بعد حادثة اليوم التي حصلت في ساحة الحبوبي بمدينة الناصرية والتي راح ضحيتها 4 قتلى 51 جريحاً، أكد المقرب من زعيم التيار الصدري صالح محمد العراقي على الاستمرار بـ”التنظيف لارجاع هيبة الدولة”، في مفهوم يدل على التحريض، وتبني الحادثة.
وعلق العراقي في تغريدة له على منصات التواصل الاجتماعي على سؤال “عصابات ساحة الحبوبي لن تقوم لهم قائمة بعد اليوم”، قائلاً: والآن أيها الشجعان استمروا بالتنظيف لارجاع الحياة الطبيعية وارجاع هيبة الدولة.
وقتل أربعة أشخاص على الأقل بالرصاص وأصيب عشرات الجمعة في صدامات بين متظاهرين معارضين للحكومة وآخرين من مؤيدي رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر في مدينة الناصرية في جنوب العراق، حسب مصادر طبية.
وتجمّع عشرات الآلاف من أنصار الصدر في الناصرية وبغداد الجمعة في استعراض للقوة السياسية مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية المقررة في حزيران المقبل.
وحجبت تظاهرات أنصار التيار الصدري حركة الاحتجاج الشبابية في معظمها التي بدأت في تشرين الأول 2019 قبل أن يتراجع زخمها في الأشهر الأخيرة نتيجة التوتر السياسي وتفشي فيروس كورونا المستجد.
ولا يزال المتظاهرون المعارضون للحكومة ينصبون الخيام في ساحة الحبوبي بمدينة الناصرية، وقد حمّل الناشط البارز محمد الخياط أنصار الصدر المسؤولية عن العنف.
وقال الخياط لوكالة فرانس برس إن “صدريين مسلحين بمسدسات وبنادق حاولوا إخراجنا” من الساحة، مضيفاً “نخشى أن يتصاعد العنف”.
وأفادت مصادر طبية في المدينة فرانس برس بإصابة نحو 51 شخصا، تسعة منهم بالرصاص. وأشارت إلى مقتل أربعة آخرين.
وجاء في تغريدة للمسؤول الصدري السابق في المدينة أسعد النصيري أنه ثمة “تقصير واضح من الأجهزة الأمنية في منع العصابات المسلحة التي تريد اقتحام ساحة الحبوبي”.
وتواصلت الصدامات مساء، وأفاد مراسل فرانس برس أن كثيرا من خيم المتظاهرين أحرقت في الساحة التي سادتها الفوضى.
من جهتها، أعلنت السلطات فرض حظر تجول في الناصرية مساء الجمعة وأقالت مدير الشرطة في المدينة.
– استعراض في بغداد –
وتمثل الناصرية معقلا رئيسيا لحركة الاحتجاج ضد الحكومة.
كما شهدت المدينة إحدى أكثر الحوادث دموية منذ بدء الاحتجاجات، إذ سجلت سقوط أكثر من ثلاثين قتيلا في أعمال عنف رافقت التظاهرات في 28 تشرين الثاني/نوفمبر العام الماضي.
وأثارت تلك الحادثة غضبا واسعا في أنحاء العراق، ودعا المرجع الشيعي الأعلى آية الله السيّد علي السيستاني إلى استقالة رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي.
ومدّ رئيس الوزراء الجديد مصطفى الكاظمي يده للمتظاهرين، وهو يسعى لتحقيق أحد أهم مطالبهم عبر إقراره انتخابات برلمانية في حزيران/يونيو 2021.
وستجري الانتخابات وفق قانون جديد بدلا من التصويت على اللوائح، إذ سيتم التصويت على الأفراد وتقليص نطاق الدوائر الانتخابية.
لكن يتوقع أغلب المراقبين تأجيل موعد الاقتراع بضعة أشهر على الأقل، ويرجح خبراء أن يستفيد الصدر ومرشَحوه من قانون الانتخابات الجديد.
وحقق “الصدريون” نتائج متقدمة في انتخابات أيار/مايو 2018، إذ حازوا على 54 من إجمالي 329 مقعدا في البرلمان ليشكلوا أكبر كتله.
وقال مقتدى الصدر في تغريدة هذا الأسبوع إنه يتوقع تحقيق فوز كبير في الانتخابات وإنه سيدفع باتجاه أن يكون رئيس الوزراء المقبل من التيار الصدري لأول مرة.
ودعا التيار الصدري إلى تنظيم تظاهرات الجمعة للمطالبة بمحاربة الفساد، لكنها تأتي أيضا في سياق التحضيرات لانتخابات العام المقبل.
ورغم تفشي وباء كوفيد-19، أدى عشرات الآلاف صلاة الجمعة في ساحة التحرير ببغداد والشوارع المحيطة بها، وفق ما أفاد صحافيون من وكالة فرانس برس.
– “أغلبية صدرية” في البرلمان –
وقال ممثل عن الصدر في خطبة “اليوم نحن ملزمون بأن ندافع عنه (العراق) تحت قبة البرلمان بأغلبية صدرية مؤمنة بالإصلاح”.
وقال المتظاهر طلال السعدي، وهو رجل دين شيعي، في ساحة التحرير ببغداد، إن هذه “تظاهرة ضد الفاسدين والظالمين الذين أوصلوا العراق إلى حافة الهاوية والإفلاس”.
ويواجه العراق أسوأ أزمة مالية منذ عقود إثر انهيار أسعار النفط في الاشهر الأخيرة وبسبب التداعيات الاقتصادية لتفشي كوفيد-19. وعجزت الحكومة عن دفع رواتب موظفيها في موعدها.
ورفع أنصار التيار الصدري الجمعة أعلام العراق وصورا لرجل الدين، يظهر في بعضها وهو يرتدي لباسا عسكريا وهي تعود إلى فترة تزعمه تنظيم “جيش المهدي” المسلح.
ولم يشارك مقتدى الصدر في التظاهرة ببغداد، وهو نادرا ما يظهر في تجمعات عامة.
من جهته قال المتظاهر أحمد رحيم “طاعةً للسيّد، قمنا بهذه الوقفة التي إن شاء الله يسمعها العالم. لا نريد فاسدا أو حراميا في العراق، نحن أصحاب القرار”.