائل من مخيم الهول”، مشدداً: “كنا رافضين لقدوم هذه العوائل واعترضنا عليه، كما اعترض عليه عدد من نواب محافظة نينوى، وتوقف العمل به”.

بدوره، قال المتحدث باسم وزارة الهجرة العراقية، علي عباس، لشبكة رووداو الإعلامية، اليوم الخميس، إن الوزارة “لا علم لها بقدوم أي وجبة عوائل من مخيم الهول إلى نينوى، ولم يتم تبليغها رسمياً بهكذا إجراء”.

وكانت لجنة الأمن والدفاع النيابية وصفت عودة أسر تنظيم داعش من مخيم الهول إلى محافظة نينوى بالأمر “الخطير”، مشيرة إلى وجود ضغوطات من التحالف الدولي على الحكومة العراقية لإعادة هذه العوائل إلى العراق.

وقال عضو اللجنة بدر الزيادي لشبكة رووداو الإعلامية إنه “سيتم نقل 100 عائلة، من مخيم الهول إلى محافظة نينوى”، عاداً قرار نقل هذه العوائل “خطيراً، وسيتسبب بمشاكل كبيرة للعراق”.

الزيادي أضاف أن “هذه العوائل تحمل أفكاراً ارهابية، وتم تدريسها على أفكار خبيثة”، عازياً سبب نقلهم إلى العراق لـ”ضغوطات قوات التحالف الدولي على الحكومة العراقية”.

عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية، حذّر من أن “تداعيات هذا القرار سلبية على الوضع في العراق بشكل عام”، لافتاً إلى أنه من “المقرر وصول عوائل داعش من مخيم الهول إلى العراق، على شكل دفعات في وقت لاحق، وبالتالي فإن هذا الأمر سبلقي مسؤولية كبيرة سيبقى العراق يعاني منها”.

وكان النائب في البرلمان العراقي، صائب خضر، قد أشار إلى أن “نقل عوائل تنظيم داعش من مخيم الهول السوري الى مناطق في غرب نينوى يعد قراراً خطيراً ويهدد النسيج الاجتماعي في هذه المنطقة التي تضم تنوعاً قومياً ودينياً ومذهبياً كبيراً، وإن وجود مخيم لعوائل داعش سيهدد الاستقرار ويعيد تنظيم خلايا داعش في هذه المناطق”.

بدوره أكد النائب في البرلمان العراقي عن محافظة نينوى شيروان الدوبرداني وصول الدفعة الأولى من أفراد أسر تنظيم داعش في مخيم الهول السوري إلى نينوى، وسط مخاوف من أن بعض العائدين قد يشكلون “قنبلة موقوتة” تهدد أمن البلاد.

الدوبراني أكد، أن الدفعة الأولى من أسر داعش وصلت من مخيم الهول السوري إلى مخيم الجدعة جنوب الموصل، مشيراً إلى إرسال باصات مخصصة من قبل وزارة الهجرة وتحت حماية أمنية، حيث تم إدخالهم من سنجار ونقلهم لناحية القيارة جنوب الموصل.

وأضاف: “حذّرنا من هذا الموضوع وتطوراته الخطيرة ومن أنه سيؤدي إلى كوارث أمنية؛ لأنه لا يقتصر على نازحي نينوى فقط، بل هو نقل لجميع العوائل من جميع المحافظات العراقية”.

ويرى القسم الأكبر من إيزيديي سنجار أن جلب عوائل الدواعش إلى هذا المخيم يمثل تهديداً مباشراً لمنطقتهم، ويؤكد قسم من أهالي وذوي ضحايا داعش، أنهم يعرفون الدواعش الذين في مخيم الهول ممن شاركوا في خطف وقتل الإزيديين.

في صيف العام 2014 تم اختطاف 6417 إيزيدياً من قبل مسلحي داعش، وهناك مخاوف من عودة داعش للظهور في سهل نينوى، مع عودة هذه العوائل الداعشية إلى المحافظة.

يشار إلى أن معركة الموصل أو كما أسماها رئيس الوزراء العراقي الاسبق حيدر العبادي “قادمون يا نينوى” هو هجوم مشترك لقوات الأمن العراقية والحشد الشعبي وقوات البيشمركة وقوات التحالف الدولي، لاستعادة السيطرة على مدينة الموصل من تنظيم داعش، والذي يعتبر مدينة الموصل عاصمته.

بدأت الحرب البرية في 16 تشرين الأول 2016، وكانت العملية تهدف إلى إنهاء وجود تنظيم داعش في المدينة وإعادة المدينة إلى الإدارة العراقية.

وتم إعلان تحرير الموصل في 10 تموز 2017 بمشاركة حوالي 60 ألفاً من القوات الأمنية، وتمكنوا من قتل 25 الف مسلح، وسط نزوح ما يقارب مليون شخص من المدينة، فيما أعلن مجلس محافظة نينوى السابق أن 80% من مدينة الموصل قد دمرت بالكامل، كما نفذت طائرات التحالف الدولي حوالي 20 ألف طلعة جوية قتل فيها حوالي خمسة آلاف مسلح.

وتعد مدينة الموصل ثاني أكبر مدينة في العراق من حيث عدد السكان، سيطر عليها داعش في حزيران 2014، في معركة خاضها مع الجيش العراقي طالت يومين فقط، أعلن بعدها زعيم تنظيم داعش وقتها، أبو بكر البغدادي إقامة “دولة الخلافة” في جامع الموصل الكبير والتي تَشمل أراض واسعة من سوريا والعراق متخذاً من الموصل عاصمة لهذه “الدولة”.