معركة طوفان الاقصى اعلاميا

معركة طوفان الاقصى اعلاميا

أحمد صبري

مِثلما استيقظ العالَم في السَّابع من أكتوبر على واقع جديد فرضته المقاومة الفلسطينيَّة في مسار الصراع العربي الصهيوني، فإنَّ واقعًا مغايرًا لصورة المشهد ليس على الأرض، وإنَّما في الفضاء الإلكتروني تشكَّل.

بعد أن تحوَّلت منصَّات التواصل الاجتماعي إلى ساحة حرب رقميَّة موازية، يسعى كُلُّ طرف لتسويق روايته معتمدًا على الصورة سلاحًا جديدًا في المعركة.

فالعالَم الَّذي صحا يوم السَّابع من أكتوبر على قصَّة شَعب مقاومٍ رافض للظلم واستباحة مقدَّساته ومصادرة حقوقه المشروعة، وسياسة التجويع والحصار، لِيعلنَ العالَم أجمع أنَّه شَعب حيٌّ متمسك بأرضه وقضيَّته العادلة تأبى النِّسيان، فكانت معركة طوفان الأقصى الَّتي كشفت هشاشة العدوِّ الصهيوني على الأرض في مواجهة إرادة المقاومة الفلسطينيَّة الَّتي صحَّحت معادلة الصراع مع العدوِّ الصهيوني.

 

وعبثًا حاولَتْ آلةُ الحرب الإعلاميَّة الصهيونيَّة تسويق روايتها لِتبريرِ عدوانها على غزَّة تزامنت مع أبواق إعلاميَّة أميركيَّة وغربيَّة، إلَّا أنَّ ما جرى ويجري على أرض غزَّة ومُدُن الضفَّة الغربيَّة يُفنِّد الرواية الصهيونيَّة، ويكشف زيف نيَّاتها الشِّريرة تجاه مستقبل فلسطين وعاصمتها القدس الشريف.والأمْرُ الَّذي باتَ يُقلق العدوَّ الصهيوني ويضعه في قفص الاتِّهام كمجرم حرب لا يتورَّع عن قتل الأبرياء مع سبق الإصرار، هو الصورة الحيَّة الَّتي تنقل ما يجري على الأرض من مشاهد القتل والتدمير والتهجير الَّتي وضعَتْ آلةَ الحرب الإعلاميَّة الصهيونيَّة أمام واقع مخزٍ في روايته لِتبريرها للعدوان على غزَّة.وبفعل ما يجري على الأرض فإنَّ معركة طوفان الأقصى أشعلت معارك رقميَّة على منصَّات التواصل بأذرعها المختلفة استندت إلى المشاهد الحيَّة لوحشيَّة العدوِّ الصهيوني، وسجَّلت انتصارا لإعلام المقاومة الفلسطينيَّة الَّتي أبرزت جرائم العدوِّ وهمجيَّته في الميدان وفي الفضاء الإعلامي كإعلام كاذب ومزيِّف للحقائق، وضعته في دائرة المساءلة القانونيَّة لِحرفِه وتشويهِه عن عمدٍ لِتستُّره على الجرائم المرتكبة على الأرض وفي الفضاء الإعلامي.

 

ومهما كانت نتائج معركة طوفان الأقصى فإنَّها كانت صرخة وثورة وقصَّة شَعب باسل وغيور، ورسالة عابرة للحدود أيقظت العالَم على مشهدٍ عَبْرَ الصورة الحيَّة على الأرض والفضاء لِكارثة ومأساة متوالية فصولًا منذُ (75) عامًا لِشَعبٍ متمسِّك بحقوقه، ويرفض التنازل عَنْها رغم جرائم الاحتلال ووحشيَّته.

فالمشهد الإعلامي الَّذي شكَّلته معركة الأقصى كان إنجازًا يُحاكي ما تحقَّق على الأرض، كشَفَ وأسقَطَ نظريَّة الأمن الصهيوني، كما أسقَطَ مزاعم تبريرها للعدوان على غزَّة.

والمسافة بَيْنَ ما تحقَّق على الأرض عسكريًّا وإعلاميًّا تُشير إلى أنَّ إدارة المعركة عَبْرَ الفضاء الإعلامي كانت استجابةً لإرادة المقاومين في غزَّة، وسقوطًا مدوِّيًا لآلةِ الحرب الإعلاميَّة الصهيونيَّة ومعها أبواق الدِّعاية الأميركيَّة والغربيَّة، وهو انتصار تناغَم مع الانتصار على الأرض رغم تباين الإمكانات بَيْنَ الطرفيْنِ رغم أنَّ العالَم يعيش الآن عصر المعلومات والحرب الرقميَّة، وهو عصر لا يضاهيه مشهد في نقل ما يجري على الأرض والفضاء عَبْرَ صورة حيَّة لا يُمكِن إجراء المونتاج على ملامحها لِتبقَى حقيقيَّة غير مزيَّفة كما يسعى الكيان الصهيوني لِطمْسِ معالمها أمام العالَم.

Related Posts