طريق ايران الى القدس من كربلاء الى غزة

طريق ايران الى القدس من كربلاء الى غزة

فاروق يوسف

لا تثق إسرائيل بإيران التي لم تكن على وفاق مع إسرائيل منذ عام 1979 بالرغم من أن إسرائيل قد زودتها عام 1985 بصواريخ تاو مساهمة منها في الحرب ضد العراق، عدوهما المشترك. وهو ما كشفت عنه صفقة إيران كونترا التي تمت بإشراف مباشر من الولايات المتحدة وبطلب منها. بالرغم من ذلك فإن النظام الإيراني الذي أطلق على الولايات المتحدة لقب الشيطان الأكبر لم يتخل عن شعاره “الموت لأميركا، الموت لإسرائيل” بعد أن دخل إلى مزاد القضية الفلسطينية وقرر تحرير القدس، لكن مرورا بكربلاء. وإذا ما كان الأميركان قد جعلوا طريق كربلاء سالكة أمام إيران بعد احتلالهم العراق عام 2003 وتخلصهم من عدوهم المشترك صدام حسين، إلا أن الإيرانيين استبدلوا كربلاء بغزة فصارت طريق تحرير القدس تمر بغزة.

 

في كل ما فعلته إيران عبر سعيها للهيمنة على الدول العربية التي تفصل بينها وإسرائيل كان أملها في أن تكون جارة لإسرائيل هو الهدف الرئيس الذي لا تسعى من خلاله إلى محاربة الدولة العبرية من أجل الوصول إلى القدس وتحريرها، بل من أجل الاعتراف بها قوة إقليمية كبرى موازية لإسرائيل التي لا ترى في جيرة إيران ما يسرها أو ما يجعلها تشعر بالاطمئنان بسبب معرفتها بدهاء وخبث ومكر الإيرانيين الذين رفعوا شعارات إسلامية وما من أحد فاقهم في الإساءة إلى الإسلام والمسلمين. لذلك فإنها لا تثق إلا برغبة إيران في تمزيق أوصال العالم الإسلامي والعمل على تحريف الإسلام. وهو ما يعني أن إيران حتى لو هيمنت بشكل نهائي على العراق ولبنان وسوريا واليمن فإن مشروعها لن يقف عند هذا الحد بل سيستمر في توسيع خرائطه. فالمخطط التوسعي الإيراني سيظل قابلا للتوسع وصولا إلى هدف استعادة الإمبراطورية الفارسية التي هزمها العرب المسلمون وحطموا بنياتها قبل أكثر من 1450 سنة.

لقد فعلت إيران بالعالم العربي في أقل من ثلاثين سنة ما عجزت إسرائيل عن القيام به عبر أكثر من سبعين سنة من العداء المعلن والمبيت. لذلك كان الخطر الإيراني الواسع ومتعدد الوجوه أكثر تهديدا للأمن القومي العربي من الخطر الإسرائيلي المحدود بوجهه المكشوف. إيران كانت دائما ولا تزال أشد خطرا على العرب من إسرائيل. عام 1982 احتلت إسرائيل بيروت، ولكن إيران عن طريق عملائها قد احتلت بطريقة مباشرة أو غير مباشرة عواصم عربية أربع، دمشق وبغداد وصنعاء إضافة إلى بيروت.

 

هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن إسرائيل لا تملك جيوشا تابعة لها في الدول العربية تملك جيوشا جرارة مزودة بأحدث الأسلحة، الحوثيون في اليمن وحزب الله في لبنان والحشد الشعبي وجماهير أحزابه في العراق وميليشيات من الأفغان والإيرانيين والعراقيين في سوريا. ذلك ما تنظر إليه إسرائيل بقلق. أما حركة حماس في غزة والتي تعتبرها إيران جزءا من أذرعها في المنطقة وهي كذلك فعلا فإن خطرها على إسرائيل مؤقت ويمكن معالجته بممارسة العنف المفرط وهو ما يسمح به العالم الذي سبق له وأن تغاضى عن السياسات التوسعية الإيرانية. فكيف به أمام ما يسميه بدفاع إسرائيل عن نفسها؟

 

توحي إيران للعالم بأنها كانت وراء ما حدث في إسرائيل لا لشيء إلا من أجل أن تبرهن لإسرائيل أنها قادرة على الرد على ما فعلته بها حين قامت غير مرة بتفجير أجزاء من منشآتها النووية. لكنها محاولة فاشلة. فالرأي العام العالمي لا يفكر بمَن فعل ذلك بقدر ما يفكر بالضحية. أهل غزة الذين تعرضوا للتهجير داخل وطنهم هربا من الموت. ليس في ذهن أحد أن تكون إيران قد حققت نصرا على إسرائيل، بل يفكر الجميع في كيفية إيقاف إسرائيل عن المضي في خطة انتقامها. كانت المقامرة الإيرانية واضحة، ولكن الفلسطينيين هم الضحية بالنتيجة. فهل عليهم أن يثقوا بإيران التي لن تذهب إلى القدس إلا بعد أن يتم محو غزة وأهلها.

 

إيران لن تُطبع مع إسرائيل ، ذلك أمر بديهي فليس المطلوب منها أن تطبع مع الدولة العبرية فهي ليست دولة عربية ولا معنية تاريخيا بالقضية الفلسطينية ولا أثبتت يوما أنها قدمت العون إلى الشعب الفلسطيني من أجل أن يستمر في البقاء ولا آوت فلسطينيا واحدا. ما تسعى إليه إيران هو أمر يتخطى التطبيع. أن تعترف إسرائيل بها قوة إقليمية ينبغي القبول بصداقتها. ذلك ما يجب أن يحتاط له النظام السياسي العربي ويضعه في حساباته إذا شاء أن تكون الطريق إلى القدس سالكة في ظل القوانين الدولية.

Related Posts