موقع “ناشيونال إنترست”: من الطبيعي أن تبدأ السعودية بتطوير ترسانة نووية لمواجهة إيران

واشنطن:

تذهب تحليلات عسكرية وسياسية في واشنطن أن من الطبيعي أن تبدأ السعودية البحث في طرق لتطوير ترسانة نووية، وفقا لما يشير إليه تحليل نشره موقع “ناشيونال إنترست“.

ورسم التحليل سيناريو للظروف التي قد تدفع المملكة إلى اختيار الحل النووي لمواجهة التحديات، ومواقف دول العالم من امتلاك الرياض أسلحة نووية.

تجمع واشنطن والرياض شراكة استراتيجية وثيقة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وهي شراكة مبنية على الاعتماد الأميركي والأوروبي على تدفق النفط من منطقة الخليج بأسعار غير مضخمة.

كما أن المؤهلات العسكرية السعودية غير كافية لمواجهة التهديدات المحيطة بها. فولي العهد السعودي محمد بن سلمان نفسه، قال في مقابلة مع برنامج “60 دقيقة” إن مساحة المملكة الشاسعة تشكل تحديا أمام مواجهة كافة التهديدات المحيطة بها من كل صوب.

أما اختيار الرياض لامتلاك أسلحة نووية فقد يشحنه تدهور بالاقتصاد السعودي ناجم عن تذبذب في الإصلاحات الداخلية أو الشعور بالتطويق الإقليمي من قبل إيران.

 

التوسع الإيراني قد يتسبب بحرب واسعة

يزداد التوتر تدريجيا أمام الرياض مع الانتشار الإيراني الواسع في المنطقة، وسط مخاوف من فوز الأسد في سوريا مع انسحاب القوات الأميركية من هناك، حيث عبرت إسرائيل عن قلق تجاه احتمال إنشاء منطقة خاضعة لسيطرة إيران في جنوبي سوريا.

وبالطبع، فإن وجود حزب الله في لبنان يساهم في رفع المخاوف من إطلاق الصواريخ الموجهة قصيرة المدى والتي قد تستهدف المؤسسات العسكرية الإسرائيلية، وهذا قد يساهم في النهاية في وقوع حرب واسعة في المنطقة قد تتسبب في ضرب إسرائيل أهدافا داخل إيران.

والرياض، في المقابل، قد تتدخل لمساعدة إسرائيل من خلال فتح ممر جوي فوق شمالي المملكة لتسهيل مرور المقاتلات الإسرائيلية لضرب تلك الأهداف.

ويشير التحليل إلى أن طهران قد ترد على ذلك بضربات ضد المملكة ودول مجلس التعاون الخليجي، إما من خلال الصواريخ الموجهة بعيدة المدى أو بهجمات إلكترونية.

نزاع على هذا الصعيد سيؤثر بشكل كبير على أسواق النفط والغاز، ما سيدفع بالولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والصين واليابان وكوريا الجنوبية والهند للعمل على إنهاء الصراع بأسرع وقت ممكن.

أما دور واشنطن فسوف يحدد مصير الأحداث في اتجاهين، إما بالتشجيع على التصعيد العسكري، أو بالحل السلمي، ومع توجه الإدارة الأميركية الحالية ضد إيران فإنها على الأرجح ستعمل على دعم النزاع.

ومن المنطقي أن تعمد إلى الحل العسكري في حال شُنّت حرب تتضمن إيران وإسرائيل والسعودية، لتسبب دمارا عميقا في القطاع النفطي والعسكري لطهران، وبالتالي على قدرة إيران التوسعية في المنطقة.

وقد لا يستبعد هذا السيناريو، المتمثل بالمواجهة العسكرية المباشرة بين واشنطن وطهران، بولا سيما بعدما شنت إيران سلسلة من الهجمات ضد عدد من ناقلات النفط في الخليج وقرب السواحل العمانية.

وفي المقابل، دعمت الولايات المتحدة قواتها البرية والبحرية والجوية في المنطقة لدحر أي مبادرة عسكرية لإيران وتوجيه رسالة لطهران مفادها الاستعداد التام للرد.

واقترب هذا السيناريو من الواقع عندما قرر الرئيس الأميركي دونالد ترامب الرد عسكريا على إسقاط طهران طائرة مسيرة أميركية في الخليج قبل أن يتراجع عنه.

وأحدثت سلسلة هجمات استهدفت منشأتين تابعتين لشركة “أرامكو” في منتصف سبتمبر أثرا كبيرا وتوجهت أصابع الاتهام نحو إيران، ولكن عدم الرد العسكري حينها لا يعني أنه قد لا يتوفر في وقت لاحق لسبب أو لآخر.

 

“الإصلاحات” وتأثيرها على الاقتصاد السعودي

في ظل الإصلاحات التي يدعو إليها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، تهدف المملكة إلى خفض اعتمادها على النفط لكونه أحد الدعائم الأساسية لاقتصادها، لكن ووفقا للتحليل، فإن هذه الإصلاحات “لا تبدو واعدة”، وطرح “أرامكو” للاكتتاب العام مثال على ذلك.

فقد أثرت الهجمات على منشأتي الشركة السعودية، في عملية طرحها للاكتتاب العام بصفقة قد تساهم في جني المملكة أكثر من 100 مليار دولار، ويعزى تأخير الاكتتاب بشكل جزئي إلى أن البنى التحتية لأرامكو ليست جاهزة بما يكفي للتصدي لأي هجمات إيرانية في المستقبل.

وفي المدى القريب، قد تكون المملكة وضعت نفسها أمام ديون عالمية من خلال إصدار جولة جديدة من السندات مستعينة بأصول أرامكو.

والتحول الاقتصادي المكلف في المملكة يعني بالضرورة وجود حاجة إلى تحسين إدارة الموارد المخصصة لتطوير القدرات العسكرية والتي قد تستدعي إنقاص الموازنة في قطاعات أخرى.

لكن الرياض تستمر في شراء مئات المقاتلات المتطورة التي قد لا تحلق أبدا نظرا إلى نقص في الطيارين المدربين والمؤهلين لقيادتها.

ويشير التقرير إلى أن الصورة الإيجابية للإصلاحات في المملكة تأثرت بمقتل الصحفي جمال خاشقجي.

ويرى عدد من المحللين أن امتلاك أسلحة نووية قد يساهم في إعادة نظر المشككين، بالشكل ذاته الذي دعا فيه الرئيس الفرنسي السابق شارل ديغول في الخمسينيات والستينيات، إلى ضرورة امتلاك باريس للأسلحة النووية.

والأسباب التي دفعت ديغول حينها للتفكير بامتلاك الأسلحة النووية تمثلت بمحيط من الجيران الخطرين ولأن فرنسا لم تكن قادرة على أن تتحمل كلفة قوات عسكرية متطورة. كما أنها لم تتمكن من وضع ثقتها في مشاركة أي أطراف أخرى إلى جانبها في الرد على أي هجوم قد يشنه أعدائها، وأن امتلاك الأسلحة النووية سيرفع من شأن القوات العسكرية وصورتها أمام العالم.