متابعة “ساحات التحرير”
تتجاوز طموحات الرئيس التركي رجب طيب إردوغان التوسع داخل الأراضي السورية بمبرر “تطهيرها من الإرهابين” لتصل أبعد من ذلك، حيث يرغب بصنع قنبلة نووية، وقد عبر عن ذلك صراحة قبل شهر من هجومه على سوريا.
وتقول صحيفة نيويورك تايمز الأميركية أن الرئيس التركي لم يخف طموحه الأكبر، وقال في اجتماع لحزبه الحاكم في سبتمبر: “إن بعض الدول لديها صواريخ برؤوس حربية نووية”. لكن الغرب يصر على “أننا لا نستطيع الحصول عليها” لا أستطيع أن أقبل بذلك.
وتوجد تركيا الآن في مواجهة مفتوحة مع حلفائها في منظمة حلف شمال الأطلسي، بعد أن راهنت على أن تجري توغلا عسكريا في سوريا وتفلت من العواقب.
لكن تهديدات أردوغان اليوم تأخذ بعدا جديد وهو السير على خطى إيران لمحاولة صنع السلاح النووي.
وقال جون ج. هامري، نائب وزير الدفاع السابق الذي يدير حاليا مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن، إن “الأتراك قالوا لسنوات إنهم سيتبعون خطى إيران”. وأضاف “لكن هذه المرة مختلفة”.
وبالتالي فإن أردوغان اليوم في طريقه لبناء برنامج أكثر تقدما من المملكة العربية السعودية، ولكنه أقل بكثير من المتوفر لدى إيران.
ولكن بعض الخبراء يقولون إنه من المشكوك فيه أن يتمكن أردوغان من صنع السلاح سرا. وأي تحرك عام لتحقيق ذلك من شأنه أن يثير أزمة جديدة، حيث سيصبح بلده أول عضو في الناتو يخرج من المعاهدة ويسلح نفسه بشكل مستقل بالسلاح النووي.
وقد وضعت تركيا بالفعل برنامجا للقنابل، يتضمن: مخازن لليورانيوم ومفاعلات مخصصة للأبحاث وعلاقات غامضة بتاجر السوق السوداء الأكثر شهرة في العالم النووي، عبد القدير خان من باكستان.
كما تخطط تركيا لبناء أول مفاعل نووي لتوليد الكهرباء بمساعدة روسيا. وقد يثير ذلك قلقا لأن أردوغان لم يتحدث حول الطريقة التي ستتعامل بها أنقرة مع نفاياته النووية، والتي يمكن أن توفر الوقود للسلاح.
قد تستغرق تركيا سنوات للحصول على سلاح نووي، أما إذا اشترته فسيكون خطر أردوغان كبيرا، وفقا لتحليل الصحيفة.
حيث قالت جيسيكا ك. فارنوم، وهي خبيرة في شؤون تركيا في مركز جيمس مارتن للدراسات المتعلقة بعدم انتشار الأسلحة النووية في ميدلبوري في مونتيري: “إن أردوغان يتلاعب برأي عام محلي مناهض للولايات الأمريكية بخطابه الذري، ولكن من غير المحتمل جدا ان يسعى إلى السلاح النووي”.
وأضافت “ستكون هناك تكاليف اقتصادية وسمعة باهظة لتركيا، الأمر الذي سيضر بجيوب بناخبي أردوغان”.
وفي عام 1979، بدأت تركيا تشغل عددا قليلا من المفاعلات البحثية الصغيرة، ومنذ 1986، صنعت وقود المفاعلات في مصنع تجريبي في إسطنبول. ويعالج مجمع إسطنبول أيضا الوقود المستهلك ونفاياته ذات الإشعاع الشديد.
وقال أهاينونن، كبير المفتشين السابقين للوكالة الدولية للطاقة الذرية، للصحيفة: “إنهم يبنون خبراتهم النووية”. مضيفا أن تركيا قد تصل إلى “عتبة” صنع القنبلة في أربع أو خمس سنوات بمساعدة أجنبية، وأن موسكو تلعب الآن دورا بارزا بشكل متزايد في المشاريع النووية التركية والتخطيط طويل المدى.
السؤال الكبير يتمثل بما قد يحدث للوقود المستهلك، ويتفق الخبراء النوويون على أن الجزء الأصعب من عملية صنع القنابل لا يأتي بتصاميم أو مخططات، ولكن بالحصول على الوقود. وكثيرا ما يكون برنامج الطاقة النووية المدنية حيلة فقط لصنع ذلك الوقود، وبناء ترسانة نووية سرية.
ولدى تركيا رواسب اليورانيوم، وهي المواد الخام الضرورية في صنع الأسلحة النووية، وقد أظهرت أنقرة على مدى العقود اهتماما كبيرا بتعلم المهارات اللازمة لتنقية اليورانيوم وتحويله إلى بلوتونيوم، وهما الوقود الرئيسي للقنابل الذرية.
ويقول هانس رهلي، رئيس التخطيط في وزارة الدفاع الألمانية السابق في تقرير صدر 2015، إن “أجهزة المخابرات الغربية تتوافق الآن إلى حد كبير على أن تركيا تعمل على منظومات الأسلحة النووية”.
وفي دراسة 2017، خلص معهد العلوم والأمن الدولي، وهي مجموعة خاصة في واشنطن تتعقب انتشار القنابل النووية، إلى أن جهود أردوغان لتعزيز السلطة ورفع الوضع الإقليمي لتركيا تزيد “من خطر أن تركيا ستسعى إلى الحصول على قدرات الأسلحة النووية”.
وباع العالم الباكستاني عبد القدير خان، الذي دبر أكبر حلقة انتشار أسلحة نووية غير مشروعة في التاريخ، معدات وتصاميم رئيسية لإيران وليبيا وكوريا الشمالية، فهل تركيا هي العميل الرابع؟
وساعدت الشركات في تركيا الجهد السري من خلال استيراد المواد من أوروبا.
ويقول مسؤول عسكري ألماني سابق، إن مصادر استخباراتية تعتقد أن تركيا يمكن أن تمتلك “عددا كبيرا من أجهزة الطرد المركزي مجهولة المصدر”. وأضاف أن الفكرة القائلة بأن أنقرة يمكن أن تكون العميل الرابع لخان “لا تبدو مستبعدة”.