خلال حوار مع شبكة رووداو الإعلامية، قال السفير الأميركي الأسبق في العراق دوغلاس سيليمان: “هناك جهات محلية عراقية وأخرى دولية تسعى لإضعاف إقليم كوردستان وحكمه الذاتي”، ورأى أن الحل يتمثل في “حفاظ قيادة إقليم كوردستان على تواصل وثيق مع الأطراف في بغداد لحشد الدعم لأنفسهم، وتفهم الجهات التي يبدو أنها تسعى لإضعاف إقليم كوردستان”.
وقال السفير الأميركي الأسبق في العراق إنه يعتقد بأن هناك “جماعة شيعية قوية ومتعصبة قومياً.. تريد إخضاع مكونات الأقليات وإقليم كوردستان لنفوذ بغداد”.
دوغلاس سيليمان الذي شغل منصب السفير الأميركي في العراق للفترة من 2016 إلى 2019، ويعمل الآن رئيساً لمعهد دول الخليج العربية في واشنطن، أجاب على سؤال لرووداو عن زيارة رئيس وزراء إقليم كوردستان مسرور بارزاني ونائبه قوباد طالباني إلى بغداد بالإشارة إلى رسالة وجهها رئيس حكومة إقليم كوردستان مسرور بارزاني، وعن هذه الرسالة قال في معرض إجابته على سؤال آخر: “أنا لم أطلع على الرسالة، لكني اطلعت على تقارير صحفية أشارت إليها، وكما أسلفت، فإن مضمون الرسالة التي وجهها كاك مسرور للرئيس بايدن هو أن الإدارة الذاتي لكوردستان في خطر وأن قوى في بغداد وإيران وغيرهما ربما يريدون إضعاف إقليم كوردستان.
أعتقد أنها رسالة يتفهمها الرئيس بايدن وسيقدرها”.
أدناه حوار رووداو مع السفير الأميركي الأسبق في العراق دوغلاس سيليمان:
رووداو: رئيس وزراء إقليم كوردستان ونائبه، زارا بغداد اليوم معاً، هل ستساند أميركا إقليم كوردستان بصورة أفضل عندما ترى رئيس الوزراء ونائب رئيس الوزراء معاً؟
سيليمان: هذا سؤال جيد. المشكلة الرئيس الآن هي وكما تحدث عنها رئيس الوزراء كاك مسرور بارزاني الأسبوع الماضي في رسالة إلى واشنطن، أن الحكم الذاتي لإقليم كوردستان مهدد في السياسة العراقية. يبدو أن أطرافاً محلية عراقية وأطرافاً دولية تسعى لإضعاف إقليم كوردستان وحكمه الذاتي، لهذا أعتقد أن على قيادة إقليم كوردستان الحفاظ على تواصل وثيق مع الأطراف في بغداد لحشد الدعم لأنفسهم، وتفهم الجهات التي يبدو أنها تسعى لإضعاف إقليم كوردستان. كذلك ستكون فكرة جيدة إذا استمر تواصل قيادة إقليم كوردستان مع أصدقاء إقليم كوردستان.
رووداو: من هي تلك الأطراف التي تريد إضعاف إقليم كوردستان؟
سيليمان: أعتقد أن عناك عدداً من الأطراف في مواقع مختلفة. في داخل العراق، أعتقد أن جماعة شيعية قوية ومتعصبة قومياً تتألف من الذين يرون أن العراق تجب إدارته بقوة من قبل الشيعة، وأن تعمل المكونات الأخرى ضمن هذا الإطار. هذه الجماعة تريد إخضاع مكونات الأقليات وإقليم كوردستان لنفوذ بغداد. كما أعتقد أن لإيران رغبة من هذا القبيل إلى حد ما. لإيران علاقات مثمرة وقديمة مع مختلف أطراف إقليم كوردستان، ولكن بصورة عامة وكما رأينا عندما وجهت إيران ضربات عسكرية للكورد المعارضين لإيران المقيمين في إقليم كوردستان، فإن إيران تريد التأكد من أن إقليم كوردستان لن يقدم على شيء يضر المصالح الإيرانية، ومنها توفير ملاذ آمن لمعارضي نظام طهران.
رووداو: قال رئيس وزراء إقليم كوردستان في 13 أيلول إن حكومة إقليم كوردستان كانت شفافة جداً في تزويد الحكومة العراقية بالبيانات، لكن بغداد لا تتصرف كما يمليه النظام الاتحادي. فهل تريد أميركا إقرار النظام الاتحادي لإقليم كوردستان؟
سيليمان: استقرار كوردستان يهم أميركا كثيراً. في الواقع، لا يعود هذا إلى مرحلة ما بعد العام 2003، بل إلى ما قبل إسقاط صدام حسين والتدخل العسكري الأميركي الذي أدى إلى إسقاط صدام حسين. كان إقليم كوردستان في نظرنا صديقاً، وكان إقليم كوردستان سنداً، كلنا كأميركيين عثرنا على فرص تجارية في إقليم كوردستان، وجدنا في إقليم كوردستان عقوداً أفضل وأكثر ربحاً وبيئة تجارية أفضل بكثير. استقرار إقليم كوردستان مهم لاستقرار العراق والمنطقة عموماً، وهذا مهم جداً لإدارة واشنطن. المشكلة على ما أرى هي أن قيادة إقليم كوردستان لم تستخدم أبداً هذه القوة التي منحها الدستور العراقي لإقليم كوردستان سواء كإقليم أو الكورد كشعب. فلعقود من الزمن كانت هناك خلافات بين مختلف أجزاء إقليم كوردستان وبين الأطراف المختلفة. أحياناً استخدموا بغداد للاستقواء على طرف كوردي آخر. لهذا، أعتقد أن أفضل ستراتيجية لإقليم كوردستان هي التحدث في بغداد بلغة موحدة. إن ذهب كاك نيجيرفان أو كاك مسرور إلى بغداد، من المهم أن تكون الرسالة واحدة، وكذلك القيادات الكوردية الأخرى في بغداد يجب أن تكون حاملة لرسالة جرى التنسيق بشأنها عن كثب لتقدم إلى حكومة بغداد.
رووداو: كلما شعر إقليم كوردستان أن حقوقه غير محفوظة في بغداد، فإنه يتطلع إلى المساعدة من أميركا. هل صحيح أن يتوقع هذا من أميركا؟
سيليمان: أعتقد أن هذا يعتمد على ما هي تلك الحقوق. لا شك أن أميركا تريد أن ترى تنفيذ تلك الأجزاء من الدستور العراقي التي تدعم الحكم الذاتي لإقليم كوردستان والعلاقة الجيدة بين حكومة أربيل وحكومة بغداد. وبالتأكيد عندما كنت في بغداد كانت لي زيارات متقاربة إلى أربيل والسليمانية، وبذلت الكثير من الجهد لخلق تنسيق بشأن القوانين الواردة في الدستور العراقي. أعتقد أن كورد العراق إن كانوا يظنون أن أميركا ستتدخل عسكرياً في بغداد لصالح إقليم كوردستان فهذا بعيد المنال، لكن أميركا قدمت ولفترة طويلة مساعدات عسكرية مهمة جداً للبيشمركة. ودعيني أقولها بصراحة، نحن في الحكومة ندفع جزءاً يعتد به من رواتب بيشمركة الألوية المشتركة. مسألة الخلاف المستمر بين أربيل والسليمانية سمحت فقط لأجزاء من البيشمركة بالانضمام إلى هذه الألوية المشتركة، كما أن لأقسام أخرى من كوردستان بيشمركتها الخاصة بها والتي لا تنسيق بينها وبين هذه الألوية الموحدة أو الأقسام الأخرى في كوردستان. لذا وحتى من المنطلق الأمني أسفر الخلاف بين قيادات إقليم كوردستان عن ظهور صعوبات في تشكيل جبهة موحدة للتعامل مع المسائل الأمنية والتباحث مع بغداد بشأن المسائل الأمنية، خلال المحادثات مع وزارة الداخلية العراقية أو وزارة الدفاع العراقية أو الحشد الشعبي أو الوحدات شبه العسكرية الأخرى. ستستمر أميركا في دعم البيشمركة، فالبيشمركة قوة دستورية، لكن أعتقد من جديد بضرورة التنسيق بين قيادات إقليم كوردستان العراق لاستخدام هذه الموارد بصورة ملائمة وفعالة.
رووداو: حسب ما جاء في تقرير لموقع المونيتور، تم إرسال رسالة من رئيس وزراء إقليم كوردستان إلى جو بايدن. ما هي معلوماتكم عن هذه الرسالة؟
سيليمان: نعم، أنا لم أطلع على الرسالة كاملة، لكني رأيت تقارير إعلامية عن الرسالة. وكما أسلفت، فإن مضمون الرسالة التي وجهها كاك مسرور للرئيس بايدن هو أن الإدارة الذاتية لكوردستان في خطر وأن قوى في بغداد وإيران وغيرهما ربما يريدون إضعاف إقليم كوردستان.
أعتقد أنها رسالة يتفهمها الرئيس بايدن وسيقدرها. لكن أعود وأكرر، رغم أن الكورد لا يقرون بهذا كثيراً، إلا أن واشنطن ستستمر في النظر إلى إقليم كوردستان كجزء من العراق. نحن سنستمر في مساندة النمو الاقتصادي لإقليم كوردستان، وكما ذكرت، سنستمر في مساندة الألوية المشتركة للبيشمركة، ونحاول مساعدة قيادة إقليم كوردستان في توجيه رسائل أفضل وأكثر تعاوناً مع بغداد.
لكن يجب أن ينجز العمل من قبل القيادة السياسية لإقليم كوردستان. لا تستطيع أميركا أن تفرض على بغداد طريقة التعامل مع إقليم كوردستان، لكننا ندعم كثيراً الاتفاق بين أربيل وبغداد على العائدات النفطية، وعلى الأموال التي تطلقها بغداد كرواتب لموظفي إقليم كوردستان، وعلى التنسيق بين القوات الأمنية. أي أن أميركا ليست حكومة إقليم كوردستان.
رووداو: لكن ومنذ العام 2005، كانت أميركا الضامن للحفاظ على النظام الاتحادي في العراق وإقليم كوردستان. فهل لا تزال تلعب دور الضامن؟ وهل بإمكانها الحفاظ على هذا النظام؟
سيليمان: الجواب الصريح هو أن الشيء الذي يقال هو تضخيم مبالغ فيه لواجب أميركا. ليس بيننا وبين العراق أو كوردستان العراق أي معاهدة للحفاظ على النظام بالسبل العسكرية، وليس عندنا شيء كهذا مع حلفائنا الآخرين في المنطقة، لا مع السعودية ولا مع إسرائيل ولا مع الإمارات. ليست لدينا علاقات كهذه مع أي دولة غير تلك المنتمية إلى حلف ناتو. لذا يجب أن لا يتوقع كورد العراق من أميركا أن تهب من طرف واحد لنجدة كوردستان. نحن نعمل مع أربيل، ونعمل مع السليمانية، ونعمل مع بغداد، ونحاول تيسير الحوار والتشجيع على اتفاق أفضل لكوردستان، ويبقى على حكومة كوردستان أن تتأكد من أن التعامل يجري بحسن نية، وعلى حكومة بغداد أن تتأكد من أن التعامل يجري بحسن نية، وهذا صعب في بغداد بالتحديد، فهناك أطراف عديدة مختلفة في الحكومة العراقية والسياسة العراقية لديها علاقات مختلفة مع إقليم كوردستان وقيادة كوردستان. سنواصل نحن جهودنا للتسهيل لحوار للتأكد من أن هذه الشوائب التي تشوب العلاقات، وتبادل الاتهامات من الجانبين، سيتم حله. ليس بإمكان أميركا فرض أي حل على أربيل أو على بغداد
Tags: اقليم كردستان