نفى السفير الإيراني لدى بغداد، إيرج مسجدي، مسؤولية بلاده عن القصف المتكرر للسفارة الأميركية في العراق أو دعمها للجهات المنفذة لتلك الهجمات أو التوسط بهذا الشأن، مشيراً إلى أن التصعيد بين إيران وأميركا توقف “بعد ردنا على اغتيال سليماني” لكنه احتفظ بـ “حق الرد” دون أن يكون عسكرياً بالضرورة.
وقال مسجدي في مقابلة مع قناة العهد التابعة لعصائب أهل الحق: “لا يد للإيران أبداً بقصف السفارة الأميركية، ولا نعرف من يقوم بالقصف ولن نقبل بهكذا عمل أبداً، ولا ندعم أي جهة للقيام بالقصف، فنحن لا نريد للعراق أن يكون ساحة للصراع مع أميركا”.
وفي 20 كانون الأول الجاري، طال قصف مبنى السفارة الأميركية في المنطقة الخضراء، بثمانية صواريخ مما تسبب بأضرار طفيفة، بعدما حذر الرئيس الأميركي دونالد ترمب، إيران من استهداف الأميركيين في العراق، محملاً طهران المسؤولية في حال مقتل أي أميركي.
زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، طالب قبل أيام كلاً من إيران وأميركا بإبعاد العراق عن صراعهما، محذراً في “نداء أخير” باتخاذ موقف سياسي وشعبي في حال عدم الاستجابة، وقال في بيان إن “العراق وقع ضحية الصراع (الأميركي-الإيراني) “وقد تضرر بطريقة لا يصح السكوت عنها وكأنه ساحة لصراعاتهم العسكرية والأمنية والسياسية والفيروسية وذلك لضعف الحكومة وتشتت الشعب”، موجهاً نداءه لإيران وخطابها بـ”الجارة العزيزة” لكي “تبعد العراق عن صراعاتها ولن نتركها في شدتها إذا ما حفظت للعراق وحكومته الهيبة والاستقلال”.
وبهذا الشأن، قال مسجدي: “لن نتدخل بالشأن العراقي ولم نقم بفرض سياساتنا، وإذا كان المقصود بالنفوذ الايراني محبة عراقيين كثر لنا فنحن نتفق مع ذلك، فالشعب الايراني ايضا يحب الشعب العراقي وهذا المفهوم متقابل ومشترك”.
وبحسب وسائل إعلام فإن وفداً عراقياً برئاسة “أبو جهاد الهاشمي” زار طهران حاملاً رسالة من رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، بعد يوم من تهديدات العصائب باستهداف مؤسسات رسمية احتجاجاً على اعتقال قائد الكتيبة الصاروخية، وآخرين بتهمة التورط بمهاجمة السفارة الأميركية.
وأشار السفير الإيراني إلى أن “علاقتنا بحكومة الكاظمي بناءة وايجابية بمختلف المجالات، وهو الكاظمي من أصدقاء ايران القدماء وعلاقتنا معه جيدة”، مبيناً أن “إيران تحترم اي رئيس وزراء يصل الى منصبه بتصويت البرلمان”.
واغتيل قائد فيلق القدس قاسم سليماني ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي، أبو مهدي المهندس، بضربة أميركية نفذتها طائرة مسيرة قرب مطار بغداد الدولي فجر الثالث من كانون الثاني الماضي.
وقال مسجدي إن “اغتيال سليماني والمهندس جريمة تاريخية، ونحتفظ بحق الرد واخذ الثأر من الأميركيين، وليس بالضرورة ان يكون الانتقام لاغتيال سليماني عسكريا فإخراج القوات الأميركية من المنطقة هو بمثابة الثأر لسليماني كما أن تحجيم الدور الأميركي ونفوذها بالمنطقة من ضمن خيارات الثأر”.
وكانت طهران قد شنت هجوماً صاروخياً استهدف قاعدتين أميركيتين في الأنبار وأربيل بعد خمسة أيام من عملية الاغتيال، وأوضح السفير أن “الرد على اغتيال الشهيد سليماني كان مباشرا على القاعدة الأميركية وقصفنا للقاعدة الأميركية في العراق تتحمل مسوؤليته واشنطن”، لافتاً إلى أن التصعيد توقف بين ايران وأميركا بعد الرد على اغتيال سليماني.
مجموعة من الجماعات المسلحة أعلنت في تشرين الأول الماضي أنها علقت الهجمات الصاروخية على القوات الأميركية بشرط أن تقدم الحكومة العراقية جدولاً زمنياً لانسحاب القوات الأميركية، لكن الضربة الصاروخية على السفارة الأميركية في 18 تشرين الثاني كانت علامة واضحة على أن استئناف الهجمات على القواعد الأميركية.
وذكر السفير الإيراني أن “قاآني هو مسؤول الملف العراقي في ايران ولم يقم بالتوسط بشأن عمليات قصف السفارة الأميركية”، لافتاً إلى أن تصويت البرلمان العراقي على اخراج القوات الأميركية والذي صدر في 5 كانون الثاني الماضي، “قرار وطني وشجاع، والحديث عن تدخل ايراني بقرار البرلمان يمثل عدم احترام للعراق”.
مجلس القضاء الأعلى في العراق، أعلن أمس الإثنين، أن التحقيق في حادثة اغتيال نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي، أبو مهدي المهندس، وقائد فيلق القدس، قاسم سليماني، وصل إلى “مرحلة متقدمة”، مشيراً إلى صدور أحكام قضائية “مناسبة” بحق المتورطين خلال الأيام المقبلة.
وبين مسجدي أن “القضاء الايراني فتح ملفا خاصا حول اغتيال الشهيد سليماني وايران والعراق متعاونان بخصوص ملاحقة المتورطين باغتيال سليماني والمهندس، ونحن لا نعتبر العراق مقصرا بالحادث”.
وفي السياق الاقتصادي، قال إن تصدير الغاز والكهرباء للعراق مستمر ونأمل ان يصل العراق الى الاكتفاء الذاتي بانتاج الكهرباء”، موضحاً أن ديون الغاز الايراني على العراق تجاوزت 3 مليارات ونصف المليار دولار.
وكانت وزارة الكهرباء العراقية، قد أعلنت أول أمس الأحد، أن إيران قررت تخفيض تجهيز العراق بوقود الغاز من 5 ملايين إلى 3 ملايين متر مكعب لعدم تسديد الديون “البالغة مليارين و600 مليون دولار”، محذرةً من أن هذا سيجعل تجهيز الكهرباء شبه معدوم في بغداد والفرات الأوسط.
ووصل وزير الطاقة الإيراني، رضا اردكانيان، وهو رئيس الجانب الإيراني في اللجنة الاقتصادية الإيرانية – العراقية المشتركة، إلى بغداد، صباح اليوم الثلاثاء، في زيارة رسمية على رأس وفد اقتصادي، يجتمع خلالها مع وزيري الكهرباء والتجارة وكذلك رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي لبحث ملفات الغاز وإطلاقاته، والديون والواجبات مستحقة الدفع للجانب الإيراني.