متابعة “ساحات التحرير”
أفادت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية، الخميس، بأن السعودية تحاول “بصمت” إصلاح العلاقات مع إيران وأعداء إقليميين آخرين، مشيرة إلى أن المسؤولين في المملكة أصبحوا “أكثر قلقا من المخاطر التي يشكلها النزاع على اقتصاد” بلادهم الذي يعتمد على النفط.
وقالت الصحيفة إن اهتمام الرياض الجديد بعلاقات أفضل مع منافسين إقليميين لها يأتي في وقت يتساءل فيه المسؤولون السعوديون عن مدى الدعم الذي يلقاه هذا التحول من الولايات المتحدة وحلفاء آخرين.
الحسابات السعودية، وفق وول ستريت، تغيرت بعد الهجمات التي تعرضت لها منشآت نفطية داخل المملكة وعطلت بشكل مؤقت جزءا كبيرا من إنتاج النفط الخام في البلاد وألقي اللوم فيها على إيران.
ونسبت الصحيفة لمسؤول سعودي قوله إن “هجوم 14 أيلول/ سبتمبر غيّر اللعبة”.
وتعرضت منشأة خريص النفطية الواقعة في شرق السعودية لأربع ضربات في ذلك التاريخ، واندلعت فيها حرائق استمرت خمس ساعات. فيما تعرض مصنع لتكرير الخام في بقيق، يعد الأضخم في العالم، لهجوم استخدمت فيه ما لا يقل عن 18 طائرة مسيّرة وسبعة صواريخ كروز في هذه الهجمات.
وأدت الهجمات في بقيق وخريص إلى انخفاض إنتاج السعودية من النفط الخام إلى النصف، وأحدثت اضطرابات في أسواق الطاقة العالمية. وتبنى المتمردون الحوثيون المسؤولية، لكن الولايات المتحدة رفضت ذلك واعتبرت الهجمات “عملا حربيا” شنته إيران.
ونقلت وول ستريت عن مسؤولين سعوديين وأوروبيين وأميركيين، قولهم إن ممثلين من السعودية ومن إيران تبادلوا رسائل بشكل مباشر في الأشهر الأخيرة وتواصلوا أيضا من خلال وسطاء في عمان والكويت وباكستان.
التركيز الرئيسي في تلك الاتصالات، يتمثل في تخفيف التوترات بين الرياض وطهران، بحسب ما كشفه المسؤولون. وحسب ما نقلته الصحيفة الأميركية عن سفير إيران في باريس، بهرام قاسمي، ومسؤولين آخرين، فقد طرحت طهران خطة سلام على السعوديين تتضمن تعهدا متبادلا بعدم الاعتداء والتعاون، يهدف إلى تأمين صادرات النفط بعد سلسلة من الهجمات التي استهدفت ناقلات نفط.
لكن لاعبين آخرين في المنطقة، بما في ذلك الإمارات، يرتابهم شك إزاء تواصل الرياض مع إيران، فيما حذر مسؤولون أميركيون علانية من أن طهران ربما تخطط لشن هجوم جديد في المنطقة.
أحد المسؤولين السعوديين قال إن بلاده “لا تثق بالإيرانيين لكنها تأمل في أن تتمكن على الأقل من التوصل إلى اتفاق لوقف الهجمات المحتملة في المستقبل”.
وتعرضت ناقلات نفط سعودية وإماراتية ويابانية، الصيف الماضي، لهجمات قرب مضيق هرمز الاستراتيجي، ألقي اللوم فيها على إيران. وتعرضت ناقلة إيرانية لانفجارات في أكتوبر، قالت طهران إن دولة أجنبية تقف وراءها. تلك الحوادث دفعت إلى ارتفاع تكلفة الشحن وأجبرت مشتري النفط على تأخير الشحن.
وول ستريت أفادت أيضا نقلا عن مسؤولين عرب وأميركيين، بأن الرياض أجرت محادثات سرية مع المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران الذين تقاتلهم في اليمن لسنوات. وقالت إن مسؤولا غربيا أبلغها بأن الجانبين لديهما الآن “خط ساخن في محاولة للحد من الاشتباكات المحتملة”.
ولم ترد السفارة السعودية في واشنطن ولا السلطات في الرياض على طلب وول ستريت للتعليق على ما ورد.
لكن مسؤولا سعوديا كشف لصحفيين، شريطة عدم كشف هويته، في تصريحات أدلى بها في الرابع من نوفمبر الماضي، وجود “قناة مفتوحة مع الحوثيين منذ عام 2016. نحن نواصل هذه الاتصالات لدعم السلام في اليمن”، مؤكدا “لا نغلق أبوابنا مع الحوثيين”.
ولم يعط المسؤول أي تفاصيل إضافية حول طبيعة قناة الاتصال، لكن تصريحاته صدرت في وقت توقفت فيه هجمات المتمردين ضد المملكة بالصواريخ والطائرات المسيرة منذ أسابيع.
وقال مساعد وزير الخارجية الأميركي للشرق الأدنى ديفيد شينكر خلال زيارة للسعودية إن واشنطن تجري محادثات مع الحوثيين بهدف إيجاد حل “مقبول من الطرفين” للنزاع اليمني، موضحا “تركيزنا منصب على إنهاء الحرب في اليمن ونحن نجري محادثات مع الحوثيين لمحاولة إيجاد حل للنزاع متفاوض عليه يكون مقبولا من الطرفين”.
وكانت تلك المرة الأولى التي يعلن فيها مسؤول في إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن محادثات مماثلة.
وفي 21 سبتمبر، أعلن الحوثيون أنهم على استعداد للتوصل إلى حل سلمي مع الرياض، وكرروا عرضهم لاحقا رغم تواصل غارات التحالف.
وأوقعت الحرب في اليمن حوالى 10 آلاف قتيل وأكثر من 56 ألف جريح منذ 2015، بحسب منظمة الصحة العالمية. ويعتبر مسؤولون في المجال الانساني أن الحصيلة أعلى بكثير.