الغازات المسيلة للدموع وقصد القتل

د. هشام الهاشمي*

تتكاثر علامات الاستفهام على الاستخدام الذي تجريه القوات الخاصة على جسري السنك والجمهورية لقنابل الغاز المسيل للدموع.
بحسب تحليلي: الغاز المسيل للدموع المستخدم في منطقة جسري السنك والجمهورية ينتشر بسرعة وتأثيره يستمر اكثر من ساعة بعد التعرض له وهو يحتاج الى تدخل طبي، يسبب انخفاض حاد في اداء أجهزة التنفس وبسبب تنشق زائد للغاز المسيل للدموع، وان النوعية القنابل المسيلة للدموع “الصربية والبلغارية” هي الاسواء لهذا النوع من الغاز، وهي مخالفة لحقوق الانسان بسبب تراكيز جرعاتها الكميائية، ومخالفا لقواعد سلوك فض التظاهرات الغاضبة المتفق عليها دوليا، وكذلك هناك استهتار في مخالفة قواعد الاستخدام لقنابل المسيلة للدموع، مثل المسافات المسموح بها، التي حددت بما يتناسب مع ذلك، ورميها في مناطق فارغة قريبة من المتظاهرين.
على مختبرات وزارتي الداخلية والدفاع ان تجري تحقيقا في ظروف وفاة العشرات من المتظاهرين خلال مظاهرات ساحة التحرير بعد ٢٥ تشرين الأول ٢٠١٩، بالاختناق نتيجة كثافة استخدام قنابل الغاز المسيلة للدموع، والتصويب المباشر او القوسي القريب نحو عقد التجمعات على جسري الجمهوري والسنك، قالت منظمة العفو الدولية الخميس إن خمسة متظاهرين قُتلوا في بغداد بقنابل مسيلة للدموع “اخترقت جماجمهم”، داعية العراق إلى إيقاف استخدام هذا النوع “غير المسبوق” من القنابل التي يبلغ وزنها 10 أضعاف وزن عبوات الغاز المسيل للدموع التي تستخدم بالعادة.
وهذه القنابل المصنوعة ببلغاريا وصربيا هي من “نوع غير مسبوق” و”تهدف إلى قتل وليس إلى تفريق المتظاهرين” بحسب المنظمة.


وتُظهر مقاطع فيديو صورها ناشطون رجالا ممددين أرضا وقد اخترقت قنابل جماجمهم، في وقت كان دخان ينبعث من أنوفهم وعيونهم ورؤوسهم. كما تظهر صور أشعة طبية قالت منظمة العفو إنها تأكدت منها، قنابل اخترقت بالكامل جماجم أولئك المتظاهرين القتلى.
وتزن عبوات الغاز المسيل للدموع التي عادة ما تستخدمها الشرطة بأنحاء العالم ما بين 25 و50 غراما، بحسب منظمة العفو، لكن تلك التي استُخدمت ببغداد “تزن من 220 إلى 250 غراما” وتكون قوتها “أكبر بعشر مرات” عندما يتم إطلاقها.
وقالت مجموعة من الكادر الطوعي بالمفارز الطبية في ساحة التحرير إن معظم الذين تعرضوا للغازات المسيلة للدموع كانوا يعانوا من اعراض تختلف عن تلك التي نشاهدها عادة مع التعرض لغازات المسيلة للدموع.
ومعظم الذين قتلوا بعملية اعدام ميداني من خلال استخدام التصويب المباشر لأوزان ثقيلة من قنابل الغازات المسيلة للدموع اخترقت الرؤوس والصدور والوجوه.
وقد وثقت صفحات التواصل الاجتماعي فيديوهات وشهادات متواترة عن أ طلق مباشر مقصود إصابة أجساد المتظاهرين وخاصة الرأس، عند منطقة جسري السنك والجمهوري.
وذكر مختصون بالأدلة الجنائية إن القوات الخاصة التي تستخدم غازات مسيلة للدموع من طراز CS التي تم تطويرها في بلغاريا وصربيا بطريقة مخالفة للقوانيين الدولية في فض التظاهرات ومكافحة الشغب، حيث حرم استخدامها بهذه التراكيز والكثافة من قبل خمسين سنة والذي أشارت الكثير من الأبحاث مؤخرا إلى أنه خطر للاستخدام ضد البشر، وأنه يتسبب في حالات وفاة.
هناك أنواع مختلفة من الغاز المسيل للدموع الاقل خطورة من الـ CS، وليس واضحا لنا لماذا تصر القوات الخاصة على مواصلة استخدامه، ومن الجدير بالذكر أن القوات الخاصة على جسري السنك والجمهوري تستخدم بندقية خاصة لإطلاق قنابل الغازات، وهي قادرة على أطلاق ست قنابل بسرعة العيارات النارية وحينما تصيب الأجساد او الراس تخترقه كما هي مهمة الطلق الناري الحي، وهكذا كثافة بالإطلاق تخلق سحابة كثيفة من الغاز تؤدي إلى الاختناق والوفاة .
وقد أفادت التقارير الطبية الخاصة بوفاة مجموعة من المتظاهرين أن سبب الوفاة جراء الاختناق وعدم مقدرة جهازها التنفسي على العمل إثر كمية الغازات التي تعرضوا لها في المظاهرة.
قال ضابط في مختبرات الأدلة الجنائية: “أحد العوامل الاساسية المؤثرة على مستوى اصابة غاز الـ CS هو كمية الذرات في الهواء”.
يقول طبيب مقيم أقدم في مستشفى المدينة الطبية، يشارك بانتظام في مظاهرات ساحة التحرير، ويرشد النشطاء في معالجة الإصابات: “في مثل هذا الحالة كنت أتوقع من القوات الخاصة ان تقيد الاستخدام الكثيف من القنابل في منطقة ضيقة، وهذا ليس قانوني وهو قصد القتل بشكل مباشر. ليس واضحا التزام هذه القوات بتعليمات وزارتي الداخلية والدفاع وبنصائح المرجعية، وربما لا توجد تعليمات حول التحذير من هذا الموضوع.”
وحسب طبيبة في النقطة الطبية القريبة من نفق باب الشرقي: “في الفترة الاخيرة تم تشخيص اصابات متواصلة في العينين، أ مراض جلدية وأمراض في القصبات الهوائية، يمكن الربط بينها وبين الاستخدام الكبير للغاز المسيل للدموع”.
وقال مصدر في القوات الخاصة التابعة للفوج الرئاسي ان “دولا غربية عديدة تستخدم بالضبط ذات النوع من الغاز، ان الغاز المسيل للدموع الذي قيد خدمة القوات الخاصة اجتاز كل الفحوصات المهنية المتشددة”، ووصف بانه “سلاح لا يقتل.”

*خبير عراقي بالشؤون الأمنية والسياسية

Related Posts