بغداد (رويترز) –
لم يجلب فوز المنتخب العراقي على نظيره الإيراني في مباراة لكرة القدم ليل الخميس سوى استراحة قصيرة من العنف في العراق إذ عاد المحتجون المناهضون للحكومة إلى الشوارع وأطلقت قوات الأمن الذخيرة الحية باتجاههم فقتلت ما لا يقل عن ثلاثة وأصابت العشرات.
وتحول الغضب العارم المستمر منذ ستة أسابيع إلى حالة من الفرحة بعد فوز العراق 2-1 على إيران التي يتهمها المتظاهرون بدعم الحكومة التي يطالبون بإزاحتها عن السلطة. وأُطلق الرصاص في الهواء ابتهاجا وانطلقت الألعاب النارية حتى الصباح الباكر.
لكن ومع بزوغ الفجر، كانت نشوة الانتصار الكروي قد انقشعت واستأنف المحتجون والشرطة معارك الكر والفر في الشوارع وعاد العنف الذي راح ضحيته أكثر من 300 شخص على مدى الأسابيع الستة الماضية.
وأطلقت قوات الأمن الرصاص الحي باتجاه المحتجين في ساحة الكيلاني ببغداد يوم الجمعة لدفعهم إلى العودة لمخيم الاحتجاج الرئيسي في ساحة التحرير في إطار مسعى حكومي لاحتواء القلاقل.
وتصاعد الدخان فيما هرع شبان يغطون وجوههم لنقل رفاقهم الجرحى إلى مسعفين في مكان قريب. ولف أحد المتظاهرين نفسه بعلم عراقي ملطخ بالدم كان متظاهر آخر يضعه على جسده.
وقال متظاهر يُدعى ياسين سلمان ”احنا كلش سلميين، ما شايلين إلا علم وبيبسي. هما كل شيء شايلين، مسيل للدموع، رصاص حي. لكن احنا أبدا ما نرجع“.
تعد الاحتجاجات الحاشدة التي بدأت في بغداد في أول أكتوبر تشرين الأول وامتدت إلى جنوب العراق ثورانا للغضب العام من نخبة حاكمة يُنظر إليها على أنها تكدس الثروات من أموال الدولة وتخدم قوى خارجية في مقدمتها إيران فيما يعاني عراقيون كثيرون من الفقر في غياب الوظائف والرعاية الصحية والتعليم.
ولم يفلح رد الحكومة على الاضطرابات بالذخيرة الحية والغاز المسيل للدموع وقنابل الصوت في وجه متظاهرين أغلبهم من العزل في ترويع الحشود التي هزأت باقتراحات إجراء إصلاحات سياسية محدودة.
ورددت حشود ضخمة هتاف ”إيران بره“ قبل مباراة كرة القدم يوم الخميس أمام الجمهورية الإسلامية وتابعت الحدث على شاشات كبيرة أقامتها السلطات. وعندما انتهت المباراة بالفوز على إيران انطلقت الاحتفالات وهتف المحتجون بفرحة بجوار الشرطة.
وانطلقت الألعاب النارية في ساحة التحرير بوسط بغداد واستمرت في سماء العاصمة لساعات.
ويضم المنتخب الوطني العراقي لكرة القدم نجوما من مختلف الطوائف والأعراق في البلاد وكان له الفضل في توحيد الصف في أوقات صعبة سابقة كان أهمها الفوز المفاجئ على المنتخب السعودي في نهائي كأس آسيا عام 2007 عندما كانت الحرب الأهلية على أشدها في العراق.
وقال أمير علي وهو متظاهر لف نفسه بالعلم العراقي ”ما عندنا غير بس المنتخب هو الدافع للفرحة والابتسامة والتوحد بين طوائف العراق“.
لكن عودة العنف يوم الجمعة سرعان ما بددت هذه النشوة.
وأعلن المرجع الشيعي الأعلى في العراق آية الله العظمى علي السيستاني مساندته للاحتجاجات في خطبة الجمعة وقال إنه يشك في أن النخبة ستحقق الإصلاح.
وفي خطبته التي قرأها ممثل عنه، قال السيستاني الذي لا يتدخل في أمور السياسة إلا في أوقات الأزمة ”إذا كان من بيدهم السلطة يظنون أن بإمكانهم التهرب من استحقاقات الإصلاح الحقيقي بالتسويف والمماطلة فإنهم واهمون، إذ لن يكون ما بعد هذه الاحتجاجات كما كان قبلها في كل الأحوال، فليتنبهوا إلى ذلك“.