الوزير الأسبق عصام الجلبي يكتب حول “إلغاء أو تعديل الدستور العراقي”

عصام الجلبي*
في رسالة للدكتور عبدالإله الراوي في 28/10 موجهة الى ثوار تشرين يلفت انتباههم الى ضرورة أن يرفضوا رفضا قاطعا أي عملية تتعلق بتعديل الدستور الذي وضع عام 2005 لكونه مليء بالالغام ولا يمكن تعديله وبالأخص بوجود حق لثلاث محافظات برفض التعديل الذي قد يقترح ولذا فإن رئيس مجلس النواب يحاول التفاوض مع مسؤولي إقليم شمال العراق لطرح التعديلات والتي من المؤكد سوف تكون لا قيمة لها .

وفي خبر ورد في 2019/11/7 عن أعمال لجنة تعديل الدستور الي شكلها مجلس النواب جاء فيه ما يلي:

 

خلافات عميقة داخل لجنة تعديل الدستور العراقي

بغداد ـ العربي الجديد

7 نوفمبر 2019

تشهد لجنة تعديل الدستور العراقي البرلمانية، التي شكلها رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي على وقع التظاهرات وعقدت أول اجتماعاتها يوم الاثنين الماضي، خلافات عميقة بسبب وجود اختلاف في وجهات النظر بشأن آليات اقتراح التعديلات.

وقالت مصادر مقربة من اللجنة إن أولى الخلافات نشبت بشأن المادة الدستورية التي سيتم الاعتماد عليها عند تعديل الدستور، مؤكدة لـ”العربي الجديد” وجود آراء تشير إلى ضرورة الانطلاق من المادة 142 من الدستور التي تشترط موافقة أغلبية أعضاء البرلمان على أي تعديل دستوري قبل عرض هذه التعديلات للاستفتاء الشعبي، ويكون الاستفتاء ناجحاً إذا لم يعترض عليه سكان 3 محافظات عراقية.

وأشارت المصادر ذاتها إلى وجود آراء أخرى مخالفة تطالب بالاعتماد على المادة 126 من الدستور التي تتيح لخمس أعضاء البرلمان أو رئيسي الجمهورية والوزراء مجتمعين طلب تعديل الدستور يتم بعد ذلك عرض التعديلات على البرلمان للتصويت عليها ثم إخضاعها للاستفتاء الشعبي، لافتة إلى أن هذه الخلافات ستؤخر عمل اللجنة المحدد بـ4 أشهر فقط لأنها لم تتفق إلى غاية الآن على المادة الدستورية التي يمكن أن تكون غطاء لعملها.

إلى ذلك، أكد عضو لجنة التعديلات الدستورية، يونادم كنا، وجود اعتراضات داخل اللجنة بشأن اعتماد المادة 142 من الدستور بما أنها تمنح إقليم كردستان العراق حق الاعتراض في حال تضرره من التعديلات كون المادة المذكورة تتيح لثلاث محافظات الاعتراض على التعديلات، مبيناً أن اللجنة مستمرة في عملها وستواصل اجتماعاتها من أجل وضع آليات عملها عن طريق الانفتاح على شرائح المجتمع والاستماع لمطالب المتظاهرين.

وهذه نصوص الدستور لعام 2005 كما وردت:

المادة 142 أولاً
يشكّل مجلس النواب في بداية عمله لجنة من أعضائه تكون ممثلة للمكونات الرئيسية في المجتمع العراقي مهمتها تقديم تقرير إلى مجلس النواب، خلال مدة لا تتجاوز أربعة أشهر، يتضمن توصية بالتعديلات الضرورية التي يمكن إجراؤها على الدستور. وتحلّ اللجنة بعد البت في مقترحاتها.
ثانياً
تعرض التعديلات المقترحة من قبل اللجنة دفعة واحدة على مجلس النواب للتصويت عليها، وتعد مقرة بموافقة الاغلبية المطلقة لعدد أعضاء المجلس .
ثالثاً
تطرح المواد المعدلة من قبل مجلس النواب، وفقا لما ورد في البند ( ثانيا ) من هذه المادة على الشعب للاستفتاء عليها خلال مدة لا تزيد على شهرين من تاريخ إقرار التعديل في مجلس النواب .
رابعاً
يكون الاستفتاء على المواد المعدلة ناجحاً بموافقة أغلبية المصوتين، وإذا لم يرفضه ثلثا المصوتين في ثلاث محافظات أو أكثر

وكما تقدم فان التعديلات كان يجب ان تتم عام 2005/2006 على أبعد تقدير ورغم تشكيل اللجنة في حينه وعملها لأسابيع وربما أشهر إلا أن عملها وضع على الرف ورغم مرور هذه السنين الطويلة مما يثير علامات استفهام كثيرة حول مفردات الدستور وعدم الإلتزام بالكثير من فقراته ومواده,

الخلاصة:
وكما بدأنا فإننا سنصل إلى نفس الإستنتاج…. سوف لا تسمح سلطة الإقليم بإجراء التعديلات على الدستور والذي هو لب” المشاكل في عراق اليوم.
ويبقى الحل الوحيد بأن يتم العمل على تجميد / إلغاء الدستور الحالي و كتابة دستور جديد بعد تشكيل حكومة إنقاذ وإنتخابات جديدة بإشراف دولي وقضائي.

عصام الجلبي
8/11/2019
ملاحظة:
يرجى الرجوع الى الصفحات 678-679 من كتابنا الذي أصدرناه أوائل عام 2019 بعنوان ( 50 عاما في عالم النفط ) واتي تضمنت مقترحاتنا لمعالجة الوضع العراقي بعد إحتلال عام 2003 والتي قدمناها للأمين العام للأمم المتحدة أنذاك السيد كوفي عنان أوائل عام 2004 وقبل تشكيل أول حكومة عراقية ( بتوسط ممثل الأمم المتحدة الأخضر الإبراهيمي ) وتضمنت الأفكار التالية:

اللقاء مع الأمين العام كوفي عنان[1]
بعد أشهر من إحتلال الولايات المتحدة وحلفائها للعراق وبدء محاولات الحاكم العسكري الأمريكي بول بريمر تشكيل حكومة من شخصيات عراقية بالتعاون مع الأخضر الإبراهيمي ممثلاً لمنظمة الأمم المتحدة طلب السكرتير العام للأمم المتحدة السيد كوفي عنان مقابلتي في مقر المنظمة في نيويورك. وكانت معرفته بي من خلال اللجنة التي سبق وشكلها أواخر التسعينات وكنت أحد أعضائها لإعداد دراسة من أجل أمن منطقة الخليج العربي وتقديم تقرير لتشجيع التعاون الإقتصادي بين الأقطار المطلة عليه لإبعاد شبح الحروب والصراعات.وكانت بعنوان Middle East: The New Decade وقدمت في يناير/ كانون الثاني عام 2000 في جلسة عمل وغذاء عقدت في منزل الأمين العام في نيويورك.

كان الهندف من اللقاء والذي جرى مطلع عام 2004 – والذي إستغرقت حوالي (40) دقيقة – معرفة رأيي في معالجة الوضع في العراق وكان واضحاً من حديثه كونه لم يكن راضياً عما جرى في العراق بدءاً بالإحتلال إلى طريقة سير الأمور فيها. وقد أوجزت له ما رأيته جملة من الخطوات الضرورية لإعادة السلم والأمان للعراق تتلخص فيما يلي:

– تولي الأمم المتحدة مهمة الإشراف على العملية السياسية في العراق وإنهاء الإحتلال الأمريكي.

– تشكيل حكومة تكنوقراط إنتقالية من شخصيات لا إنتماء سياسي لها لأي من القوى والأحزاب التي هيمنت على العراق منذ الإحتلال وحزب البعث.

– تكلف الحكومة بإدارة شؤون البلاد مدة حوالي سنتين يتم خلالها:

· إعداد دستور جديد للعراق

· إعداد قانون جديد للإنتخابات لمجلس نيابي جديد

· إعداد قانون جديد للأحزاب

· إعادة بناء هيكل الدولة

· إعادة الخدمات من كهرباء وماء وإتصالات ومواصلات من خلال إيرادات النفط.

– لا يحق لأعضاء الحكومة الإنتقالية المشاركة بالإنتخابات أو تولي مناصب عامة بعد المرحلة الإنتقالية لمدة تحدد لاحقاً.

– تبتعد الأحزاب الحالية (التي ساهمت مع أمريكا بشن الحرب) وحزب البعث عن أية مسؤوليات رسمية ويحق لها أن تروج شعبياً لأفكارها وبرامجها وتسجيلها بشكل رسمي حسب قانون الأحزاب الجديد تمهيداً لمشاركتها في الإنتخابات.

– لا يتم إستبعاد أي شخص أو مسؤول بسبب إنتماؤه السياسي وتتم محاسبة كل من إرتكب جرماً من خلال القضاء حصراً وإلقاء قانون الإجتثاث.

لقد كان الأمين العام كوفي عنان – والذي توفي خلال المرحلة الأخيرة من إعداد هذا الكتاب، متعاطفاً مع الأفكار أعلاه، وكان يعلق بين الحين والآخر بإسلوب رافض لمجريات الأمور ودور بعض الشخصيات العراقية التي تعاونت مع الأمريكان.

ما جرى على أرض الواقع لاحقاً هو خلاف ما طرح وإنتهت بتشكيل حكومة الدكتور أياد علاوي والتي إستمرت عشرة أشهر، ولم يكن للأمم المتحدة – والأمين العام تحديداً- دوراُ بذلك نظراً لإصرار القيادة الأمريكية على إعتماد نهج المحتل وسياستها التي أودت بالعراق – وما زال – إلى الدمار الشامل في كل أوجه الحياة وإعتماد المحاصصة وتركيز الطائفية وتفشي الفساد الشامل.

وبرأيي المتواضع، ما زالت الأفكار أعلاه، قابلة للتطبيق كخطة لإنقاذ البلد.

عصام الجلبي (2)
وزير النفط الأسبق أذار 1987 – تشرين الأول 1990

[1] – السكرتير العام للأمم المتحدة 1997 – 2006 . سبق اللقاء مع الأمين العام لقاء قصير مع الأخضر الإبراهيمي وكان عائدأً من بغداد ومتوجهاً للقاء الأمين العام وصادف أن يتم ذلك بعد لقائي.كان الأبراهيمي مكلفا بإجراء مشاورات تمخضت لاحقا عن تكليف الدكتور أياد علاوي بتشكيل الحكومة.
(2) بمناسبة مرور 29 عاما على إعفائي من المنصب في 27/10/1990

– أرجو من الجميع نشر هذا الرأي بأكمله من خلال وسائل الإعلام وقنوات الإتصال الإجتماعي التي بإمكانكم الولوج اليها —