لم يتسبب تقدم اللسان الملحي في شط العرب بتأثيرات سلبية تتعلق بالمياه فقط في محافظة البصرة، بل بتغييرات جغرافية ألقت بظلالها الخطيرة على الوضع فيه، لاسيما بعد قيام إيران بنصب أعمدة في مدخل شط العرب لنصب محطة لها.
هذه الخطوة الجديدة ستلقي بآثارها السلبية من عدة نواحي على شط العرب، في وقت ينتظر فيه المختصون موقفاً رسمياً من الحكومة، لوضع حد لهذا التقدم صوب الاراضي العراقية، ما يشكل تهديداً صريحاً للسيادة العراقية.
ايران تنصب الأعمدة
آخر الأنباء تشير إلى أن ايران نصبت أعمدة في مدخل شط العرب العراقي، لنصب محطة لها واستولت على الرافعة البحرية العراقية “عنترة”، بل أن مصادر طلبت عدم الكشف عن نفسها، قالت لشبكة رووداو الإعلامية اليوم الأربعاء (21 نيسان 2021) إن إيران تعتزم المطالبة بميناء العمية، ليصبح خاضعاً لسيادتها.
ويبلغ طول شط العرب حوالي 190 كم، ويصب في الخليج عند طرف مدينة الفاو، والتي تعتبر أقصى نقطة في جنوب العراق، ويصل عرض شط العرب في بعض مناطقه إلى كيلومترين، أما بالنسبة لضفافهِ فكانت كلها مزروعة بأشجار النخيل، ولكنها تعرضت للقطع والإهمال خلال الفترة الأخيرة ولاسيما في أوقات الحروب.
وكانت كل مياه شط العرب حتى عام 1975 جزءاً من العراق، إلا أنه وبموجب اتفاقية الجزائر تنازل العراق على الشاطئ الشرقي المطل على الحدود مع إيران لها، وأصبحت الملاحة مشتركة.
ويتفرع من نهر شط العرب الكثير من الأهوار التي تشق المدن والأحياء البصرية فتشكل إحدى المناظر الجميلة في البصرة.
المصادر عزت هذه الخطوة إلى وجود انجراف حصل في مجرى القناة الملاحية باتجاه الغرب على حساب الأراضي العراقية بمسافة 1900 متر، ما أدى إلى ظهور أراض في الجانب الإيراني، وفقدان أراض عراقية أدت لتغيير مسار شط العرب، وبالتالي تغيير الحدود الفاصلة.
“اتفاقية الجزائر بداية الخطأ”
محافظ البصرة الأسبق والسياسي وائل عبد اللطيف أن “الخطأ في هذا الموضوع بدأ منذ عام 1975 عندما وقّع نائب رئيس النظام السابق وقتها صادم حسين اتفاقية الجزائر والتي رسمت حدود شط العرب، ومن ثم جرت اتفاقيات أمنية لترسيم الحدود”.
عبد اللطيف أضاف أنه “وبعد عام 2003 حصلت تغييرات وفوارق كبيرة في شط العرب، أثرت على كيمات المياه فيه”، مردفاً أنه “في حكومة حيدر العبادي قالت السلطات وقتها أن مياه شط العرب غير صالح للاستعمال البشري، وبالتالي أعادت ايران المصب نحوها”.
“40 رافداً تغيّر لصالح ايران”
ولفت إلى أن “أربعين رافداً من الزاب الأعلى إلى نهر الكارون تغير مجراها إلى إيران، حيث زحفت إيران نحو 5 كيلومترات وبدأت تلقي مياه البزل على شط العرب، ما أثّر على اللسان الملحي فيه”.
عبد اللطيف هاجم “ممارسة ايران وتركيا وسوريا الضغوط على العراق وتقليص الحصص المائية إليه”، موضحاً أن “المشكلة أن اللسان الملحي يزداد بسبب قلة الواردات المائية من هذه الدول الثلاث، التي لم تف بالتزاماتها تجاه العراق”.
“من يطالب بحقوق شط العرب؟”
“العراق يقدم الدماء إلى إيران وكذلك إلى سوريا، والتجارة رائجة مع تركيا، لكن بالمقابل ليس هناك في الحكومة من يطالب بحق العراق في مياه شط العرب من هذه الدول”، وفقاً لتعبير وائل عبد اللطيف.
شط العرب هو نهر يتكوّن من التقاء نهري دجلة والفرات، حيث يلتقي نهر دجلة مع المجرى الأعلى للفرات بمدينة القرنة على بعد 375 كم جنوب بغداد، ويلتقي دجلة والفرات الأسفل في كرمة علي.
بدورها، أصدرت وزارة الموارد المائية بياناً بشأن ذلك، قالت فيه إنها اتخذت عدة أجراءات لمواجهة احتمال تقدم اللسان الملحي داخل شط العرب، بسبب النقص الكبير في واردات نهر الكارون، ولغرض تجنب زيادة تراكيز الاملاح في مركز قضاء الفاو.
الوزارة أكدت على ضمان استمرار تجهيز شط العرب بالحصة المائية المقررة من ناظم قلعة صالح، ومتابعة ذلك على مدار الساعة مع التأكيد المستمر على رفع التجاوزات، كما أوعزت بتشغيل قناة شط العرب الاروائية بكفاءة لايصال المياه الى كافة مشاريع اسالة المياه في ابو الخصيب وسيحان والفاو، فضلاً عن تأمين المياه للأراضي الزراعية الواقعة على جانب القناة.