كتب الإعلامي علاء الحطاب…
بعيدا عن السياسة قريبا من تأريخها الماضي
وفاة الشيوعي الجدلي عزيز الحاج عن عمر ناهز الـ 94 عاما
اعرف اني اتحدث عن شخصية اشكالية كبيرة جدا وهنا انا لا ازكي او ادافع او انتقد مواقفه.
في حينها لم اصدق انه سيوافق على اجراء مقابلة تلفزيونية تستحضر التأريخ وتشرحه على طاولة البحث والنقد.
عندما اجريت حوارا موسعا مع الراحل سكرتير الحزب الشيوعي الاسبق عزيز محمد في اربيل ووصل بنا الحديث لاعوام 1964 وما بعدها وصولا لعام 1967 وانشقاق عزيز الحاج وتشكيل حركة اهوار الجنوب وما بعدها، حدثني الراحل عزيز محمد بعد انتهاء المقابلة انه متواصل مع عزيز الحاج وعبثا طلبت منه رقم هاتفه في باريس حيث يثيم الاخير منذ اكثر من 40 عاما فيها، قال لي عزيز محمد ان الحاج لا يوافق على اجراء اية مقابلة صحفية ولا يريد ان ” يقلب المواجع” وكأن عزيز محمد يقول لي: علاء اترك الموضوع، لكن فضولي الصحفي جعلني اواصل طلبي، فأعطاني الرجل عزيز محمد رقم هاتف الحاج، بعد ايام اتصلت به، واذا به يجيبني تفضل من معي؟
ولانه كبير السن وسمعه ضعيف حاولت ان اشرح من انا وسبب الاتصال دون جدوى واغلق سماعة الهاتف.
بعد نصف ساعة تقريبا عاوت الاتصال وهذه المرة قدمت نفسي له وسألته، دكتور هل ترغب ان ترحل عن هذا الدنيا وانت في نظر العراقيين قاتل وخائن؟ سؤالي اثار اهتمامه وشكل صدمة له فسألني بغضب لماذا؟
الحاج مع الزميل علاء الحطاب
شرحت له انني اجريت حوارات مع قيادات في الحزب الشيوعي ومنهم عزيز الحاج ولم يكن قد توفي في حينها وانهم جميعا اتهموه بالخيانة وقتل رفاقه وبعض شباب الحزب في حركة متهورة لم تكن محسوبة العواقب، وهنا الان انا اعرض عليك ان تبدي وجهة نظرك للتأريخ وللعراقيين قبل ان تفارق الحياة ويبقى موقفك حبيس الكتب لا اكثر .
هنا … صمت قليلا وقال لي اتصل بي بعد ساعة واحدة وبالفعل اتصلت به وتحدثنا عن البرنامج والضيوف وما قالوا بحقه، فأجابني انه قال ماعنده في بعض كتاباته ولن يخوض في هذا الموضوع مجددا وانه رفض عروضا كثيرة قدمت له من قنوات كالجزيرة وغيرها، فطلبت ان يسمح لي بالاتصال به في وقت لاحق فوافق.
بالفعل اتصلت به بعد ايام وكررت طلبي عليه، فأجابني انه سيجري عمليه لعينيه وطلب مني ان اتصل به بعد شهرين.
اتصلت به بعد شهرين وتحدثت معه قرابة ساعة كاملة، فوافق على اجراء المقابلة، لكن بعد شهر من تأريخ هذه المكالمة.
المهم ذهبت اليه الى باريس بالتنسيق مع ابو نور الشخص المقرب منه ويدير مركزا ثقافيا عراقيا في باريس والرجل كان جدا متعاون معي ومتفاجئ كون الحاج وافق على اجراء المقابلة.
عندما حضر الحاج الى مكان التصوير قال لي ان وضعه الصحي متردي كثيرا ولا يستطيع الحديث اكثر من ساعة واحدة فقط وعليَّ ان انهي اسألتي بهذه الساعة، فوافقته على ذلك واجريت الحوار، وما ان انتهت الساعة الاولى طلب مني الحاج ان اكمل لساعة اخرى، وبعد اكمالها قال ان لديه حديث كثير لم يتحدث به بعد، وطلب ان نكمل الحوار في اليوم التالي وبالفعل اتممت معه اربع ساعات من الحوار وكان واضحا وصريحا، انتقد نفسه في مواقف ودافع عن الاخرى ووجه لنفسه نقدا واعترافا في بعض المواقف الحادة.
بعدها اهداني مجموعة من مؤلفاته .
وبعد انتهاء الحديث وبينما اوصله للسيارة التي تقله قال لي : علاء اشعر الان اني ازلت هما عن صدري وتحدثت بما صمت عنه سنين طوال .
في حياة الرجل ” بغض النظر عن مواقفنا منه” دروس وعبر للاجيال ممكن الاستفادة منها، سيما فيما يخص عمل الاحزاب السياسية وتنظيماتها ومواقفها ازاء الاحداث التي تمر بها.
رحل الرجل وترك خلفه مواقف اشكالية جدلية كبيرة .