بقلم ماكس ديلاني
طالب الرئيس الأميركي جو بايدن الثلاثاء نظيره الروسي فلاديمير بوتين بـ”خفض التوترات” المتصاعدة مع أوكرانيا، منضما في ذلك إلى مجموعة دول غربية نددت بحشد موسكو قواتها عند الحدود الأوكرانية، الأمر الذي أثار حفيظة حلف شمال الأطلسي.
وجاء ذلك في توقيت صدر فيه تقرير للاستخبارات الأميركية اعتبر أن موسكو لا تسعى لخوض “نزاع مباشر” مع الولايات المتحدة، في حين أعلن البيت الأبيض أن بايدن أجرى محادثات هاتفية مع بوتين اقترح خلالها عقد قمة بينهما في “دولة ثالثة”.
من جهته أعلن الكرملين أن الجانبين “ابديا استعدادهما لمواصلة الحوار في المجالات الاكثر أهمية على صعيد ضمان الامن العالمي”، من دون أن يكشف ما إذا الرئيس الروسي قبل اقتراح بايدن.
وأعلنت الرئاسة الأميركية في بيان أن بايدن أعرب خلال محادثات هاتفية جديدة مع بوتين عن “قلقه إزاء الحشد المفاجئ للقوات الروسية في القرم المحتلة وعند الحدود الأوكرانية”، داعيا موسكو إلى “خفض التوترات”.
لكن الرئيس الأميركي شدد أيضا على سعيه لـ”بناء علاقة مستقرة” مع روسيا “تراعي المصالح الأميركية”، بحسب البيت الأبيض، مشيرا خصوصا إلى ضرورة مواصلة “حوار استراتيجي” حول حظر انتشار الأسلحة وقضايا الأمن.
وأكد الكرملين في بيان أن بايدن اقترح على بوتين عقد قمة “في المستقبل القريب”.
وأعلن البيت الأبيض أن بايدن “شدد على دعم الولايات المتحدة الراسخ لسيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها”، في حين يجري وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن زيارة إلى بروكسل لبحث هذا الملف مع نظيره الأوكراني والحلفاء الأوروبيين والحلف الأطلسي.
والثلاثاء حضّ أمين عام حلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ روسيا على وضع حد لحشد قواتها “غير المبرر” حول أوكرانيا، والذي أثار مخاوف من حدوث تصعيد في النزاع الدائر منذ سنوات في الدولة السوفياتية سابقا.
بدورها، ردت موسكو عبر التأكيد أنها أرسلت قوات إلى حدودها الغربية لإجراء تدريبات قتالية نظرا لـ”التهديدات” الصادرة عن حلف الأطلسي، في ظل سجال تزداد حدّته بين الغرب وروسيا.
وبينما ارتفع منسوب القلق، عقد وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا محادثات مع ستولتنبرغ ووزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في بروكسل.
وأفاد ستولتنبرغ خلال لقائه كوليبا “في الأسابيع الأخيرة، حرّكت روسيا آلاف الجنود المستعدين للقتال إلى الحدود الأوكرانية، في أكبر حشد للقوات الروسية منذ الضم غير الشرعي للقرم عام 2014”.
وأضاف أن “حشد روسيا الكبير لقواتها غير مبرر ولا تفسير له ومقلق للغاية. على روسيا وضع حد لحشد قواتها داخل وحول أوكرانيا ووقف استفزازاتها وخفض التصعيد فورا”.
رد وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو بالقول إن موسكو نشرت قوات عند حدودها الغربية في إطار “تدريبات قتالية” ردا على خطوات حلف الأطلسي العسكرية.
وقال شويغو في تصريحات متلفزة إنه “ردا على أنشطة التحالف العسكرية التي تهدد روسيا، اتّخذنا إجراءات مناسبة”.
وأضاف أن “القوات أبدت استعدادا كاملا” وسيتم استكمال التدريبات في غضون أسبوعين.
– “يقظة” –
وتضغط أوكرانيا، التي تقدّمت بطلب للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي سنة 2008، على القوى الغربية لدعمها “عمليا” في إطار مسعاها لصد أي عمل عدائي جديد من قبل روسيا.
وقال كوليبا أثناء اللقاء الذي جمعه بستولتنبرغ “لن يكون بإمكان روسيا مباغتة أحد بعد الآن. أوكرانيا وأصدقاؤها في حالة يقظة”.
كما التقى كوليبا في بروكسل ببلينكن، الذي عاد لعقد محادثات في مقر حلف شمال الأطلسي بعد زيارة الشهر الماضي.
وشدد بلينكن على أن “الولايات المتحدة تقف بحزم خلف سيادة وسلامة أراضي أوكرانيا” وأشار إلى أن التحالف سيناقش “طموحات (كييف) الأوروبية-الأطلسية”.
ولا يزال أعضاء حلف شمال الأطلسي مترددين حيال الاستجابة لمناشدة أوكرانيا تسريع عملية انضمامها إلى الحلف في وقت يسعون إلى تجنّب التصعيد.
وخلص التقرير السنوي لأجهزة الاستخبارات الاميركية حول التهديدات التي تتعرض لها الولايات المتحدة في العالم أن روسيا “لا تريد نزاعا مباشرا” مع واشنطن رغم انها “ستواصل جهودها لزعزعة الاستقرار ضد اوكرانيا”.
– “برميل بارود” –
وسبق أن حذّر الكرملين حلف الأطلسي من التدخل بشكل إضافي في أوكرانيا واتّهم أعضاء الحلف الثلاثاء بتحويل أوكرانيا إلى “برميل بارود”.
ونقلت وكالات إخبارية روسية عن نائب وزير الخارجية سيرغي ريابكوف قوله إنه “إذا حصل أي تصعيد، فسنقوم بالطبع بكل ما يمكن لضمان أمننا وسلامة مواطنينا، أينما كانوا”.
وأضاف “لكن كييف وحلفاءها في الغرب سيتحمّلون المسؤولية الكاملة عن أي تفاقم مفترض”.
وشهدت الأسابيع الأخيرة تصعيدا في المواجهات بين القوات الأوكرانية والانفصاليين المدعومين من موسكو في شرق أوكرانيا.
وأعلن الجيش الأوكراني مقتل أحد جنوده الثلاثاء عندما ألقت طائرة مسيّرة قنابل على مواقع تابعة للجنود الأوكرانيين، ما رفع الحصيلة الإجمالية للقتلى في صفوف الجنود الأوكرانيين منذ مطلع العام إلى 29.
وتراجعت حدة القتال في 2020 بعد التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في تموز/يوليو، لكن تجددت المواجهات منذ مطلع العام وسط تحميل كل طرف الآخر المسؤولية عن ذلك.
وأفاد محللون أن دول حلف شمال الأطلسي غير مستعدة لتخصيص قوات تابعة لها تخوض نزاعا ضد موسكو بشأن أوكرانيا، لكن بإمكانها الدعم عبر أشكال أخرى من المساعدة.
وقال الباحث لدى مركز صندوق مارشال الألماني في الولايات المتحدة برونو ليتي “لن ترسل الدول المنضوية في حلف الأطلسي قوات إلى الأرض في أوكرانيا”.
وتابع “سيقتصر دعمها على الرسائل السياسية والاستشارات العسكرية والدعم التقني”.
لكن في مؤشر واضح الى أن واشنطن تسعى لزيادة دعمها العسكري لحلفائها في الغرب، أعلن وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن أن بلاده سترسل 500 جندي إضافي إلى ألمانيا.
وأفاد أوستن خلال زيارة إلى برلين بأن الحكومة الأميركية تسعى لتعزيز تعاونها مع ألمانيا وحلف الأطلسي بعد أربع سنوات من العلاقات المتوترة في عهد إدارة دونالد ترامب السابقة.
المصدر: © AFP