وزير التخطيط يعرض “تقرير العراق الطوعي الوطني الأول للتنمية المستدامة”

أدلى السيد وزير التخطيط الدكتور نوري صباح الدليمي في مقر الأمم المتحدة في نيويورك، اليوم الأربعاء، بالتقرير الطوعي الوطني الأول للعراق على هامش اجتماعات المنتدى السياسي رفيع المستوى في نيويورك للمجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة.

وأكد الدكتور نوري الدليمي خلال كلمته تبني الحكومة مشروعات طموحة لتحسين الأوضاع الاقتصادية وتنويع الاقتصاد، منها مشروع ميناء الفاو الكبير الذي تصل طاقته الاستيعابية الى 99 مليون طن سنوياً، مشيراً الى سير العراق في جهود طويلة وحثيثة لاستكمال تكييف اهداف التنمية المستدامة، وتحسين أطر التخطيط وآليات تعبئة الموارد من أجل التنمية، لافتاً إلى حاجة ذلك لتعزيز القدرات الوطنية والمحلية التي تستهدف تحسين عمليات جمع البيانات ورصد الإنجازات واعداد التقارير الوطنية والمحلية والقطاعية.

مبيناً اتخاذ العراق لخطوات فاعلة باتجاه ادماج ذوي الإعاقة والاحتياجات الخاصة وتمكينهم وتعزيز مشاركتهم في المجتمع، مؤكداً العمل على اتاحة الرعاية الصحية المتكاملة والشاملة لكافة أفراد المجتمع، مشيراً بذلك إلى ان حوالي 63% من السكان يحصلون على الرعاية الصحية الأولية.

موضحاً عمل الحكومة العراقية ضمن شراكات عالمية لتعزيز الجهود الدولية الرامية إلى تحقيق التنمية وتعزيزها، والمشاركة بفاعلية في المفاوضات بمختلف المحافل الدولية حول قضايا التنمية والبيئة والتغير المناخي.

فيما أكد السيد وزير التخطيط عند سؤاله عن الأهداف التي تؤثر في مسار التنمية المستدامة في العراق؛ ان الأهداف هي الهدف 16 (السلام والعدل والمؤسسات القوية) لأنه يرتبط بقضية الحكم الرشيد ومكافحة الفساد في البلد وبناء قيم العدل والسلام والمواطنة الصالحة، والهدف 9 (الصناعة والابتكار والبنى الأساسية) لأنه يرتبط بقدرة العراق على تنويع اقتصاده وتطوير البنى الأساسية والتخلص من الاعتماد المفرط على تصدير البترول.

 

وفيما يلي نص خطاب الوزير الدليمي:

نحن الوفد العراقي يسعدنا أن نقدم تقريرنا الطوعي الأول في المنتدى السياسي رفيع المستوى لنؤكد للعالم أجمع بأن:
• الازمات الكبيرة والمتكررة تولد شعوبا قوية تحب الحياة والتنمية لتجسد صمود الامة.
• تحدياتنا مستمرة وفي كل المجالات ولكننا نتسلح بالارادة والعزيمة لنتخطاها وبذلك نعلن (انتصار إرادة وطن).
• وضعنا السياسي يسير نحو الاستقرار مما يولد بيئة تمكينية داعمة للسير باتجاه تحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030.
• مثلث النجاح العراقي يستند الحكم الرشيد- الصمود- الشركاء الدوليين.
السيدات والسادة الحضور
• لقد داهمت التحديات الكبيرة خلال العقود الأربعة الأخيرة من تاريخ العراق البنى والموارد والمؤسسات مخلفةً إرثاً من العنف والحروب والفقر وانعدام الاستقرار وضعفاً شديداً للحكم والهشاشة المزمنة وفقدان للكثير من أسس السلام المجتمعي. لذا فهو يواجه اليوم تحديات متنوعة أهمها:
• النمو السكاني المرتفع وزيادة نسبة الشباب في المجتمع وهو على وشك الدخول في الفرصة السكانية في ظل تأرجح أسعار النفط الخام عالمياً، والركود الاقتصادي، وتعبئة الموارد لمواجهة العنف والإرهاب. في وقت تتزايد فجوة النوع الاجتماعي وتمكين المرأة في المجالات كافة.
• عدم الاستقرار السياسي وضعف الأداء المؤسسي ومقومات الحكم الرشيد.
• متطلبات إعادة الاعمار الضخمة التي تنافسها الاحتياجات الانية للانفاق العام.
• التغير المناخي الذي يتأثر به الفقراء والفئات الهشة في ظل تدهور الاقتصاد الزراعي والبيئة الريفية بفعل التغير المناخي ولاسيما ما يتصل بالمياه والجفاف والتصحر.
• التغير العالمي والإقليمي الذي يفرض سباقا شديد التنافس والتنوع بفعل الثورة التكنلوجية.
• تحدي البيانات الضرورية لرصد التنمية المستدامة وأهدافها ، بل ومجمل التقدم الاقتصادي والفجوات بين أوضاع الناس والمناطق على الرغم من الجهود التي تبذلها وزارة التخطيط لتأمين توفر بيانات كافة. وربما تكون هذه الفجوة قد منعت التقرير من اضاءة جوانب مختلفة من أوضاع الناس والإجراءات الحكومية التي اتبعت لتحسينها.
توافقاً مع منهجية التقرير التي تستند الى وثيقة المعالم الرئيسية لعملية المتابعة والاستعراض على المستوى العالمي بشكل متسق وناجح وشامل، فقد وضع معدو التقرير نصب أعينهم مجموعة من المبادئ اهمها:
اعتماد النهج التشاركي في جميع مراحل الاعداد لتحقيق اهداف التقرير وتوسيع نطاق الملكية الوطنية لمحتواه. فعقدت من أجله عشرات الانشطة من ندوات ومؤتمرات وورش العمل غطت جوانب مختلفة من عملية اعداده. شارك فيها برلمانيون، منظمات المجتمع المدني، القطاع الخاص، وأصحاب المصلحة كافة.
فضلا عن ذلك فقد استخدمت التشاورات الالكترونية لسماع أصوات الناس وبخاصة الشباب والشابات وفهم تطلعاتهم حول التنمية. كما تم اجراء استطلاع رأي حول الهدف 16 الذي كانت فجوة البيانات فيه تشكل تحديا كبيرا.

لقد انطوت عملية اعداد التقرير نفسها على تحديات جدية لكنها وفرت دروسا مهمة، فقد مثلت عملية اعداده فرصة مهمة لتبادل الآراء والخبرات حول كيفية تحقيق ‏التنمية، وادماج خطة التنمية المستدامة بالرؤية والخطط الوطنية ضمن إطار ‏استراتيجي للعمل التنموي الوطني. غير أن ضمان استيعاب جميع أصحاب المصلحة وادماج رؤاهم وتصوراتهم التي تخص ‏التنمية المستدامة وخطتها؛ مثل تحديا لذا كان لابد من ابداع آليات جديدة للاستماع ‏لمختلف الأصوات والسماح لها بالتعبير عن رؤاها.
اعتمد التقرير الطوعي على مقاربة مشتركة لاجندة التنمية المستدامة والكيفية التي تتوافق فيها مع الرؤى والخطط والاستراتيجيات الوطنية، فقد بيّن التقويم المعد على وفق منهجية (رِيا)‏ أن 74% من الأهداف الستة عشر الاولى تم تغطيتها في الرؤية. وحتى بالنسبة لإقليم كردستان، فإنَّ رؤية الإقليم 2020 تتوافق بحوالي 71% مع ‏أهداف التنمية المستدامة.
لذا تم تصميم القسم الخاص بعرض التقدم المحرز في اهداف التنمية المستدامة بالطريقة التي تستجيب بها لتحقيق رؤية العراق 2030 التي تنص على: “انسان ممكن في بلد آمن، ومجتمع موحد، واقتصاد متنوع وبيئة مستدامة، ينعم بالعدالة والحكم الرشيد” وذلك عبر خمسة عناصر أساسية هي: بناء الانسان، الحكم الرشيد، اقتصاد متنوع، مجتمع آمن، وبيئة مستدامة. تندرج تحتها الأهداف الـ 11 المنتقاة في التقرير.
• تعمل الحكومة على اتاحة الرعاية الصحية المتكاملة والشاملة لكافة أفراد المجتمع… مع ذلك فان حوالي 63% من السكان يحصلون على الرعاية الصحية الأولية نسعى الى شمول كامل السكان بها.
• في عام 2018 كان هناك حوالي 87% من الافراد ممن تزيد أعمارهم عن 10 أعوام يجيدون القراءة والكتابة، وترتفع النسبة بين الذكور الى 91.9% مقابل 82.1% بالنسبة للإناث.
• مع ذلك • ما تزال هناك عقبات جدية امام فرص مشاركة وتمكين المرأة لاسيما في مجال العمل، والارتقاء الإداري في المؤسسات العامة والخاصة. اذ ما تزال المشاركة الاقتصادية للمرأة منخفضة 13.0%، فيما يرتفع معدل البطالة بين النساء الى 31.0% بحسب بيانات عام 2018.
• تبنت الحكومة مشروعات طموحة لتحسين الأوضاع الاقتصادية وتنويع الاقتصاد منها مشروع ميناء الفاو الكبير الذي تصل طاقته الاستيعابية الى 99 مليون طن سنويا ويضم مشاريع تقدر قيمتها بحوالي 5 مليارات دولار لانشاء بنى تحتية صديقة للبيئة.
ان أهم ما حاول التقرير ابرازه هو الكيفية التي اعتمدتها الحكومة والقطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني في الاستجابة لمقولة “لن نترك أحدا” في ثلاث قضايا إنسانية هي: النزوح وادماج ذوي الإعاقة والاحتياجات الخاصة والفقر:
• لقد أدت الحرب ضد الإرهاب وتداعياتها الى حدوث ازمة إنسانية واقتصادية ‏كبيرة، ومنذ عام 2014 أدت الى نزوح حوالي 6 ملايين نسمة بحسب بيانات وزارة الهجرة ‏والمهجرين العراقية، عاد 71% منهم لغاية شباط (فبراير) 2019، وما تزال الحكومة ملتزمة بالاختيار الطوعي ‏لعودة النازحين، وتهيئة سبل عودتهم. ‏‏
• اتخذ العراق خطوات باتجاه ادماج ذوي الإعاقة والاحتياجات الخاصة وتمكينهم ‏وتعزيز مشاركتهم في المجتمع. وفي كانون الاول (ديسمبر) 2017 أطلق العراق نتائج المسح الوطني الاول للإعاقة ‏لسنة 2016 الذي نفذه الجهاز ‏المركزي للإحصاء، ‏واهمية هذا المسح تنبع من توفير قاعدة بيانات خاصة بالمعاقين التي ستساعد ‏متخذي ‏القرار رسم السياسات الخاصة لهذه الشريحة. وقد أصدر العراق عددا من التشريعات التي تضمن حقوقهم وتعزز مشاركتهم المجتمعية. ‏مع وجود هيأة رعاية ذوي الإعاقة والاحتياجات الخاصة ترعى حقوقهم كافة.
• بلغت نسبة الفقر في العراق حوالي 23% عام 2007، خفضت بفضل جهود الحكومة ‏والشركاء الى حوالي 19% عام 2012‏.‏ ووصلت نسبتهم في مطلع عام 2014 الى 16% بحسب تقديرات البنك الدولي لتعود بعدها الى الارتفاع الى أكثر من 22% مطلع عام 2015 بسبب الازمة المزدوجة التي نتجت عن داعش وانخفاض أسعار النفط. وأطلقت الدولة استراتيجية التخفيف من الفقر الثانية والتي تبنت برنامجا يسهم ‏في تحسين الأوضاع المعيشية والحماية من المخاطر والتمكين من أجل تحويل الفقراء ‏الى منتجين مندمجين اقتصاديا واجتماعيا من خلال 6 محصلات تخص مجالات الدخل والصحة والتعليم والسكن والحماية الاجتماعية الفاعلة للفقراء التي وصلت التغطية فيها الى اكثر من مليون اسرة على وفق نموذج علمي للاستهداف.
‏ ينتظر العراق جهد طويل وحثيث لاستكمال تكييف اهداف التنمية المستدامة، وتحسين أطر التخطيط واليات تعبئة الموارد من أجل التنمية، وذلك يتطلب:
• تعزيز القدرات الوطنية والمحلية التي تستهدف تحسين عمليات جمع البيانات ورصد الإنجازات واعداد التقارير الوطنية والمحلية والقطاعية.
• بناء الشراكات القوية المتعددة بين أصحاب المصلحة. ‏
• الشراكة العالمية في الجهود الدولية الرامية إلى تحقيق التنمية وتعزيزها، ‏ويشارك بفاعلية في المفاوضات في مختلف المحافل الدولية حول قضايا التنمية ‏والبيئة والتغير المناخي، ويؤكد مع كل مناسبة على التنفيذ الفعال للاتفاقيات الدولية ‏ذات الصلة من خلال التعاون.‏
اننا في العراق ننظر الى التقرير الطوعي بوصفه عملية مستمرة لا تتوقف عند اعداده وعرضه امام منتداكم الموقر بل هو بداية لمرحلة جديدة تتضمن عملا والتزاما وطنيا وقد وضع التقرير في القسم الأخير جدولا زمنيا للخطوات اللاحقة والأنشطة التي ستتخذ خلال السنوات الأربع القادمة والتي تتضمن اصدار تقارير الرصد للمحافظات الـ 15 ولإقليم كردستان. وتطوير السياسات الوطنية لتستوعب فلسلفة الأهداف وتساقط اثارها الإيجابية على المجتمع، فضلا عن العمل على ردم فجوة البيانات.