كتب المهندس والمختص بشؤون البيئة الأستاذ برهان المفتي في صفحته على الفيسبوك:
في نشرة أصدرتها جهة عالمية معتمدة في مراقبة البيئة في دول العالم، جاء العراق في المرتبة (١٨) في قائمة الدول الأكثر تلوثاً في العالم، وهذه تشمل تلوث الهواء والتربة والماء وأساليب معالجة النفايات والتخلص منها وكيفية إدارة البيئة بصورة مستدامة والحفاظ على الموارد البيئية.
هذه المرتبة إنعكاس لقلة الوعي البيئي الحكومي والمجتمعي في العراق. ففي الطرف الحكومي تحتل البيئة وتشريعاتها مكاناً هامشياً طالما أنّ تشريعات الحفاظ على البيئة لا تضخ دولارات مليونية وربما مليارية في جيوب المسؤولين والنواب، ورغم وجود دوائر البيئة في المحافظات ولجنة البيئة والصحة في البرلمان ولكن معظم مَن في هذه الدوائر واللجنة البيئية لا يعرفون أساسيات علم البيئة مثل الجزء بالمليون ppm و مقياس الحامضية pHو غازات الإحتباس الحراريGHGs و الغازات التي تضر بطبقة الأوزون ODGs ومنها غازات CFC وتشريعاتها الدولية الملزمة، بل أن مناصبهم تلك هي من موجبات توزيع الحصص دون الأخذ بالكفاءة العلمية والإدارية والخبرة اللازمة في إدارة ملف مهم هو ملف البيئة، فلا شيء في تماس مباشر مع الناس بكل دقيقة من يومهم إلا البيئة طالما هناك حركة نَفَس بين شهيق وزفير.
وأما في الجانب المجتمعي فالوعي البيئي في العراق في مستويات مخجلة، فما زلنا نستخدم في عناويننا الخرابة والمزبلة كدلالة للمكان ( بيتنا يم الخرابة) و ( أكو مزبلة عاليمنى)، كما أن وجود ( السيان) من مستلزمات الزقاق العراقي التقليدي بسبب حرص معظم العوائل العراقية على طرح فضلاتها الحيوية إلى الخارج كنوع من الإنتقام من جارتها أو التباهي في نوع وتنوع وألوان الفضلات ! كما أنّ أصحاب الورش الميكانيكية والمصانع الأهلية لا تهمهم البيئة بقدر أهتمامهم بالربح فيطرحون الفضلات في الترع المائية ومجرى النهر وحتى في الحقول الزراعية.
مسح ميداني علمي ومهني واحد سيظهر حالات الإصابة بسرطان الرئة والجلد والدم وإرتباط ذلك برداءة الهواء وتلوثه، ويكشف حالات عجز الكلى وتلف الكبد وربط ذلك بتلوث الماء، ويكشف حالات سرطان القولون وربط ذلك بتلوث التربة والمنتوج الزراعي، ولكن أين مثل هذه المسوحات الميدانية النزيهة ونشرها للرأي العام وأين التشريعات القانونية كإجراء لمعالجة هذه الحالات وضبط البيئة.
هل سنرى ونسمع جلسات برلمانية لمناقشة هذه النشرة ووضع خطة عمل لجعل البيئة في العراق بيئة صحية؟ لكن الخوف أن يسعى القائمون على البيئة على جعل العراق في المرتبة الأولى في هذه القائمة ظناً منهم أنّ المرتبة الأولى هي الأفضل دائماً… يسويها البخت وي الإدارة الحصصية.