السيد رحيم أبو رغيف في جدل الدولة والمرجعية؟

رحيم أبورغيف*

بات من الواضح ان النصيب الأوفر ناله الجدل الدائر بين اوساط العراقيين حول المشهد السياسي والطبقة السياسية وطبيعة عمل مؤسسات الدولة، واتسم هذا الجدل بين الافراط والتفريط.

رحيم أبورغيف

فما هو دور الفقيه (المرجع ) الجامع لشرائط الاجتهاد والتقليد وبلوغ عنوان (المرجع الاعلى) والذي هو العنوان الشامل للمرجعية؟
وهنا كما بينا تنقسم الى فريقين اساسيين؛
فقيه يتبنى مقتضى الاصل لوظيفته بحسب فهمه لمقتضى اصل النصوص الحاكمة والتي تجعل منه متصديا لبيان وترويج احكام الله ورعاية مصالح المسلمين بما يتسع لها محيطه التكليفي والوضعي ،وما يستلزمه الشأن العام واقصى ماتتسع لها منطقة ادواته ووظيفته الامور الحسبية وولاية من لاولي لها ،وكل ذلك لاشان له ببناء وتاسيس الدولة والسلطة على سبيل الوجوب والالزام فولايته خاصة بما الزمه الدليل وحدد له من وظيفة وهي تختص بالذي اوردناه،،.
نعم قد يبدي رأيا او يقدم قراءة لموقف على سبيل الموعظة الحسنة بوصفه يحظى بصفة الفقيه العادل والذي يتحسس ويلامس مصالح المسلمين وسائر الناس المواطنين فهو يقدم تصورا برؤية مقدمات الحكمة والحرص الاخلاقي وليس على وجه الالزام والحتم،،
والفقيه الاخر هو الفقيه الذي يتبنى الولاية العامة ،فهي ولاية مطلقة يباشر معها نظره وتصوراته الدينية الشاملة على سبيل الالزام والحتم ويحرم الرد عليه وعدم انفاذ اوامره واحكامه وتعزيراته وتجري تلك الاحكام على المسلمين والدولة بما لها من دلالة وتوصيف،،
اليوم في العراق لم يتم الافصاح عن هذه المواقف ذات الرؤية الدينية والتصور العقدي المحض فتشخيصها متروك لاهل الاختصاص من جملة اهل الحل والعقد ،وفي الغالب العامة من الناس لا تعرف ولاتفقه على وجه الدقة والضبط هذه الوظيفة ومحددتها ،مثلا؛
المتولي الشرعي للعتبة بتوصيفه الديني بما تلزمه به تلك الوكالة الشرعية او (المعتمدية )فهي تاذن له وتلزمه بالعمل طبقا لفتاوى موكله الفقيه المجتهد المرجع بما فيه مصلحة الوقف وضوابطه الشرعية بمقتضى الاحكام الفقهية التي يتبناها موكله المرجع ،فهذا عنوان،ولمتولي العتبة عنوان اخر وهو العنوان الاداري وهذا يتولى ما يرتبط بالعتبة على وجه الحسبان (الاعتبار)من ادارة لمشاريع تندرج تحت عنوان العتبة وهي مشاريع كبيرة يدخل فيها جهد اداري وفني ،وهنا علينا الفرز ان الجزء الاكبر من هذا العنوان ليس مندرج تحت التولية الشرعية من حيث هي تولية اولا وبالذات!!
وجاء الحوار مع الاستاذ حامد الخفاف ليسلط الضوء على جملة مفاصل حسم فيها الجدل الدائر حول مسؤولية المرجع الاعلى سماحة السيد السيستاني عن ادارة الدولة وتسمية رئيس مجلس الوزراء وادارة العتبات،فادارة العتبات تابعة للوقف الشيعي والاخير مؤسسة تابعة للحكومة العراقية يجري عليها وعلى منتسبيها مايجري على سائر مؤسسات الدولة وعنوانها الاساسي اداري وفني لرعاية اوقاف بتوصيفات شرعية ومهمتها الاساسية حفظ وصيانة وحماية الاوقاف ،ولاتولية لمرجع على وقف ما او اية عين تم وقفها مع وجود شرط الواقف الا بما ينص عليه شرط الواقف او تضمنه لمخالفة شرعية!
نعم يحاول بعض السياسيين والحزبويين التمترس بعنوان المرجع الاعلى (والمرجعية)لما تحظى به من منزلة ومكانة رفيعة في نفوس العراقيين لابل وعامة المسلمين ،فضلا عن اطمئنانهم بان ذلك التمترس يثير الخوف الروحي عند الكثيرين فيمنعهم من ممارسة حق النقد او حرية التعبير (لقداسة )الموقف فتم استغلال هذا العنوان،لكن بلغ السيل الزبى عند بعض الناس البسطاء الذين (يتدينون)بعواطفهم وقلوبهم وبسطحون بكل اسف عقولهم من اية مساحة او رؤية عقلية نقدية ،فاهتز ايمانهم لفساد بعض الاحزاب والجماعات المتبنية للخطاب الديني والمرجعي واهتز بنحو عميق لابل احدث ذلك شرخا عميقا وله انعكاسات خطيرة وابرزها ،
تنامي عديد اللادينين والملحدين ،ومع الاسف يبدو ان التعاطي مع هذه التوجهات بات بحكم المتعذر على المؤسسة الدينية ولم نعهد وجود خطاب او رؤية عند المؤسسة الدينية عن هذه التيارات المتزايدة وهي تيارات تتبنى افكارا عميقة ومحاطة بدرجة من الوعي الثقافي وهنا يجب ملاحظة ان هذا الوعي ليس ضروريا توصيفه بالسلبي او الايجابي بالنهاية من يتبناه يدافع به عن رؤيته فعلى من يرى انه يتمتع بوظيفة شرعية او اخلاقية وعلى درجة معتد بها من العلوم والمعارف ان يمارس تلك الوظيفة ويتعاطى بهدوء(مؤنسن)مع هذه التيارات الوافدة الغريبة عن مجتمعنا ولكن دون الجوء بافصائية والغائية لانها مؤشر ضعف ووهن معرفي وتدني بدرجات الوعي الرؤية الفكرية يتم التعاطي معها بالعقل النقدي الخلاق الذي يتضمن ذاتيا مشروعا فكريا ومعرفيا لا ان نبدأ الحوار معهم بخطاب ينطوي على زهو وخيلاء وشعور بالتفوق العلمي مالم يثبت ذلك بمعايير منهج البحث العلمي،،،
الخلاصة ؛
(المرجعية)افصحت وبوضوح عن مسافتها التي تقف عندها من خلال الاستاذ الخفاف وبضرس قاطع لاتعتريه الاحتمالات والتأويلات وبهذا ارتفع الغطاء عن البعض او الكثيرين في المشهد السياسي وهذا هو الحق وحسب مقتضى الاصل لمبنى سماحة السيد السيستاني وموقفه الديني الشامل حيال الدولة وجود ومؤسسات اختصاصية بما تستلزمه شؤون البلاد والعباد،،
ملاحظة؛
اتمنى ايراد الاراء والتصورات بما يلامس محل المقاربة وبمراعاة اللياقات التي يقتضيها المقام وادبيات الحوار والتخاطب ،،
مع بالغ الاحترام ووافر الود.

Related Posts

LEAVE A COMMENT

Make sure you enter the(*) required information where indicated. HTML code is not allowed