بغداد/ وائل نعمة*
باتت بعض القوى السُنية شبه متأكدة بان الجثث “المجهولة” التي عثر عليها قبل أيام بمقبرة في كربلاء، لا تعود الى النازحين المختفين من الانبار او جنوب بغداد اثناء الحرب على داعش.
ورغم الحديث عن ارتفاع وانخفاض تكاليف تحليل الحامض النووي الذي يجرى للجثث الا ان تلك الجهات (السُنية)، قررت الاكتفاء ببعض الدلائل والسكوت “مؤقتا” على الحادث بعد اتهامات شيعية وجهت لها باثارة الطائفية مجددا.
لكن ذلك لا يعني حسم لغز المختطفين الذي ما زال مستمرا منذ 3 سنوات، خصوصا وان جهات محايدة شاركت قبل اعوام في لجان لتقصي الحقائق لم تستطع التأكد من مصير الضحايا، فيما دانت آنذاك عنصرا واحدا من الحشد الشعبي بالقتل العمد لأكثر من 10 مدنيين في الانبار.
آخر المعلومات عن المختطفين كان مطلع عام 2016. آنذاك كشف عادل المحلاوي النائب عن الانبار لـ(المدى) عن اجراء جولة مفاوضات “صعبة” خاضتها اطراف من المحافظة، تخللتها وساطات، نجحت اخيرا بإطلاق سراح نحو 80 محتجزاً من اصل 1200، وهو عدد تصاعد بعد ذلك التاريخ.
لم يذكر النائب حينها هوية الجهات التي تم التفاوض معها بعدما اختطفتهم عند نقطة تفتيش في منطقة الرزازة بين الانبار وكربلاء، لكنه اكد وقتها ان التفاهمات امتدت لـ3 اشهر، واطلق سراحهم على وجبتين.
الوجبة الأولى والثانية كانت تضم 5 معتقلين في كل مرحلة، وتم تسلمهم من محافظتي بابل وكربلاء – وهو امر عزز الظن بعد ذلك بوجود معتقلات “سرية” يديرها فصيل مسلح في جرف النصر (الصخر سابقا)- وهو امر لم تثبت صحته حتى الآن، فيما كانت الوجبة الثالثة تضم 67 وأفرج عنهم قرب سامراء.
وقال حامد المطلك، النائب عن الانبار وعضو لجنة الأمن البرلمانية في وقتها لـ(المدى)، إن المسؤول عن السيطرة الوحيدة في طريق مرور المدنيين، الهاربين من داعش، هي “كتائب حزب الله”. وأكد أن النازحين كانوا يمرون عبر سيطرات الجيش قبل الوصول الى سيطرة الكتائب.
لكن جعفر الحسيني، المتحدث باسم كتائب حزب الله، نفى في ذلك الوقت الاتهامات الموجهة لمجموعته، ورأى أنها “لا تستحق التعليق”، واصفاً اتهام جماعته بأنه “كلام فارغ من محتواه”.
وفي عطلة العيد الماضية، عثر بالصدفة على مقبرة في كربلاء تضم رفات عشرات من مجهولي الهوية قامت جهة تطوعية بدفنهم.
وقال رئيس مؤسسة فاطمة الزهراء الخيرية هادي الشمري، في تصريحات صحفية قبل ايام، إن منظمته تسلمت كدفعة أولى 125 جثة، وفي الثانية 75، وفي الثالثة والأخيرة 31 جثة مجهولة، وقامت بدفنها.
وعلى الفور اصدر تحالف القوى العراقي “السُني”، وعدد من النواب، بيانات بشأن العثور على “120 جثة”، وطالبوا الحكومة بإصدار قرار بإعادة فتح هذه المقابر، والسماح لذوي المغدورين بالتعرف على جثث أبنائهم.
مخاوف من إثارة الطائفية
وتسبب الحادث بحرب تصريحات شيعية- سُنية، فيما قالت جهات امنية إن الجثث لا تعود لمكون معين، واغلب الضحايا هو نتيجة جرائم اعتيادية جرت بين عامي 2016 و2017.
وعلى ذلك التصعيد، يقول عبد الله الخربيط، وهو نائب عن الانبار في اتصال مع (المدى) امس: “آثرنا السكوت وحل الامر بطريقة اخرى تحفظ وحدة العراق بعدما صدمنا بالاتهامات التي وجهت لنا باثارة الطائفية”.
واضاف النائب ان القوى السُنية “ستشكل لجانا للحوار مع رئيس الوزراء بعد العطلة التشريعية لحل قضيتي اعادة النازحين في مناطق جرف النصر والكشف عن مصير المختفين”.
ويقول الخربيط إن اعداد المختفين في الانبار تتراوح بين 1000 و3000 شخص، تواروا عن الانظار بين عامي 2016 و2017 من منطقتي الصقلاوية وقرب الرزازة.
وعن المقبرة المكتشفة في كربلاء، يقول النائب انه اجريت تحليلات الـ(دي أن أي) لعدد محدود من الجثث بسبب ارتفاع تكاليف ذلك التحليل، لكنها كانت كافية تقريبا للتأكد من أن الجثث تعود لاشخاص من جنوب وشمال بابل ومن بينهم اطفال حديثي الولادة توفوا في المستشفيات وتركهم ذووهم قبل ان تقوم الجهة الطوعية بدفنهم.
لجنة تقصي الحقائق
ومنذ اعلان التحرير، نهاية 2017، قدم مسؤولون في الانبار وصلاح الدين والموصل وديالى قوائم لعدد من المختفين في ظروف غامضة اثناء الحرب ووصلت اعدادهم الى نحو الـ15 الف شخص، فيما لا يزال مصيرهم غير معلوم.
وقبل ايام قال ابو فواز المالكي، وهو النائب السابق لامن الحشد الشعبي، في تصريح متلفز انه تم التأكد قبل 3 سنوات من عدم وجود مختطفين في مناطق الانبار، وقد اعلم حينها رئيس الوزراء حيدر العبادي بالنتائج.
لكن مصدر في مفوضية حقوق الانسان، وهي احدى الجهات التي شاركت في نهاية 2016 في لجنة تقصي الحقائق التي شكلها العبادي وضمت عددا من مسؤولي الانبار وقيادات الحشد، قال لـ(المدى) إن اللجنة “لم تستطع نفي او تأكيد وجود عمليات الاختطاف بسبب تضارب الشهادات واستمرار المعارك حينها ضد داعش”.
واكد المصدر الذي فضل عدم نشر اسمه لعدم تخويله بالتصريح، إن “عدد المختفين وفقا لاوراق رسمية قدمها ذووهم كان 600 شخص، اكشتفنا بعد ذلك ان 100 منهم لديهم ملفات إرهابية”.
ودعت اللجنة حينها ذوي الضحايا بالتوجه الى القضاء ورفع دعاوي اختفاء، فضلا عن فتح مكتب لتسجيل المختفين وهو امر لم يحدث حتى الآن.
بالمقابل قال المصدر انه تم التأكد من حالة واحدة حينذاك وهي “قيام شخص ينتسب الى احد فصائل الحشد الشعبي بقتل 17 مدنيا في الانبار ضمن مجموعة من النازحين لم ينج منهم سوى شخصان، احدهما بعمر 11 عاما”.
واضاف المصدر ان “الحشد الشعبي اكد ان ذلك العنصر اعترف بذنبه وشهد عليه زملاؤه وتمت محاكمته بعد ذلك”.
*عن صحيفة “المدى” البغدادية
LEAVE A COMMENT