بغداد/ جنيف (27 شباط/ فبراير 2020) –
حثّت خبيرةٌ لحقوق الإنسان في الأمم المتحدةِ العراقَ على مضاعفة جهوده لمعالجة شواغل حقوق الإنسان للنازحين، لا سيما الأطفال منهم، داعيةً إلى زيادة التدابير في مجال المساعدة الإنسانية والتنمية والتماسك الاجتماعي والمصالحة.“
وقالت مقررة الأمم المتحدة الخاصة المعنية بحقوق الإنسان للنازحين السيدة سيسيليا خيمينيز داماري عقب الانتهاء من زيارتها للعراق : “لقد تسبب الصراع بين عامي 2014 و2017 مع ما يُعرف بتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) بنزوح قرابة 6 ملايين شخص. وقد عاد أكثر من 4 ملايين شخصٍ إلى مناطقهم الأصلية، وهو تطورٌ لعبت فيه سياسات حكومة العراق دوراً محورياً..
إلا أن ذلك يحتاج لأن يُستكمل بإيجاد الظروف التي تضمن استئنافهم لحياتهم الطبيعية، وفي غياب هذه الظروف يتعرض عددٌ كبيرٌ من هؤلاء العائدين إلى خطر الانزلاق إلى النزوح الثانوي.”
وفي حين أشادت الخبيرةُ بالحكومة للتدابير التي اتخذتها بالفعل، قالت إن احتياجات المساعدة للنازحين المتبقين البالغ عددهم 1.5 مليون شخص ما زالت متفاقمة. ودعت إلى إيجاد حلول دائمة للنازحين وإلى وضع خطة وطنية للسلام والمصالحة.
وقالت: “لقد أعلنت حكومة العراق عن عزمها إعادة جميع النازحين إلى ديارهم بنهاية هذا العام. إلاّ أنه لا تزال هناك الكثير من العقبات أمام عودتهم، بما فيها المنازل المدمرة أو المتضررة وتلوث الأراضي بالألغام والقيود المفروضة على حرية الحركة وانعدام فُرص سُبل العيش. وينبغي أن تكون عمليات عودة النازحين آمنة وأن تتم بناء على قرار مستنير وأن تكون طوعية وكريمة، وأن يكون للنازحين الحق في اتخاذ القرار بشأن العودة إلى ديارهم أو الدمج حيث يقيمون حالياً أو التوطين في مكان آخر.
إن من أشد المآسي التي خلفها الصراع مع تنظيم داعش فداحةً والتي شاهدتها خلال زياتي هي أوضاع الأطفال النازحين. إنه جيلٌ يعيش في حالة صدمةٍ جراء أعمال العنف التي شهدها، جيلٌ محرومٌ من فرص التعليم.”
وأضافت: “كما أشعر بقلق عميق إزاء مستوى الحرمان من التعليم الذي يعانيه الأطفال النازحون داخل المخيمات وخارجها. إن العجز عن الالتحاق بمنظومة التعليم الرسمي بسبب الافتقار إلى الوثائق الثبوتية الشخصية أو بسبب القيود المفروضة على الحركة، يقود إلى ظهور جيلٍ من الأطفال المهمشين في المجتمع.”
وأعربت الخبيرة في الأمم المتحدة عن قلقها بشأن العراقيل العديدة التي تواجه النازحين في الحصول على الوثائق الثبوتية الشخصية وتجديدها للوصول إلى الخدمات الأساسية والتعليم والرعاية الصحية ومستحقات الضمان الاجتماعي والسكن وحقوق حيازة الأراضي وحقوق الملكية وحرية الحركة.
كما سلطت الضوء على وضع الأقليات العرقية والدينية (أو “مكونات” المجتمع العراقي كما يفضل الكثيرون أن يُطلق عليهم) والتي نزحت بسبب الاضطهاد الذي عانته في المناطق التي سيطر عليها تنظيم داعش، مع التركيز بشكل خاص على محنة الأيزيديين. وقالت: “لقد عانت هذه الأقليات خسائر وانتهاكات فادحة لحقوق الإنسان، وبقي معظم أفرادها مقيمين في المخيمات لسنوات عديدة. ويجب النظر في جميع بدائل الحلول الدائمة مع المجتمعات نفسها.”
كما أعربت السيدة خيمينيز داماري عن قلقها بشأن وضع العائلات التي يُتصور انتماؤها لتنظيم الدولة الإسلامية. وقالت: “تتعرض هذه العائلات لتمييز واسع النطاق من قبل السلطات والمجتمعات. وتعرّضَ أفرادُها للتهديد والمضايقة والعنف في مناطق النزوح ومناطقهم الأصلية على حدٍّ سواء، كما حُرموا من الخدمات الأساسية؛ بما في ذلك الرعاية الصحية والتعليم.”
وخلال زيارتها التي استمرت تسعة أيام في الفترة من 15 إلى 23 شباط/ فبراير 2020، التقت الخبيرة بممثلي الحكومة على المستويات الوطنية والإقليمية والمحلية ومع وكالات الأمم المتحدة والمجتمع المدني والأطراف الفاعلة في المجالات الإنسانية والتنموية وغيرهم من الأطراف المعنية الوطنية والدولية. كما التقت مع النازحين داخل المخيمات وخارجها.
وستُدرَج نتائجُها وتوصياتُها الكاملة في تقريرٍ إلى مجلس حقوق الإنسان.