الخدمة الإلزامية، التي عرّفها الدستور في النظام العراقي السابق، على أنها الخدمة الفعلية التي يقضيها المكلف في الجيش وتشمل خدمة المكلف الذي يتطوع فيه، توقف تطبيقها في العراق بعد عام 2003، بالتزامن مع قرار حل الجيش العراقي، من قبل الحاكم الأميركي، وقتها، بول بريمر، الذي قامت قوات بلاده بغزو بلاد الرافدين والإطاحة بالنظام السابق.
تعالت الدعوات مؤخراً لإعادة العمل بالخدمة الإلزامية، من قبل بعض الأطراف السياسية، التي تراها “ضرورية” للبلاد، من عدة نواحي، ولاسيما بعد أن تم في وقت سابق، جمع تواقيع أكثر من 150 نائباً في البرلمان العراقي، لإقراره، لكنه لم ير النور لحد الآن.
وزارة الدفاع، سبق أن أعدت دراسة موسعة بغية إكمال كل الإجراءات اللازمة لتفعيل هذه الخطوة، خاصة ما يتعلق بالبنى التحتية من معسكرات تدريب، حين يتم استدعاء مواليد محددة، في حين اختلف المنادون بإعادة تفعيل الخدمة الإلزامية، بالأعمار المشمولة به، فمنهم من يرى أن اي أحد لم يؤديها، فهو مطالب بتأديتها، في حين رأت جهات أخرى مؤيدة، أنه ينبغي تحديد من هم دون الثلاثين لتأدية الخدمة الإلزامية، فيما رأت جهات أخرى أن المفروض تقليل العمر إلى دون الـ25.
المؤيدون، يرون أنها خطوة “ايجابية” تسهم بالقضاء على البطالة، وتعزيز قدرات الجيش بطاقات بشرية، فضلاً عن تحقيق المساواة بين طبقات المجتمع، إضافة إلى استفادة جهات عديدة من الحركة الاقتصادية التي ستنجم عن الأعداد الكبيرة من الشباب، التي ستلتحق بالقوات الأمنية، وأسباب أخرى عديدة.
المعارضون يرون أن العراق مر بسنوات عديدة من الحروب، ولا توجد أية أسباب تدعو لـ”عسكرة” المجتمع من جديد، بل الأفضل الاتجاه إلى تطوير الاقتصاد وتوسيع القطاع الخاص والاستفادة من طاقات الشباب في تنمية هذه القطاعات، كما أن رفع أعداد منتسبي الأجهزة الأمنية، من شأنها خلق توترات في المنطقة، خصوصاً وأن عدد منتسبي الأجهزة الأمنية في العراق نحو مليوني عنصر أمني، في وقت يشكك آخرون بمدى قدرة الحكومة على تحقيق المساواة في إلزام الجميع بتأدية الخدمة الإلزامية، من دون تمييز، خصوصاً مع أبناء السياسيين وأصحاب النفوذ في الدولة، في حين يرى بعض المعارضين أن من شأن هذه الخطوة، خلق باب جديد من أبواب الفساد، ولاسيما في المؤسسة العسكرية، من خلال عدم رغبة البعض بتأدية الخدمة الإلزامية، وبالتالي من الممكن أن يتم تقديم رشاوى للضباط الكبار، من أجل عدم تأديتها.
ورغم أن الدستور العراقي لعام 2005، في مادته (2/ تاسعاً) ينص على تنظيم “خدمة العلم” بقانون، لكن رئيس لجنة الامن والدفاع النيابية، محمد رضا آل حيدر، رأى أن إرادات سياسية تعارض قانون الخدمة الالزامية وتحول دون تشريعه، مشيراً إلى أن مشروع القانون يتضمن عقوبات معنوية “صارمة” بحق المتخلفين عن أداء خدمة العلم.
آل حيدر ذكر أن مشروع قانون الخدمة الالزامية لا يزال في مجلس شورى الدولة، مؤكداً انه يواجه معارضة عدد من السياسيين، بالرغم من الفائدة التي تعم شريحة الشباب في حال اقراره من خلال خدمتهم في مراكز تدريبية لمدة 9 اشهر يوزعون بينها بحسب الشهادات، وإضافة فقرة الى القانون تقضي بحرمان المتخلفين عن الالتزام بالخدمة من الوظائف واصدار جوازات السفر، كعقوبة معنوية يمكن أن تحث الشباب على الالتحاق بالمراكز التدريبية وتأدية خدمة العلم، وفقاً لصحيفة الصباح.
عضو اللجنة كاطع الركابي ذكر أن القانون لم يحن دوره لغاية الان في القراءة والتصويت في مجلس النواب، وأن للقانون دوراً في استيعاب عدد كبير من الشباب العاطلين عن العمل والقضاء على العديد من الظواهر السلبية، لافتاً إلى أن أغلب دول العالم لديها خدمة الزامية، حسب قوله.
عضو المكتب السياسي لتيار الحكمة فادي الشمري، ذكر في تغريدة له بموقع تويتر أن كل الحديث عن تشريع قانون الخدمة الالزامية ماهو الا “كذبة” تتكرر كل دورة برلمانية أو حكومية لاشغال الرأي العام فقط، فلدى العراق قرابة مليوني عنصر أمن في مختلف الأجهزة، متجاوزة نسبة الاحتياج الفعلي، مشيراً إلى عدم الحاجة لأي جيوش احتياط شعبي، كما تفعل الدول التي تدرب أبناءها للاستفادة منهم في أي طارئ.
وشهدت مواقع التواصل الاجتماعي ردود أفعال ساخرة من هذه الدعوات، فمنهم من قال إن الخدمة الالزامية تفيد “شباب التظاهرات” للالتحاق بها ومن ثم العمل على “انقلاب عسكري” على الحكم، بينما قال آخر إن تطبيق الخدمة الإلزامية، هو “بداية نهاية الهيمنة الإيرانية بعد بناء جيش الإنقاذ العراقي”، في حين علّق آخر بالقول “بلكي ترجع الخدمة الإلزامية حتى يسترجلون هالجيل المايع ويشوفون الحياة شكد صعبة”، بينما قال آخر “اجاك الموت يا تارك خبطة الوجه”.