تنشيط الزراعة العراقية: مخطط شامل للنمو المستدام والازدهار

الباحثة شذى خليل

 

تتمتع الزراعة في العراق بأهمية تاريخية باعتبارها واحدة من أقدم مهود الحضارة، حيث تفتخر بتراث زراعي غني يعود تاريخه إلى آلاف السنين ، تقع سهول بلاد ما بين النهرين الخصبة بين نهري دجلة والفرات، وقد شهدت صعود وسقوط الحضارات القديمة، وكلها متجذرة بعمق في ممارسة الزراعة.

لا يزال العراق في العصر الحديث يعتمد بشكل كبير على الزراعة باعتبارها حجر الزاوية في اقتصاده، وتوفر سبل العيش وفرص العمل ومصدرا للفخر الوطني.

ومع ذلك، يواجه القطاع تحديات متنوعة تتراوح بين قضايا خصوبة التربة وتأثير الأحداث الجيوسياسية، مما يستلزم استراتيجيات مدروسة لتحقيق النمو المستدام.

 

الزراعة، باعتبارها قطاعًا حيويًا لأي دولة، تعتمد على مجموعة من المكونات الأساسية لتحقيق التنمية المستدامة. وفي حالة العراق، فإن الاستدامة الناجحة للزراعة تتوقف على أربعة عوامل حاسمة: الأرض والمناخ، والطاقة البشرية، والمياه، والإدارة/البنية التحتية. وتتناول هذه المقالة كل مكون لتحديد المجالات التي تتطلب الإصلاح وتقترح استراتيجيات لتعزيز الإنتاجية الزراعية.

 

• الأرض والمناخ: خصوبة التربة وتكوينها، تظهر التربة العراقية اختلافات في الخصوبة عبر المناطق. وتصنف التربة في الأجزاء الوسطى والجنوبية، باستثناء المناطق القريبة من الحدود السورية ونهر الفرات، بأنها منخفضة الخصوبة، مما يعيق نمو المحاصيل بكفاءة. وتتطلب معالجة هذه المشكلة إجراء تحليل مفصل للتربة من قبل مراكز الأبحاث لتكييف ممارسات الزراعة مع كل منطقة.

 

• مستوى الرقم الهيدروجيني والعلاج: يمكن تصحيح الرقم الهيدروجيني الأساسي للتربة العراقية من خلال معالجات مثل حمض الكبريتيك المخفف أو تعديل مياه الري. وهذا يؤكد ضرورة قيام المراكز البحثية بدراسة مكونات التربة الإقليمية، بما يتيح زراعة المحاصيل المناسبة ذات الجدوى الاقتصادية.

 

• اختيار المحاصيل والجدوى الاقتصادية: بالتحول عن السياسات السابقة، يجب أن تركز الزراعة على المحاصيل ذات القيمة المضافة الأعلى، مع الأخذ في الاعتبار الجدوى الاقتصادية. إن إعطاء الأولوية للمحاصيل الاستراتيجية مثل القمح والشعير مع استخدام البذور المحسنة وراثيا وأساليب الزراعة الحديثة يعزز الإنتاجية والقدرة التنافسية.

 

• الطاقة البشرية (الفلاح) بناء القدرات، ومع الاعتراف بالدور المحوري للمزارعين، يجب أن تركز الجهود على بناء القدرات. إن إنشاء مراكز محو الأمية والمدارس المتخصصة وبرامج التدريب يعزز معارف ومهارات المزارعين.

 

• التعرض الدولي، إن إرسال المزارعين الشباب إلى الخارج لحضور دورات متخصصة يعرّفهم على الممارسات الزراعية الحديثة، ويكسر الانفصال عن التطورات العالمية ويعزز الابتكار.

 

• دعم المبادرات، إن توفير الدعم المالي للمبادرات المبتكرة والاعتراف بالمزارعين ذوي الأداء العالي من خلال جوازات السفر الرمزية يحفز الممارسات الزراعية الحديثة.

 

• البنية التحتية والاتصال، إن تحسين الاتصالات والنقل بين المناطق الريفية والحضرية يسهل تبادل المعرفة والتكنولوجيا والمنتجات الزراعية.

 

• الثروة المائية: إن الإدارة الفعالة للمياه أمر بالغ الأهمية للزراعة المستدامة. كما أن تنفيذ طرق الري الحديثة، وتحسين استخدام المياه، ومعالجة قضايا الملوحة يضمن الاستخدام المسؤول لهذا المورد الحيوي.

 

• الإدارة والبنية التحتية، التركيز على الثروة الحيوانية، إن تشجيع تربية الماشية المتنوعة، بما في ذلك الأسماك والدجاج والأبقار وغيرها، يعزز العائدات الاقتصادية ويوفر الأسمدة الطبيعية. وهذا يتطلب استثمارات في السلالات المحسنة والمحطات المتخصصة.

 

• زراعة الأشجار لمكافحة التصحر: إن تشجيع المزارعين على زراعة الأشجار يساعد في مكافحة التصحر، ويوفر الأخشاب المفيدة، ويساهم في الثروة الوطنية. وهذا يتطلب خلق الحوافز والوعي حول الفوائد طويلة المدى.

 

ختاما إن معالجة الجوانب المتعددة الأوجه للزراعة في العراق تتطلب اتباع نهج شامل. ومن خلال التركيز على صحة التربة، وتمكين المزارعين، وإدارة المياه، والممارسات المستدامة، يستطيع العراق إطلاق العنان لإمكاناته الزراعية. ويعد التعاون بين الهيئات الحكومية ومراكز البحوث والمزارعين والشركاء الدوليين أمرًا ضروريا لتحقيق قطاع زراعي مرن ومنتج.

 

وحدة الدراسات الاقتصادية /مكتب شمال امريكا
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية

الزراعةالعراق