متابعة “ساحات التحرير”
متى سيندلع الحريق مع إيران، وهل سيعلن الرئيس دونالد ترامب الحرب المباشرة معها؟ ربما تحدث اللحظة هذه في الأشهر المقبلة عندما يشعر الرئيس بضغط تحقيقات الكونغرس معه حسب صحيفة “بوليتكو”.
وفي التقرير الذي أعدته ميرديث ماكغرو التي قالت إن بوتقة العنف والتوتر تغلي بشكل تلفت انتباه الرئيس ترامب والذي يقاتل من أجل النجاة بواشنطن.
وقد تكون الحرب مبررا لحرف النظر ولكنها ستكون خطيرة ويتم إخراجها لحرف النظر، خاصة أن الإحتجاجات تنتشر في عموم الشرق الأوسط بشكل تجلب التوتر الطويل بين الولايات المتحدة وإيران إلى حالة المواجهة في وقت سيواجه فيه ترامب المحاكمة معه بالكونغرس.
ففي لبنان والعراق وإيران خرجت تظاهرات معارضة في جزء منها لإيران، وتتهم هذه بتخريب ناقلات نفط في منطقة الخليج. وسيجد ترامب نفسه مندفعا نحو عمل ضد طهران لو قتلت المتظاهرين كما اقترب من العمل العسكري بعد إسقاط طهران طائرة تجسس أمريكية بداية الصيف.
وترى المجلة أن ما يحدث يخلق لحظة محورية للسياسة الأمريكية بالمنطقة. ولكن ما يجري لم يثر انتباها كبيرا في الولايات المتحدة، إلا بقدر حيث يخشى خبراء السياسة الخارجية من كل الأطياف استنفاذ الإدارة والكونغرس جهودهما في محاكمة الرئيس.
وبحسب المبعوث السابق للتحالف الدولي ضد تنظيم الدولة بريت ماكغيرك “الخطر الحقيقي في الأشهر المقبلة هو ارتكاب إيران عمل في الخليج أو مكان آخر ولا يوجد إجراء روتيني للمناقشة الرئيس جزء منه لاتخاذ قرار التحرك” مما يعني “رد من جانب واحد لا يعتبر سياسة في لحظة الأزمة”.
وتحدث الإحتجاجات على خلفية أحداث مقلقة، فقد بدأت تركيا بترحيل مقاتلي تنظيم الدولة إلى أوروبا وأمريكا في وقت يحذر فيه العسكريون الأمريكيون من عودة تنظيم الدولة.
وتبحث روسيا عن دور متزايد في سوريا بعد سحب القوات الأمريكية من هناك، وتقوم ببيع الطائرات إلى حلفاء أمريكا في المنطقة. أما إيران فقد بدأت خططا تدريجية لفحص حدود الإتفاقية النووية التي وقعتها للحد من نشاطاتها النووية مقابل رفع العقوبات.
ويقول مارك دوبوفيتز من مؤسسة الدفاع عن الديمقراطية “يطالب الناس في الشوارع بالديمقراطية والإزدهار ولدينا رئيس يتقرب من القادة الديكتاتوريين وكونغرس منشغل بالتناحر بدلا من الوحدة بعيدا عن المياه الخطيرة” إلا أن هذا الرأي ليس مجمعا عليه في كل دوائر السياسة الخارجية، فبحسب جيمس كارافانو الخبير في شؤون الأمن القومي بمؤسسة التراث فإن سياسة إدارة ترامب الشرق أوسطية “حازمة” وأن الرئيس في موقع جيد لمواجهة النزاعات المستقبلية.
وقال إن “موقف الولايات المتحدة في الشرق الأوسط أفضل مما كان عليه قبل ثلاثة أعوام” و”هناك جهد كبير لعمله ولكن لا شيء يقترح حاجة الرئيس لتعديل الإستراتيجية بشكل كبير”.
وبدأت الإدارة في الأيام القليلة الماضية بإثارة الإنتباه حول التظاهرات في المنطقة. وقالت إن زيارة نائب الرئيس مايك بينس إلى العراق شملت على مكالمة هاتفية مع رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي لمناقشة التظاهرات.
وجاءت الزيارة بعد تغريدة لترامب حول إغلاق إيران الإنترنت. وقال فيها “لا يريدون شفافية ويعتقدون أن العالم لن يعرف بالموت والمأساة التي يتسبب بها النظام الإيراني”، فيما دعا زير الخارجية مايك بومبيو الإيرانيين مباشرة لقطات فيديو وصور ومعلومات لتوثيق قمع النظام. إلا أن قمع الإيرانيين قد تدفع النظام للرد في مكان آخر مما سيضع ضغوطا جديدة على الإدارة للرد بدلا من التصريحات والعقوبات.
ويعتبر العراق المكان الذي تراقب فيه واشنطن السلوك الإيراني العنيف. وخرج العراقيون احتجاجا على تأثير إيران التي تمارس دورا مهما في الحياة السياسية، وردت الميليشيات التابعة لإيران بالقمع مما أدى لمقتل 320 شخصا حسب إحصائية أسوسيتدبرس.
ويطالب المتظاهرون بإعادة تغيير النظام السياسي وتوفير فرص العمل والقضاء على الفساد المستشري. وقال مسؤول بارز في الإدارة “لا يعني أن المتظاهرين هم من المؤيدين لأمريكا ولكنهم معارضون بشكل واضح لإيران” و”نعتقد أن هذه من أحسن التطورات الإيجابية التي شاهدناها في العراق ومنذ وقت طويل”. لكن لا يوجد ما يشير إلى أن الوضع سينفع أمريكا، فإلى جانب القمع تحاول الأحزاب المؤيدة لإيران التقدم بحزمة من الإصلاحات بمباركة إيرانية تعالج مطالب المتظاهرين. ولا يوجد ما يشير إلى قرار أمريكي للتأثير على الوضع مباشرة غير التصريحات الشديدة.
وقال بومبيو إن بلاده “تراقب الأوضاع عن قرب” و”ندعم الشعب العرافي الذي يتطلع لعراق مزدهر خال من الفساد والتأثير الإيراني الخبيث”. أما البيت الأبيض فلم يقل الكثير عن التظاهرات باستثناء بيان واحد هذا الشهر.
وقال المسؤول “هذه فرصة عظيمة للعراق ولكنها مرحلة خطيرة” وأضاف “سيكون من العار لو قرروا تبني القمع الإيراني المعروض عليهم وقمع المتظاهرين بطريقة عنيفة”.
ونفس الحساب واضح في لبنان حيث زحف المتظاهرون ضد حكومة عاجزة والتأثير الإيراني الفاسد. ورغم استقالة رئيس الوزراء سعد الحريري ردا على الأوضاع لكن لا يوجد ما يشير لمن سيخلفه. ودعا القادة في البلد إلى حكومة تكنوقراط لكن القلق باق حول دور حزب الله الذي تدعمه إيران في تشكيل الحكومة.
ولم يلق البيت الأبيض بثقله على الوضع في لبنان، إلا أنه قرر تعليق المساعدات العسكرية إلى لبنان. ولا يعرف السبب الذي دفع البيت الأبيض لاتخاذ القرار. إلا أن ترامب علق أن التظاهرات أرسلت رسالة واضحة وهي أن الشعب اللبناني حكومة فاعلة وإصلاح اقتصادي ونهاية للفساد المستشري. ونشر يوم الجمعة تغريدة أعرب فيها عن دعم الإدارة للشعب اللبناني وتظاهراته السلمية المطالبة بالإصلاح الإقتصادي وإنهاء الفساد.
وللمرة الثانية أثناء حكم ترامب تندلع تظاهرات في إيران، ففي الفترة ما بين 2017- 2018 خرج الإيرانيون إلى الشوارع احتجاجا الأوضاع الإقتصادية ولمعارضة القيادة الإيرانية.
وقال المسؤول إن إدارة ترامب لم تقدم في حينه الدعم الكافي للمتظاهرين “أعتقد أننا ضيعنا فرصة مع إيران ما بين 2017 و 2018 وقدرتنا على الرد الفعال عليها ودعم طموحات المتظاهرين. ويرى ماكغريك إن إدارة ترامب ضيعت الفرص لعدم وجود خطة للتعامل مع مناطق الشرق الأوسط الساخنة.
وقال “الشرق الأوسط قابل للإحتراق ويحترق بطريقته ولأن السياسة الأمريكية لم تأخذ بعين الإعتبار للمرة الثانية والثالثة آثار أفعالنا، ويبدو ترامب مندهشا عند ظهور نقاط التوتر”. وستواجه إدارته قرارات صعبة بدون وجود خطط مناسبة لأنها تركز على محاكمة الرئيس وحملات إعادة انتخابه. ويقول مايك روبن من معهد أمريكان إنتربرايز إن رد إدارة ترامب متفرق وبناء على رد الفعل. فلو كان هناك استراتيجية فاعلة لأدت لحرف إتجاهات في الطريق الصحيح.