بقلم ديفيد فوكس
أعلنت وزارة الدفاع الأميركية السبت مقتل “هدفين مهمّين” في تنظيم الدولة الإسلامية في ضربة نفّذتها الولايات المتحدة بطائرة بلا طيّار في أفغانستان، في وقتٍ دخلت عمليات الإجلاء من مطار كابول مرحلتها الأخيرة.
من جهته، حذّر الرئيس الأميركي جو بايدن السبت من هجوم “محتمل جداً” على مطار كابول في الساعات المقبلة، مؤكّداً أنّ الضربة الأميركية التي أسفرت عن مقتل عنصرين في تنظيم الدولة الإسلامية ليست “الأخيرة”.
وقال بايدن في بيان إثر لقائه مستشاريه العسكريين والأمنيين إنّ “الوضع على الأرض يبقى بالغ الخطورة، ويظلّ خطر (وقوع) هجوم إرهابي على المطار مرتفعاً”.
وأضاف “قادتنا أبلغوني بهجوم محتمل جداً خلال الساعات الـ24 إلى الـ36 المقبلة”.
وتابع بايدن في بيانه “قلتُ إنّنا سنطارد المجموعة المسؤولة عن الهجوم على قوّاتنا ومدنيّين أبرياء في كابول، وقد فعلنا ذلك”.
وأردف “هذه الضربة ليست الأخيرة. سنواصل مطاردة أيّ شخص ضالع في هذا الاعتداء المشين وسنجعلهم يدفعون الثمن”.
والعملية الجوية الأخيرة شديدة الحساسية، لأنها تمت وسط تهديد الهجمات الإرهابية الجديدة وفي حين توشك طالبان على تسلّم مطار كابول.
والضربة التي تمّت في ولاية ننغرهار وأدّت إلى إصابة هدف ثالث، لم توقع “أيّ ضحية مدنيّة” وفق الجنرال هانك تايلور.
من جهته، قال المتحدث باسم البنتاغون جو كيربي إن المستهدفين “كانوا مُخَطّطين وعملاء في تنظيم الدولة الإسلامية في ولاية خراسان”.
وهذه أول ضربة ينفّذها الجيش الأميركي منذ الهجوم الذي وقع الخميس في مطار كابول وتبنّاه تنظيم الدولة الإسلامية-ولاية خراسان، وأدى إلى مقتل عشرات المدنيّين و13 جندياً أميركياً.
والسبت أعلن اثنان من مسؤولي الصحة في الإدارة الأفغانية السابقة لوكالة فراس برس أن حصيلة قتلى الهجوم تجاوزت المئة بينهم الجنود الأميركيون.
وتحدّث بعض وسائل الإعلام عن 170 قتيلاً.
قبل أيّام من الموعد النهائي في 31 آب/أغسطس لإنهاء سحب الجنود الأميركيين من أفغانستان بعد 20 عاماً من الحرب، تشارف عمليات إجلاء الراغبين في الفرار من نظام طالبان الجديد على الانتهاء في مطار حامد كرزاي الدولي.
ولجأ نحو 5400 شخص إلى مجمّع المطار صباح السبت، في انتظار ركوب طائرة، بحسب الأميركيين الذين يعتزمون مواصلة عمليات الإجلاء “حتى اللحظة الأخيرة”.
وأشار صحافي في وكالة فرانس برس إلى اختفاء آلاف الأشخاص بعد أن احتشدوا لأيام خارج المطار على أمل الوصول إلى مدرجه.
وأجبر الهجوم طالبان والأميركيين على التعاون بشكل أوثق. وأغلقت الحركة منافذ الوصول إلى المطار، وصار يُسمح فقط بمرور الحافلات التي لديها تصريح دخول.
– إجلاء 112 ألف شخص –
قال مسؤول في طالبان لفرانس برس “لدينا لوائح قدّمها الأميركيّون (…) إذا كان اسمك على اللائحة، يمكنك المرور”.
وتمّ في الإجمال إجلاء حوالى 112 ألف شخص منذ 14 آب/أغسطس، أي قبل يوم واحد من استيلاء طالبان على السلطة في كابول، وفق أحدث الأرقام الصادرة عن الحكومة الأميركية.
وأجلي حوالى 6800 شخص بين الجمعة والسبت، وهو رقم في تراجع مطّرد منذ الأربعاء.
وكان بايدن توعّد بالردّ على هجوم الخميس. وتقول واشنطن إن خطر وقوع اعتداءات جديدة قائم.
وقال المتحدّث باسم وزارة الدفاع الأميركيّة (البنتاغون) جون كيربي الجمعة “نقدّر أنه ما زالت هناك (…) تهديدات محدّدة وذات صدقيّة”.
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي إنّ هجوماً آخر “مرجّح” استناداً إلى خبراء أمنيّين. وأضافت أن الأيام القليلة المقبلة ستكون “الفترة الأكثر خطورة حتى الآن”.
وعلى غرار ما حدث عشية الهجوم، طلبت سفارة الولايات المتحدة في كابول، في تحذير أمني مساء الجمعة، من الرعايا الأميركيين مغادرة محيط المطار “فوراً”.
وقالت “بسبب التهديدات الأمنية في مطار كابول، ما زلنا ننصح المواطنين الأميركيين بتجنّب الذهاب إلى المطار وتجنّب بوابات المطار”.
ودعا حلف شمال الأطلسي والاتّحاد الأوروبي إلى استمرار عمليات الإجلاء رغم الهجوم.
وأعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن بلاده وبريطانيا ستحضان الأمم المتحدة الاثنين على العمل من أجل إقامة “منطقة آمنة” في العاصمة الأفغانية كابول لحماية العمليات الإنسانية.
وقال ماكرون في تصريحات نشرتها صحيفة “لوجورنال دو ديمانش” إن “هذا بمنتهى الأهمية. هذا سيوفر إطارا للأمم المتحدة للعمل في حالة طوارئ”.
وأشار إلى أن منطقة آمنة كهذه ستتيح قبل كل شيء للمجتمع الدولي “مواصلة الضغط على طالبان”.
وأنهت فرنسا مساء الجمعة جسرها الجوّي الذي سمح بإجلاء “حوالى ثلاثة آلاف شخص بينهم أكثر من 2600 أفغاني”، بحسب وزيرة الجيوش فلورنس بارلي.
والتقى وفد فرنسي ممثلين لطالبان في الدوحة الخميس للمرة الأولى منذ توليهم السلطة في أفغانستان في 15 آب/أغسطس. وتناولت المحادثات الوضع في مطار كابول وعمليات الإجلاء، بحسب الطرفين.
– “عدم خفض الحذر” –
وأعلنت سويسرا وإيطاليا وإسبانيا والسويد الجمعة أنها أنهت رحلات الإجلاء، على غرار ألمانيا وهولندا وكندا وأستراليا قبلها.
في الجانب البريطاني، أعلن قائد القوات المسلحة الجنرال نيك كارتر أن عملية المملكة المتحدة لإجلاء المدنيين ستنتهي السبت. وقال لإذاعة “بي بي سي 4” السبت “نقترب من نهاية عملية الإجلاء في وقت لاحق اليوم”.
ودعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون السبت إلى “عدم خفض الحذر” ضد تنظيم الدولة الإسلامية “الذي لا يزال يشكل تهديدا”. وجاء ذلك إثر لقائه رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمة في بغداد التي استضافت مؤتمرا إقليميا هيمنت عليه التطورات في أفغانستان.
وأعلن ماكرون أنه تم “الشروع في محادثات” مع طالبان بهدف “حماية وإجلاء أفغانيين وأفغانيات معرضين للخطر”.
سعت حركة طالبان منذ عودتها إلى إظهار صورة انفتاح واعتدال. لكنّ أفغاناً كثراً، معظمهم في المدن ومن المتعلّمين، يخشون ألا تُقيم الحركة سوى النوع نفسه من النظام الأصولي والقاسي الذي شهدته البلاد خلال حكمها بين 1996 و2001.
ويخشى الذين عملوا في السنوات الأخيرة مع أجانب أو مع الحكومة المخلوعة الموالية للغرب خصوصاً، أن يتم إسكاتهم أو حتى ملاحقتهم. وهذا ما عزز تدفّق كثير من المرشّحين لمغادرة البلاد إلى المطار.
وقال مفاوض طالبان السابق في محادثات السلام بالدوحة شير محمد عباس ستانيكزاي، في مسعى لطمأنة هؤلاء الأفغان، إن النساء يتمتعن بالحق في العمل. وقال في مؤتمر صحافي “يمكنهنّ العمل والدراسة والمشاركة في السياسة والقيام بأعمال تجارية”.
ودعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي إلى اجتماع الاثنين بشأن الوضع في أفغانستان.
المصدر: © AFP
1994-2021 Agence France-Presse