أكدت مصادر إعلام أميركية، رفع حالة التأهب للمتعاقدين الأميركيين، بقاعدة بلد الجوية، خوفاً من الرد على الضربات الجوية الأميركية.
ونقلت شبكة “فوكس نيوز” الأميركية، عن مصدرين مطلعين قولهما، إن القوات الأميركية في العراق رفعت حالة تأهبها، وتم وضع المتعاقدين الأميركيين بقاعدة بلد الجوية في حالة تأهب قصوى،
الشبكة أشارت، إلى أن هذا الإجراء الذي يعتبر احترازياً روتينياً، نظراً للظروف الحالية التي تشهدها المنطقة، قد يستمر أياماً عدة، فيما قال أحد المصادر إن “حماية قوات التحالف هي الأولوية الأولى، لذا فإن رفع مستويات حماية القوة أمر صائب”.
وتم اتخاذ قرار منفصل في قاعدة بلد الجوية، من قبل شركة Sallyport Global المتعاقدة مع الإدارة الأميركية، بوضع المتعاقدين الأميركيين في حالة تأهب قصوى، بحسب مصدرٍ مطلع لـ”فوكس نيوز”.
ومن الساعة 6:30 مساءً إلى 5:00 صباحاً بتوقيت العراق، لن يُسمح إلا بالحركة الضرورية داخل قاعدة بلد الجوية، الواقعة شمال العاصمة بغداد، والتي تعرضت إلى هجوم صاروخي بالكاتيوشا نهاية الأسبوع الماضي، وأصيب شخص خلاله.
وقُتل 22 مسلّحاً عراقيّاً موالين لإيران جرّاء قصف أميركي استهدف ليل الخميس الجمعة بنى تحتيّة تابعة لهم في شرق سوريا، في أوّل عمليّة عسكريّة لإدارة جو بايدن ردّاً على هجمات طالت مؤخّراً مصالح غربيّة في العراق.
وقال بايدن الجمعة إن الضربات الجوية الأميركية في شرق سوريا يجب أن تنظر إليها إيران على أنها تحذير.
واضاف بايدن خلال جولة له في تكساس لتفقّد الأضرار الناجمة عن عاصفة ضربت المنطقة “لن تُفلتوا من العقاب. احذروا”، موجها تحذيره الى طهران.
وتأتي الضربات التي ندّدت بها دمشق وحليفتها موسكو، على خلفيّة توتّر بين الولايات المتحدة وإيران حول الملف النووي الايراني والعودة الى طاولة المفاوضات.
مساء الجمعة، قال البيت الأبيض إنّ الولايات المتحدة بعثت “رسالة لا لبس فيها” عبر شنّها الغارات.
وقالت المتحدثة جين ساكي إنّ الرئيس جو بايدن “يبعث رسالةً لا لبس فيها بأنّه سيتحرّك لحماية الأميركيّين. وعندما يتمّ توجيه التهديدات، يكون له الحقّ في اتّخاذ إجراء في الوقت والطريقة اللذين يختارهما”.
من جهته، قال المتحدّث باسم البنتاغون جون كيربي، إنّ طائرتَي “إف -15 إي” من طراز “سترايك إيغلز” أسقطتا سبع ذخائر دقيقة التوجيه الخميس على منشآت في شرق سوريا تستخدمها مجموعات مسلّحة يُعتقد أنّها وراء سلسلة هجمات صاروخيّة على القوّات الأميركيّة في العراق.
ووصف كيربي في بيان الضربات بأنها “دفاعية”، موضحاً أنها دمّرت “بنى تحتيّة عدّة تقع في نقطة حدودية تستخدمها ميليشيات مدعومة من إيران”، وتحديداً كتائب حزب الله وسيد الشهداء، المنضويان في الحشد الشعبي العراقي.
وأحصى المرصد السوري لحقوق الانسان 22 قتيلاً على الأقلّ من فصائل عراقيّة موالية لإيران، غالبيّتهم من كتائب حزب الله.
ووصفت كتائب حزب الله في بيان، الضربة الأميركيّة بأنّها “جريمة نكراء مخالفة للقانون الدولي ومستهينة بسيادة العراق”، كما اعتبرتها “عدواناً همجياً يدلّ بلا أدنى شكّ أنّ السياسات الأميركيّة العدوانيّة تجاه شعوبنا لا تتغيّر بتغيّر إدارتها”.
تنشر السلطات العراقية الحشد الشعبي، وهو ائتلاف فصائل عراقية بارزة شبه عسكرية، على طول الحدود المتداخلة مع سوريا منذ الإعلان في العام 2017 عن الانتصار على تنظيم الدولة الإسلامية. وتنفي قيادة الحشد عمل فصائلها خارج العراق، لكنّ مقاتلين من مجموعات منضوية فيه يشاركون في القتال داخل سوريا.
دمّرت الغارات الأميركية، وفق المرصد، ثلاث شاحنات تحمل ذخيرة عند الساعة الواحدة فجراً (23,00 ت غ)، لحظة دخولها من معبر غير شرعي من العراق إلى جنوب مدينة البوكمال في ريف دير الزور الشرقي.
وتخضع المنطقة الممتدة بين مدينتي البوكمال والميادين لنفوذ إيراني، عبر مجموعات موالية لها تقاتل الى جانب قوات النظام السوري. وغالبا ما تتعرّض شاحنات تنقل أسلحة وذخائر أو مستودعات في المنطقة لضربات تُنسب لإسرائيل التي تؤكد غالباً عزمها على إنهاء “التموضع الإيراني” في سوريا.
والجمعة، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو في بيان “طالما أنّي رئيس للوزراء، لن تمتلك إيران أسلحة نوويّة. سأفعل كلّ شيء لمنع ذلك، وقلت ذلك للرئيس بايدن. باتّفاق أو من دونه”.
وندّدت وزارة الخارجية السورية بـ”العدوان الأميركي الجبان”، معتبرةً أنّه “يشكّل مؤشّراً سلبياً” على سياسات الإدارة الأميركية الجديدة.
وحذّرت في بيان من أنّه “سيؤدّي إلى عواقب من شأنها تصعيد الوضع في المنطقة”، مطالبة واشنطن “بتغيير نهجها العدواني تجاهها”.
ونفت وزارة الدفاع العراقية تلقّيها معلومات من الجانب الأميركي قبل تنفيذ القصف، فيما أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أنّ واشنطن أخطرت الجيش الروسي قبل أربع أو خمس دقائق فقط. وقال “هذا النوع من التحذير، عندما تكون الضربات قيد التنفيذ، لا ينفعنا”.
ونددت الناطقة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا “بشدة” بالقصف الأميركي، داعية إلى “احترام سيادة سوريا ووحدة أراضيها من دون شروط”.
– عملية انتقامية “محسوبة” –
وبينما ينتظر بايدن رداً من طهران حول العودة الى طاولة التفاوض، قال كيربي إنّ الضربات جاءت “رداً على الهجمات الأخيرة على الطاقم الأميركي وقوات التحالف في العراق والتهديدات المستمرة ضد هؤلاء”.
سقطت صواريخ الاثنين بالقرب من السفارة الأميركية في بغداد، بينما استهدف قصفٌ السبت قاعدة بلد الجوية العراقية الواقعة إلى الشمال، ما أدى إلى إصابة موظف عراقي في شركة أميركية مسؤولة عن صيانة طائرات “اف-16”.
في 15 شباط، أصابت صواريخ قاعدةً عسكرية تتمركز فيها قوات التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الإسلامية في مطار أربيل (شمال). وقُتل شخصان أحدهما متعاقد مدني أجنبي يعمل مع التحالف.
ورغم أنّ كتائب حزب الله لم تعلن مسؤوليتها عن الهجمات، أكد وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن أن الفصيل مسؤول عنها. وقال لصحافيين على متن طائرة نقلته إلى واشنطن بعد جولة سريعة لحاملة الطائرات “يو إس إس نيميتز” قبالة سواحل كاليفورنيا “نحن متأكدون من الهدف الذي اخترناه”. وأضاف “نحن على يقين بأنّ هدفنا كان الميلشيا التي نفذت الهجمات الأخيرة” ضد مصالح غربية في العراق.
وجاءت الهجمات الأخيرة بعد أشهر على هدوء نسبي في إطار هدنة وافقت عليها الفصائل الموالية لإيران في مواجهة تهديدات من واشنطن بإغلاق سفارتها في العراق.
وأكد المتحدث باسم البنتاغون أنّ “هذا الرد العسكري المتكافئ تمّ بالتوازي مع إجراءات دبلوماسية ولا سيما مشاورات مع شركاء” التحالف الدولي.
وبعد إطلاق النار الأخير الاثنين، أعلنت واشنطن أنّ إيران ستتحمّل “مسؤولية تصرفات شركائها الذين يهاجمون الأميركيين”، لكنها شددت على أن قواتها ستتجنب “التصعيد”.
وبدت الضربة فجراً بمثابة تحذير لطهران.
وقالت الباحثة في مجموعة الأزمات الدولية دارين خليفة لفرانس برس إنّ واشنطن تبدو كمن يرسل “إشارة الى أنها لن تتساهل مع أنشطة إيران الإقليمية لصالح المحادثات النووية”، مضيفة “لا أرى في ذلك (القصف) موقفاً متشدداً على نحو خاص، إذ كان رد الولايات المتحدة موجهاً إلى هدف غير مهم نسبياً”.
وتوجّه إدارة بايدن، وفق الباحث في معهد دراسات الحرب نيكولاس هيراس، رسائل إلى “خصوم سياسته تجاه إيران في الداخل بأن الولايات المتحدة قادرة أن تكون قاسية تجاه إيران”، وأخرى إلى إسرائيل بأن واشنطن قادرة أيضاً على ضرب المجموعات التابعة لإيران.
واضاف أن “الضربات الأخيرة لا تتعلق بما حصل في العراق فقط، بل إنها جزء من لعبة دبلوماسية أوسع تجاه إسرائيل والحزب الجمهوري”.
وسبق للجيش الأميركي أن أعلن نهاية العام 2019، قصف خمس قواعد لكتائب حزب الله العراقي في كل من سوريا والعراق، بعد مقتل أميركي في هجوم بالصواريخ طال قاعدة عسكرية عراقية.