السيادة العراقية مؤجلة الى اشعار اخر

السيادة العراقية مؤجلة الى اشعار اخر

سمير داود حنوش

 

عندما تسمع أحاديثهم عن السيادة ومحاولات ترديد هذه الكلمة السحرية كالببغاوات، لابد وأن تُصاب بنوبة ضحك هستيرية، لكنه ضحك كالبكاء كما يراه المتنبي.

 

والحقيقة التي دائماً ما تغيب عن المخيلة هو أن الحديث عن حكايات السيادة وقصصها لايقوم إلا في الدول التي تشعر بعقدة النقص في ذلك المفهوم، حيث تشعرك هذه الكلمة وقد إرتدت قناع الوقار الزائف.

 

فائض الكلام عن سيادة مزعومة لا يتصاعد إلا في الدول المهزومة ذات الحدود المستباحة، إذ لا يمكن أن تسمع حديثاً عنها في الدول المستقرة ذات السلطة الوطنية على وطنها وأرضها.

 

ما زالوا يتحدثون عن السيادة في بلد مستباح منذ أكثر من عشرين عاماً من الإحتلال تتصارع على أرضه جميع منتخبات العالم المخابراتية والتجسسية، فأي سيادة يمكن أن نتحدث عنها أو حتى تكون؟.

 

وطن منهوب ضائع بين طامع وطامح وبقية من شعب مهزوم خائف أنهكته عاديات الأيام يعيش أيامه مرتبكاً تتحكم به قوى سياسية يتوزع ولائها بين سيادات دول مختلفة، فيما تضيع بينهم سيادة العراق، فِرق وطوائف شتى من الولاءات، لكن مَن ولائه للعراق؟ تماماً كما يصفهم نابليون بونابرت “مثل الذي يسرق من مال أبيه ليُطعم اللصوص، فلا أبوه يسامحه ولا اللص يُكافئه”.

 

أحزاب وكتل سياسية لا تُجيد فن السلطة والطغيان إلا على أبناء جِلدتها، فيما تنهزم أمام دول تفرض سياسات العطش وأخرى تُغرقهم بالمخدرات وثالثة تسعى لخنقهم إقتصادياً.

 

والحق يُقال أن السيادة العراقية قد إنتُكست منذ عام 1991 وبدأت بالتآكل منذ القرارات الأممية الصادرة عن الأمم المتحدة التي قوضت بموجبها السيادة العراقية والعسكرية، حين كانت فرق التفتيش عن أسلحة الدمار الشامل العراقية (المزعومة) تدخل إلى غُرف وأروقة القصر الجمهوري للنظام السابق والتي إستمرت إلى عام ٢٠٠٣، ليضاف إليها بعد ذلك التاريخ إحتلال سياسي وعسكري أسقط العراق الدولة يحكمه بول بريمر الحاكم المدني المُعيّن من قبل سلطة الإحتلال، وبين السيادة الفعلية والشكلية ظل العراق يترنّح كالذبيح في ساعة جزره يعيش زمنه الرديء بإنتظار ساعة الصفر لإتخاذ قراره بنفسه.

 

مصيبة العراق التي حلّت عليه في يومه الحالي أنه دولة خاضعة لإرادات إقليمية ودولية لا تسمح للقرار السيادي أن يمر أو يأخذ طريقه للتطبيق إلا بعد أن يمر بعديد تلك القنوات الدولية والمخابراتية ليتحول إلى قرار يخدم الأهواء الخارجية والدولية بعد ان نُزِعت عنه الصفة السيادية.

 

هل العراق دولة بدون سيادة أم سيادة شكلية بدون دولة؟ من الصعب أن تجد جواباً أو حلاً لشفرة الإشتباك، لأن ذلك يعني إعادة النظر فيما حدث، ورسم خارطة سياسية جديدة لهذا البلد المستلب.

 

حدود العراق التي تُستباح بين طامع بأرضه ونفطه ومياهه لا تجد فرقاً بين الطامعين في طرائقهم.

 

في محصلة الحديث أن الأغلب مُتفق لإبقاء الوضع على ما هو عليه حتى يستعيد الشعب وعيه ويستيقظ من غفوته، وتلك هي مصيبة العراقيين في سباتهم.

Related Posts