صوت مجلس النواب العراقي، فجر اليوم الخميس، على قانون تمويل العجز المالي بعد انسحاب نواب الكتل الكوردستانية رفضاً لآلية تحديد حصة إقليم كوردستان.
وتأخر انعقاد الجلسة حتى ساعات الفجر الخميس، حيث رفع البرلمان جلسته 21 التي عقدت أمس الأربعاء وبدأ عقد جلسة جديدة للتصويت على مشروع القانون.
وفي مستهل الجلسة، أشار رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي الذي ترأس الجلسة إلى أن “القانون سيمضي أما بالتوافق أو بالأغلبية”.
واستمرت المفاوضات مع الكتل الكوردستانية لإقناعها بدخول القاعة واستكمال النصاب القانوني المطلوب، وبعد استكمال التصويت على خمس مواد (الأولى حتى السادسة باستثناء الخامسة التي تم حذفها) وأخذ استراحة لأداء صلاة الفجر، استؤنفت الجلسة وحصلت مشادة كلامية بين النواب الكورد والنواب الشيعة، غادر على إثرها نواب الكتل الكوردستانية القاعة.
في المقابل، قالت رئيسة كتلة الحزب الديمقراطي الكوردستاني في البرلمان العراقي فيان صبري لشبكة رووداو الإعلامية: “شاركنا في جلسة اليوم بناء على وعود من الحلبوسي وعدد آخر من النواب بتأجيل الفقرة الخاصة بإقليم كوردستان في قانون تمويل العجز المالي لكننا تفاجئنا بعرض المادة للتصويت وإطلاق اساءات تطال الإقليم من قبل بعض النواب ما دفعنا لمغادرة القاعة وبعدها تم تمرير القانون بأهواء عنصرية”.
وتم تمرير قانون التمويل العجز المالي المعروف أيضاً بقانون الاقتراض ورفع الجلسة بعد ذلك، ومن المتوقع البدء بتوزيع رواتب الموظفين الخميس أو الأسبوع المقبل على أبعد تقدير.
ومساء الأربعاء أنهت اللجنة المالية مناقشاتها بشأن قانون تمويل العجز المالي ورفعته للتصويت في جلسة مجلس النواب حيث تضمنت التعديلات اقتراح إضافة عدة مواد إلى مشروع القانون ومنها تحديد حصة إقليم كوردستان من مجموع الإنفاق الفعلي (النفقات الجارية ونفقات المشاريع الاستثمارية) بعد استبعاد النفقات السيادية “بشرط التزام إقليم كوردستان بتسديد أقيام النفط المصدر من الإقليم وبالكميات التي تحددها شركة تسويق النفط العراقية سومو حصراً والإيرادات غير النفطية الاتحادية وفي حالة عدم التزام الإقليم لا يجوز تسديد النفقات للإقليم ويتحمل المخالف لهذا النص المسؤولية القانونية”.
وفي وقت لاحق، أعلن مقرر اللجنة المالية في مجلس النواب العراقي، أحمد الصفار، لرووداو، رفض الكورد للتعديلات التي أجرتها اللجنة على مشروع قانون تمويل العجز المالي فيما يتعلق بحصة إقليم كوردستان، مشيراً إلى وجود غايات سياسية تستهدف حكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي وإسقاطها من قبل عدة كتل وعلى رأسها العصائب (صادقون) ودولة القانون وتيار الحكمة، وقال: “نحاول كسر النصاب القانوني لمنع تمرير مشروع القانون بشكله الحالي، على أمل التوصل لتوافق سياسي حول الأشهر المتبقية، ونحن مستعدون لتسليم الإيرادات بشرط إرسال كل حصة إقليم كوردستان من مجموع الإنفاق الكلي وليس الإنفاق الفعلي، ونسعى للتوصل إلى اتفاق يرضي جميع الأطراف”.
وبحسب نص القانون تم تخفيض قيمة القرض التي يمنح وزير المالية صلاحية اقتراضه محلياً وخارجياً من 41 إلى 12 ترليون دينار على أن يخصص 20% منها للمشاريع الاستثمارية.
وتضمن القانون الجديد بعد تعديلات اللجنة المالية عليه تقدير إيرادات الأربعة الأشهر الأخيرة من العام الجاري بعشرة ترليونات و500 مليار دينار بدلاً من 19 ترليون و719 مليار دينار، كما قدرت اللجنة إجمالي النفقات الضرورية خلال نفس المدة بـ 22 ترليون و500 مليار دينار بدلاً من 57 ترليون و811 مليار دينار.
وفي وقت سابق عقدت اللجنة المالية في مجلس النواب العراقي اجتماعاً بغية التوصل إلى اتفاق حول مشروع قانون تمويل العجز المالي المقدم من الحكومة تمهيداً للتصويت عليه في البرلمان، بعدما أنهى مجلس النواب العراقي السبت الماضي، قراءة ومناقشة مشروع القانون.
يذكر أن أحمد ملا طلال، المتحدث باسم رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، أعرب في المؤتمر الصحفي الأسبوعي عن أمله في تمرير قانون الاقتراض بجلسة الأربعاء لتبدأ الحكومة بإطلاق رواتب الموظفين الخميس، مضيفاً أن “قانون تمويل العجز المالي سيؤمن الرواتب للأشهر المقبلة”.
وكان رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، قد اجتمع الاثنين الماضي مع اللجنة المالية النيابية وتم الاتفاق على أن تسرع الحكومة في توزيع الرواتب لأن لدى وزارة المالية خزيناً مالياً يكفي لتغطية الرواتب.
وفي تغريدة على حسابه الخاص في تويتر، قال الكاظمي: “يحاول البعض استخدام أزمة السيولة المالية كمادة سياسية. لكن تشكلت تفاهمات مشتركة بين الحكومة واللجنة المالية النيابية بأن الأزمة هي نتاج الأخطاء المتراكمة واخترنا حلها من خلال إصلاحات الورقة البيضاء”.
وتعاني حكومة مصطفى الكاظمي، منذ منحها الثقة في أيار الماضي، من أزمة اقتصادية جراء انخفاض أسعار النفط وجائحة كورونا، وانعكست تلك الأزمة على رواتب الموظفين.
واعتاد الموظفون الحكوميون في العراق على تسلم رواتبهم، بدءاً من يوم 15 من كل شهر، وحتى 26 من الشهر نفسه، إلا أنه في أيلول الماضي، تأخر دفع رواتب الموظفين في الحكومة لأول مرة، بسبب الأزمة المالية قرابة 50 يوماً، كما لم توزع رواتب شهر تشرين الأول حتى الآن فيما تم توزيع رواتب المتقاعدين.
وفي مستهل جلسة مجلس الوزراء، الأسبوع الماضي، وجه رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي وزارة المالية بإيجاد الحلول بشكل عاجل لصرف رواتب المتقاعدين، مشيراً إلى إنتظار إقرار قانون “تغطية العجز المالي” من قبل مجلس النواب للمباشرة بصرف رواتب الموظفين.
ويمر العراق بأزمة مالية خانقة نتيجة انهيار أسعار النفط وجائحة كورونا وانعكاسات الأوضاع السياسية غير المستقرة في البلاد، وسط عدم إقرار موازنة العام الحالي.
وكان وزير المالية العراقي، علي علاوي، قد قال إنه في حال صوت مجلس النواب على قانون تمويل العجز ستطلق رواتب الموظفين بشكل مباشر، مشيراً إلى أن المبلغ المتضمن في قانون تمويل العجز “سيؤمن الرواتب لغاية الشهرين الأولين من العام المقبل”.
وأرسلت الحكومة العراقية مشروع قانون سد العجز المالي إلى البرلمان في (11 تشرين الأول 2020)، حيث أن تمرير مشروع القانون من قبل البرلمان سيمكن الحكومة من سد العجز المالي باللجوء إلى الاقتراض، وسيحل بديلاً عن موازنة 2020.