سمير داود حنوش
خلاصة الأزمة التي تعيشها حكومة محمد شياع السوداني في العراق أنها حاولت أن تجمع بين كفتي ادعاء المقاومة والمهادنة، مع أنها تدرك جيدا أنه تجاوز فاضح لنظريات العمل السياسي وفق المنطق الذي لا يبيح دمج فعل المقاومة وإشهار السلاح مع العمل الدبلوماسي.حكومة السوداني وقعت بين مطرقة الميليشيات التي تقذف صاروخا هنا ومسيّرة هناك على حدود أو ضواحي قواعد أو تجمعات أميركية لا تعدو كونها مفرقعات صوتية كما يراها بعض الذين استيأسوا من أفعال تلك المقاومة، وبين سندان الأميركان الذين أبدوا استعدادهم لإلغاء كل الامتيازات للإطار التنسيقي الذي شكّل حكومة السوداني حتى ولو أدى ذلك إلى تغيير النظام السياسي برمته في العراق.
ووضعت أحداث غزّة وما يجري من متغيرات إقليمية حكومة السوداني في مفترق يحتم سلوك طريق واحد من اثنين لا ثالث لهما، وقد ينتهي ذلك بالسوداني إلى حل حكومته والذهاب إلى انتخابات مبكرة إذا وصلت الأمور إلى طريق مغلق.
رغم أن مفهوم الانتخابات المبكرة قد وضِع في بدايات البرنامج الحكومي للسوداني، إلا أن القوى السياسية المؤتلفة ضمن تحالف إدارة الدولة تنصّلت وتراجعت عنه بسبب انتفاء الحاجة إلى إجراء الانتخابات ووجود توافق داخلي وإقليمي لاستمرار عمل الحكومة، إضافة إلى الاستقرار السياسي النسبي الذي كان يتحدث به الجميع ضمن مظلّة هذه الحكومة.
إرباك المشهد السياسي الذي بدأ يتفاقم مع خروج الوضع عن السيطرة وصعوبة التوافق على حل يرضي جميع الأطراف في داخل المنظومة السياسية أو خارجها، خصوصا مع توافق بعض الأصوات وتناغمها مع دعوة الصدر إلى مقاطعة الانتخابات.
إطالة أمد معركة غزّة واتساع رقعة الصراع قد يزيدان من حرج حكومة السوداني، خصوصا مع تلك المعلومات التي تشير إلى أن واشنطن قد أبلغت العراق بأنها سترد في غضون أسبوعين على أي ضربة من الفصائل المسلحة تستهدف قواعدها أو مصالحها.الاستقرار السياسي في العراق بات مرهونا بأحداث غزّة، ما جعل السوداني يحاول التهدئة بين القوى السياسية الشيعية في العراق وبين إيران التي ينطلق منها صوت “محور الممانعة” كما يصفها البعض.
“العمليات العسكرية ضد القوات الأميركية لن تتوقف حتى مع وقف إطلاق النار في غزّة” ذلك ما كان يتحدث به رئيس المجلس السياسي لحركة النُجباء علي الأسدي في لقاء متلفز تأكيدا على استمرار استهداف المواقع الأميركية إلى حين انتهاء الحرب في غزّة.
إشارات واضحة على أن البعض ممن يحاول التصعيد لا يحتاج إلى موافقات من قيادة القوات المسلحة ولا يرتبط بحكومة السوداني، مما يعني أن الدخول في الحرب ليس في يد الحكومة العراقية.
دخول مقتدى الصدر على خط الأزمة والدعوة لأنصاره إلى عدم المشاركة في الانتخابات المحلية المزمع إجراؤها في الثامن عشر من ديسمبر – كانون الأول المقبل واصفا المقاطعة بأنها ستقلل من شرعيتها الخارجية والداخلية، سيزيد من تأزيم الوضع السياسي المأزوم أصلا.إرباك المشهد السياسي الذي بدأ يتفاقم مع خروج الوضع عن السيطرة وصعوبة التوافق على حل يرضي جميع الأطراف في داخل المنظومة السياسية أو خارجها، خصوصا مع توافق بعض الأصوات وتناغمها مع دعوة الصدر إلى مقاطعة الانتخابات، قد يزيد من حجم الجمهور الرافض للانتخابات.