بيروت (رويترز) –
تأجل يوم الاثنين تكليف رئيس وزراء جديد للبنان مع ظهور تعقيدات أخرى في مساعي الاتفاق على حكومة تشتد الحاجة إليها لإخراج البلاد من أزمة اقتصادية كبرى.
وبعد أكثر من سبعة أسابيع من استقالة سعد الحريري من المنصب بسبب احتجاجات على النخبة الحاكمة، لم يتمكن الساسة من الاتفاق على حكومة جديدة على الرغم من الأزمة المالية المتفاقمة.
واشتدت الأزمة في مطلع الأسبوع عندما غطت سحب الغاز المسيل للدموع العاصمة بيروت مع اشتباك قوات الأمن مع المتظاهرين الذين حملوا الساسة مسؤولية الفساد وسوء الإدارة. وأصيب العشرات في الاشتباكات.
ووصلت الأزمة الاقتصادية، التي تعتمل منذ سنوات، إلى ذروتها منذ تفجر الاحتجاجات في أكتوبر تشرين الأول. ووضعت البنوك قيودا على سحب الودائع وفقدت الليرة اللبنانية نحو ثلث قيمتها الرسمية بينما فقد الآلاف وظائفهم. وخفضت بعض البنوك من سقف السحب النقدي مجددا يوم الاثنين.
وعلى الرغم من الخلافات بين الأحزاب الرئيسية بشأن تشكيل الحكومة كان الحريري في طريقه ليكون المرشح لرئاسة الوزراء للمرة الرابعة خلال المشاورات.
لكن ذلك تغير في الخطة في اللحظة الأخيرة، وأعلن الرئيس ميشال عون تأجيل ”الاستشارات النيابية“ إلى يوم الخميس بناء على طلب الحريري رئيس وزراء حكومة تصريف الأعمال.
وذكرت الرئاسة اللبنانية في بيان أن الحريري طلب في اتصال هاتفي مع عون تأجيل الاستشارات التي كان من المتوقع أن تجرى يوم الاثنين ”لمزيد من التشاور في موضوع تشكيل الحكومة الجديدة“.
وعزت مصادر سياسية ومحللون الخطوة لقرار من حزب القوات اللبنانية المسيحي بعدم تسمية لا الحريري ولا أي شخصية أخرى لرئاسة الوزراء، وهو منصب يجب أن يذهب لسياسي سني بموجب نظام المحاصصة الطائفية.
ويريد حزب القوات اللبنانية حكومة مؤلفة من متخصصين مستقلين.
ويريد الحريري، المقرب من دول عربية خليجية ودول غربية، قيادة حكومة مؤلفة من متخصصين لكن موقفه بذلك يتعارض مع موقف عون وحليفه حزب الله الشيعي المدعوم من إيران، إذ يناديان بضرورة أن تضم الحكومة شخصيات سياسية.
وأكد مكتب الحريري في بيان أن القرار جاء بسبب تحرك حزب القوات اللبنانية وقال إن ”الأمر الذي كان من شأنه أن ينتج تسمية من دون مشاركة أي كتلة مسيحية وازنة فيها، خلافا لحرص الرئيس الحريري الدائم على مقتضيات الوفاق الوطني“.
ومع تصاعد التوتر بين الحريري وعون، وهو أيضا مسيحي، حال قرار حزب القوات اللبنانية تسمية الحريري دون موافقة جميع الطوائف.
* دعم سني
قال نبيل بومنصف نائب رئيس تحرير صحيفة النهار إن الحريري ”لم يعد معه مسيحيون ولا يستطيع أن يأتي بدون كتل مسيحية كبيرة… لا أتوقع من الآن ولغاية صباح الخميس أن نجد حلا عجائبيا“.
وقال سياسي بارز مطلع على الاتصالات بين الأحزاب إن الأمور ازدادت تعقيدا.
وقال التيار الوطني الحر الذي أسسه عون إنه لن ينضم إلى حكومة يتم تشكيلها بشروط الحريري. وحث التيار على وضع حد لتضييع الوقت وحث الحريري على تسمية مرشح يتسم بالنزاهة ليكون رئيسا للوزراء.
لكن لم تفلح محاولات عدة للتوصل لبديل للحريري. والحريري هو أبرز شخصية سنية على الساحة السياسية اللبنانية والمرشح الوحيد الذي يحظى بتأييد المؤسسة الدينية السنية في البلاد.
وقالت جماعة حزب الله إن الحكومة المقبلة يجب أن تجمع كل الأطراف للتعامل مع الأزمة بما يشمل التيار الوطني الحر. وقال الأمين العام لجماعة حزب الله إن تشكيل الحكومة لن يكون بالمهمة السهلة حتى بعد تسمية رئيس للوزراء.
وحث الحلفاء الأجانب للبنان على تشكيل حكومة تتمتع بالمصداقية ويمكنها أن تنفذ إصلاحات سريعة مطلوبة لتلقي الدعم الدولي.
وقال يان كوبيش المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان إن أعمال العنف التي وقعت في مطلع الأسبوع ”تظهر أن تأجيل الحل السياسي للأزمة الحالية يوجد تربة خصبة للاستفزاز والتلاعب السياسي“.
وأضاف أن تلك الأحداث يجب أن تخضع للتحقيق لمنع الانزلاق صوب ”سلوك عنيف ومواجهات بين جميع الأطراف“.