استبعد رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي اجراء الانتخابات في موعدها المحدد في شهر حزيران المقبل، مشيراُ إلى وجود محاولات لجر العراق إلى التطبيع مع اسرائيل.
المالكي ذكر أن استعادة هيبة الدولة أمر في غاية الصعوبة، وعلى الحكومة أن تعمل على ذلك، وأن مسألة استعادتها ودعم الأجهزة الأمنية هي من المقدمات لإجراء الانتخابات، مبيناً أنه وخلال الاجتماعات الأخيرة مع رئيس الحكومة أبلغه بضرورة أن تكون الدولة والأجهزة الأمنية قادرة على بسط الأمن في عموم مدن البلاد، وفقاً لوكالة الأنباء الرسمية.
وأضاف أنه وحتى الآن لم تلمس إجراءات واضحة في هذا المجال رغم أن المسألة تحتاج الى وقت وأنه يجب الإسراع في بسط الأمن وإنهاء حالة عدم الاستقرار التي تعيشها عدد من المحافظات وخصوصاً في محافظات الوسط والجنوب، مشيراً الى أن استمرار الفوضى وفقدان الأمن سيأخذ البلاد الى “المجهول” ولا يمكن إجراء الانتخابات في ظل ما يشهده من “ارتباك أمني خطير”.
“حكومة الكاظمي جاءت لتحقيق هدفين أساسيين أحدهما مرتبط بالآخر، الأول هو إجراء انتخابات مبكرة والثاني بسط هيبة الدولة، والذي من دونه لا يمكن إجراء انتخابات نزيهة”، مستبعداً إجراءها في الموعد المحدد، حسب المالكي.
وأكد أن تصويت البرلمان على توزيع الدوائر الانتخابية المتعددة يصعب تطبيقه بشكل علمي لعدم وجود إحصاء سكاني ما يصعب على مفوضية الانتخابات إجراء انتخابات صحيحة علاوة على تداخل المناطق مع بعضها، لافتاً الى أن الدوائر المتعددة لا تعطي برلماناً “متماسكاً” ويصعب حينها صياغة القوانين وإجراء المهام التي يكلف بها مجلس النواب، مؤكداً وجود توجه للطعن بالقانون الجديد للانتخابات بعد إكمال أعضاء المحكمة الاتحادية.
وصوت مجلس النواب العراقي يوم السبت الماضي على الدوائر الانتخابية لـ16 محافظة.
وبشأن تواجد القوات الاميركية في البلاد، شدد المالكي على أن العراق لا يحتاج القوات الأميركية كما أنه لا يوجد سند شرعي لوجودها بعد قرار مجلس النواب بإخراجها من العراق والدليل أن الجانب الأميركي طلب من الحكومة الجلوس للتفاوض على عملية الانسحاب، مؤكدا عدم الاعتراض أن يكون هناك مستشارون وفنيون لديمومة وصيانة الأسلحة الأميركية التي يمتلكها العراق.
وطالب المالكي الحكومة بالإسراع في إنهاء هذا الملف وعدم تأخيره لأنه لا يصب في مصلحة البلدين، وحرصاً على بقاء وادامة العلاقات مع الجانب الأميركي على وفق اتفاقية الإطار الستراتيجي.
وفي 11 من شهر حزيران الماضي، عقد الطرفان العراقي والأميركي جلسات الحوار الستراتيجي في جولتها الأولى ببغداد، في حين عقدت الجولة الثانية من الحوار بواشنطن في 19 من شهر آب الماضي، للتأكيد على الشراكة الستراتيجية طويلة الأمد بين البلدين.
وفيما يتعلق بعمليات استهداف السفارات والبعثات الدبلوماسية لفت إلى أن مسؤولية حماية السفارات والبعثات الدبلوماسية هي من مهام الحكومة وأن استهداف البعثات بالصواريخ أمر مرفوض ولا يصب في مصلحة العراق، ومسألة انسحاب القوات لا تكون عبر هذا الأمر بل عبر اللجان التي شكلتها الحكومة مع الجانب الأميركي، مؤكدا رفض محاولات احتلال السفارة او إطلاق الصواريخ عليها لأنه لا يؤمن إلا بالحوار بداية لحل الإشكالات.
كما قال المالكي إن العراق يعيش عدم الاستقرار ضمن خارطة المنطقة بسبب الأزمة الاقتصادية والوضع الإقليمي، وأن العراق يعيش اليوم حالة من عدم الاستقرار، جزء منها بسبب الأزمة الاقتصادية التي فرضتها تداعيات وباء كورونا والوضع الصحي الخطير الذي يعيشه العراق، وكذلك بسبب التظاهرات التي حصلت العام الماضي وما افرزته من استقالة حكومة عبد المهدي وتشكيل حكومة الكاظمي، والجزء الآخر هو بسبب الوضع الإقليمي الذي يشهد صراعا بين واشنطن وطهران وافرازات التطبيع بين دول الخليج وإسرائيل.
وبين أن العراق يقف اليوم بين كل هذه التحديات في موقف لا يحسده عليه، وعلى الرغم من أن العراق حاول أن يكون بعيداً عن مجريات تلك التحديات لكن الوضع “خطير” وعلى الجميع أن يعي خطورة المرحلة، ولابد أن نمنع أن يكون البلد ساحة للصراع بين الدول من خلال تماسك الجبهة الداخلية وتوحيد الصفوف وعلى الحكومة أن تخلق حالة من التوازن في علاقتها مع جميع الدول.
وذكر رئيس ائتلاف دولة القانون أن “العلاقات الدولية تشهد تغيراً كبيراً والمنطقة تشهد حالة من عدم الاستقرار فمنذ بداية الربيع العربي والأزمة في سوريا حرصنا على أن لا يكون العراق جزءاً من هذه المحاور المتصارعة وكان موقفنا واضحا وصريحا في هذا المجال والذي يؤكد على ضرورة تعزيز العلاقات مع الجميع ما عدا إسرائيل لأننا نؤمن بسياسة الحوار والمصالح المشتركة ونرفض التدخل في شؤون الآخرين، كما أننا نرفض أن يكون العراق في محور تقوده جهة لها حسابات مع محور تقوده دولة لها حسابات مع المحور الآخر، بل تكون العلاقات تكاملية وتصاعدية مع الجميع وفقالقواعد المصالح العليا المشتركة”.
وحول ملف التطبيع مع اسرائيل، أوضح المالكي أن “العراق لا يمكن أن يكون سائراً في اتجاه التطبيع مع إسرائيل لأنه يؤمن بالقضية الفلسطينية وحقوقها المشروعة في التخلص من الاحتلال الغاصب الجاثم على صدر الشعب الفلسطيني منذ عقود من الزمن، وأن ما حصل مؤخراً من قبل بعض الدول الخليجية أمر مخيب للآمال رغم أن هذه الدول كان لها تواصل مع الكيان الصهيوني بشكل مستمر لكن اليوم أصبح بشكل علني ومن دون احترام مشاعر الأشقاء الفلسطينيين”.
وبين أن “ركاب التطبيع سيتسع ويشمل دولا أخرى وستكون هناك محاولات لجر العراق للتطبيع أيضا ولكن التطبيع لن يتمكن من تحقيق الاستقرار المنشود وإعطاء الحقوق الفلسطينية وسينقلب الوضع الى تأزم شديد ستقوده الشعوب العربية الإسلامية وليس الحكومات”.
ووقعت إسرائيل رسمياً في 15 أيلول في واشنطن برعاية الرئيس الأميركي دونالد ترامب اتفاقي تطبيع مع الإمارات والبحرين، ما جعل هاتين الدولتين الخليجيتين أول طرف عربي يقدم على هذه الخطوة بعد الأردن في 1994 ومصر في 1979.
وأعلنت واشنطن يوم الجمعة (24 تشرين الأول 2020) توقيع اتفاق تطبيع للعلاقات بين السودان وإسرائيل.