كما فعلتها العنّزة في سوق الصفارين..!

سمير داود حنوش

أبلغ وصف يمكن أن نصف به قرار الحكومة القاضي بإقرار مُنحة غلاء المعيشة لبعض شرائح المجتمع التي لاتتجاوز (100) ألف دينار أي مايعادل (70) دولار سوى عفطة عنز في سوق الصفارين، فقرارات السلطة التي تمخّضت بعد مداولات وإجتماعات ومناشدات وزيادات مليارية في حجم الواردات المالية للبلد وتضخم أحجام وفرته النقدية التي أنتجتها زيادات إرتفاع أسعار النفط في السوق العالمية لايمكن وصفها إلا بالبائسة عندما أرادت السلطة ستر عورتها بهذه المنحة المخجلة إعتقاداً منها أن حلول التمويل البسيطة هذه ستكون بديلاً عن التموين لإبعادها عن تهمة الفشل في إدارة الأزمة ومحاربة الفساد وجشع التجار، والسلطة بقرارها هذا إعترفت من حيث لاتعلم بفشلها في توفير الخبز للشعب كسابقات عجزها في كل القضايا.

في زمن الحصار الجائر الذي كان مفروضاً من أمريكا على الشعب العراقي أقرّ النظام السابق إسلوب (دفتر الأسواق المركزية) الذي كان يحق بموجبه لأي موظف إستلام حصة تموينية من المواد الغذائية الرئيسية وصولاً إلى مادة السكائر إضافة إلى حصته التموينية التي كان يستلمها من وكيل المواد الغذائية، فكانت هذه الحصة المضافة إلى قوته توفر له مزيداً من الإستقرار الغذائي للعائلة حينما كان يستلم هذه الحصة شهرياً من الأسواق المركزية التي هي حالياً أبنية خربة ومرتع للقطط والكلاب السائبة.

قرار السلطة البائس الذي تمخض عن ولادة حلّ لايعدو كونه يحمل من الغباء والتغابي الشيء الكثير لتغافل هذه السلطة عن نتائجه ومحصلته عندما سيبتلع التضخم وغلاء أسعار المواد وجشع التجّار والأوضاع السياسية والإقتصادية وسوء تصرف الحكومة تجاه الأزمة كل هذه الزيادات البسيطة في مُنح المواطنين (وكأنك يازيد ماغّزيت) حيث ستذهب هذه الزيادة في مهب الريح إلى درجة أن الشعب بات يُدرك جيداً أنها حلول ترقيعية وأن هناك من لايريد إيجاد الحلول الحقيقية لها بل يتعمد في الإيغال بترسيخها وإحداثها أو الإستهزاء بجوع الشعب وفقره لأسباب لاتحتاج إلى مُتفيقه لتفسيرها وهو لإدامة الفوضى والإرباك في المشهد السياسي وإشغال الرأي العام عمّا يدور في دهاليز الغرف المظلمة.

المُزحة السمّجة التي حاولت السلطة أن ترسمها على وجوه الفقراء والمحتاجين وبعض شرائح المجتمع كانت نكتة سخيفة لم تصنع سوى مزيداً من الإستهزاء والسخرية على وجوه شعب لم يذق طعم الراحة يوماً برغم وجود كل هذه الخيرات التي تحيط به وكونه بلد يطفو على بحار من النفط، لكن المفارقة أن قدره فرض عليه حُكاماً يرغبون ويتسلّون ببؤسه وفقره..ألا لعنة الله على من أوصلنا لهذه الحال.

Related Posts