الاقتصاد السياسي للعراق 2020: قصة عجز الموازنة الاتحادية والانهيار المحتمل للاقتصاد الوطني

د. حسين علاوي*

 

قصة الاقتصاد في العراق بدأت منذ نهاية الحرب في المدن المحررة وتحرير الأراضي وطرد كيان داعش الإرهابي في عام 2017 ، علامات العجز ما بعد الحرب واضحة جداً والتقديرات الأولية للحرب كانت بواقع 88 مليار دولار ، وقد دعا المجتمع الدولي الى تمويل العراق من خلال مجالات ثلاث لانعاش الاقتصاد العراقي عبر التمويل بالمنح المالية والمنح من اجل تحسين المناخ الاقتصادي وكذلك كتل الاستثمارات المالية التي كان من المفروض ان تكون متلازمة بعد اعلان نتائج مؤتمر الكويت لأعمار المناطق المحررة والتي نسمع الان ان هنالك تدفق للأموال الى المناطق المحررة والمشاريع الاستراتيجية الخاصة بالمدن المحررة .

ما يقلقنا اذا صحت التسريبات ؛ ان العجز المالي في بلغ ( ٥١ ترليون دينار) أي ما يعادل (٤٨ مليار دولار ) في مسودة الموازنة لعام ٢٠٢٠ مقارنة بالعجز في الموازنة العامة لعام ٢٠١٩ والذي قدر آنذاك ب ( ٢٣ مليار دولار) ، ونحن الان امام تحدي كبير ، ‏‏فالتداعيات الاقتصادية المُحتملة لفيروس كورونا في العراق ‏ سيؤدي الى انخفاض واردات اكبر مشتري للنفط العراقي بواقع (٣٣.٤٠ ٪ ) من مجمل الصادرات الصينية وفقا” لإحصائية مبيعات النفط في ديسمبر – كانون الاول ٢٠١٩ ، حيث تستورد الصين ( 3.7) مليون برميل يوميا” من العراق .

ان الموازنة العامة الجديدة لعام ٢٠٢٠ تحتاج إلى إعادة بناء وصياغة مجدداً، فهي كتبت وأُعدت بمجاملات سياسية بهدف إسكات التظاهرات كما كانوا يتوقعون ، وأخرى وظائف غير مسبوقة لا تحتاجها الدولة أثقلت كاهل الموازنة ، ولذلك إن إعادة صياغة الموازنة مجدداً، ومراجعة قرارات حكومة عبد المهدي الأخيرة، من شأنه إعادة ضبط الأيقاع المالي لأقتصاد البلاد، وبعكسه سيكون العراق بمواجهة سيناريو عجز غير مسبوق .

لذلك نعتقد بان الموازنة العامة الاتحادية للعام 2020 بحاجة إلى عملية جراحية تمويلية جريئة ليس التقشف ديدنها بل السعي إلى تحقق الاستدامة المالية ذات الاداء العالي للمالية العامة، أي توافر سبل ومبادئ الانضباط المالي للعراق من دون تقشف أو حرمان.

وعلية ؛ نحتاج من الحكومة الجديدة ان تكون حكومة وطنية جامعة ولديها قرار سياسي لبناء موازنة اتحادية افضل من اجل حياة كريمة للعراق والعراقيين .

– التوصيات

1- أحالة الموازنة الاتحادية لعام ٢٠٢٠ الى لجنة من الشركات الاستشارية الأجنبية المتخصصة في صياغة المالية العامة للدولة ، وبأشراف من اللجنة المالية في البرلمان العراقي وعضوية كل من وزارة المالية والتخطيط والمستشارين الماليين للحكومة العراقية ووزارة النفط .

2- نشر بيانات حقيقية حول قدرة العراق المالية والنقدية لاعلام الرأي العام حول الخزينة العراقية والأموال المتحصلة من تجارة النفط العراقية والايرادات المتوقعة من المشاريع الاستثمارية وايرادات الضرائب العامة والديون المتحصلة او التي سيدفعها العراق داخليا” وخارجيا ” وحجم المنح والمساعدات الدولية .

3- دعوة صندوق النقد الدولي والبنك الدولي الى زيادة المساعدة الفنية واللوجستية في تطوير منهجية سليمة لهيكل الموازنة العامة بما يتوافق مع فلسفة الدستور العراقي وتوزيع الثروة بشكل عادل.

*رئيس مركز أكد للشؤون الاستراتيجية والدراسات المستقبلية

Related Posts