قنبلة الكيان الصهيوني النووية ومعركة هرمجدون العالمية !

احمد الحاج

 

وهكذا أعلنها جهارا نهارا،عيانا بيانا،ليميط اللثام عن جانب من الحقد التلمودي والقبالي التاريخي الأعمى الذي يعتمل في صدور الصهاينة ،ويعشعش في رؤوسهم من دون استثناء،حين اقترح وزير التراث الصهيوني عميحاي إلياهو،وهو حفيد الحاخام الأكبر لليهود السفارديم موردخاي إلياهو، وأصلهم من يهود العراق ، ضرب قطاع غزة الذي يحتضن أكثر من مليوني فلسطيني بقنبلة نووية وليكن بعدها ما يكون حيث لا أهمية تذكر لمقتل جميع الفلسطينيين مع رهائنهم الاسرائيليين فالحرب لها أثمان على حد وصفه ، مضيفا بأن “قطاع غزة يجب ألا يبقى على وجه الأرض، وعلينا إعادة إقامة المستوطنات فيه”، لتأتي اعتراضات الداخل الصهيوني،وامتعاضهم من تصريحات المأبون عميحاي إلياهو، فتؤكد للجميع وبما لا لبس فيه حجم الغل والحقد الصهيوني المتجذر والمتوارث كابرا عن كابر ولا تنفيه، حيث جاءت الاعتراضات كلها وبما فيها اعتراض النتن جدا ياهو ، لتتباكى على الرهائن فحسب من دون ذكر الفلسطينيين، إذ لم تتطرق الاعتراضات الى إبادة كل سكان غزة بضربة نووية إجرامية حاقدة وبما يخالف جميع الاعراف والقوانين الانسانية ، وكل الشرائع السماوية ، وكان استياؤهم فقط يدور كقطب رحى ، وكحمار الترعة ،حول قنبلة نووية مقترحة ستقتل الرهائن الصهاينة لدى الفصائل الفلسطينية، بمعنى أنه ولو لم يكن هناك ثمة رهائن في قبضة الفصائل في غزة فعلى قول أحدهم “صب عمي صب ” أو وعلى قول الراقص الشهير في مسرحية “الخيط والعصفور” الشهيرة “دك عيني دك !”.
وأضيف من الشعر بيتا وبما لا يخفى على كثيرين بأن قطاع غزة واذا ما تم افراغه من سكانه بعد تهجيرهم الى اللامكان – لا سمح الله – فإن الدور القادم سيكون على الضفة الغربية والقدس والاقصى وبأسرع مما تتخيلون ، وقد بدأت الأصوات بالفعل تتعالى وبحدة داخل الكيان الصهيوني مطالبة بترحيل جميع الفلسطينيين الى أية دولة في العالم تمهيدا للاستيلاء على أراضيهم ، ومصادرة أملاكهم ، وتدنيس مقدساتهم ، ومحو معالمهم وتراثهم ، وجل الصهاينة قد بدأوا يعدون العدة تربويا وثقافيا وفكريا وإعلاميا و سياسيا ودبلوماسيا لمعركة ” هرمجدون” واقامة الهيكل المزعوم على انقاض الاقصى ،و انشاء دولة اسرائيل الكبرى من الفرات الى النيل بعد تهجير ما تبقى من الفلسطينيين من أرض أجدادهم !

 

والان دعونا نفكك المصفوفة لنناقش كل جزئية منها على حدة ، ونبدأ بالضربة النووية التي اقترحها عميحاي إلياهو، لنبين خسائر البشرية في أية حرب نووية مهما كانت ضئيلة لأن القنابل النووية المقبلة وفي أية بقعة من العالم لايمكن قياسها وبأي حال من الأحوال على قنبلة “Little Boy” التي ألقيت على هيروشيما اليابانية في آب/ 1945،وقتلت 140 ألفا ، ولا على قنبلة “Fat Man “التي ألقيت بعد ثلاثة أيام على ناجازاكي وقتلت 39 الفا ، لأن متوسط القنابل النووية الحديثة تعادل 3 أضعاف مثيلاتها القديمة وفقا لصحيفة الاندبندنت البريطانية !

 

الأدهى من ذلك هو أن العالم كله يتجنب ولو على سبيل الفرض، ولو على سبيل النكتة ، ولو هلوسة ، ولو توهما ، ولو كابوسا يتسلل الى بعضنا ليلا ليكون واحدا من أسوأ كوابيسه الجاثمة على صدره ، ولا يود مخلوق في هذا العالم أن يتخيل استخدام قنبلة نووية في أي مكان من العالم بعد كل الذي شاهده وسمعه عن مآسي كارثتي ناجازاكي وهيروشيما اليابانيتين ، ولأن استخدام قنبلة نووية واحدة يعني أن أكثر من 220 ألف شخص سيقتلون فورا ،وأكثر من 450 ألفا سيصابون خلال الثواني والدقائق الاولى باستخدام قنبلة نووية منفردة قوتها 140 ألف طن لاستهداف موقع واحد فقط وفقا لموقع فوكس الاخباري ، سيتبعها تبخر موضعي وتدمير شامل واحتراق أشمل يليه تلوث اشعاعي يقتل الالاف خلال فترة قياسية اضافة الى تشويه أجنة وسرطانات بأنواعها تمتد لعقود طويلة مقبلة، أما عن الغبار النووي فسيصل الى الغلاف الجوي وبما سيبقى تأثيره لسنين طويلة لاحقة ،علاوة على أن الضربة النووية ستخلف “سحابة الفطر”التي تقتل ما بين 50 – 90 % من السكان،أما الهزات الناجمة عنها فستدمر مئات المباني ولمسافة تمتد 17 ميلا مربعا بحسب مؤرخ الشؤون النووية أليكس ويليرستين، زيادة على ذلك فإن أية حرب نووية ستدمر جزءا كبيرا من طبقة الأوزون وفقا للمجلة الجيوفيزيائية الأمريكية ، وسيستمر تأثير تدمير الاوزون 15 عاما بحسب المركز الوطني لأبحاث الغلاف الجوي(NCAR)،والأخطر من ذلك هو أن أية ضربة نووية ولو كانت موضعية في ” زمكان” ما فإنها ستؤدي لا محالة الى اندلاع حرب نووية شاملة لا تبقي ولا تذر، وحرب كهذه ستدخل الكوكب قطعا في “حقبة الخريف النووي” أو ” حقبة الشتاء النووي” وفقا لجامعة روتجرز الأميركية .

 

ويتساءل كثيرون ترى ما هو الحل لمنع وقوع حرب نووية مستقبلية ؟ والجواب يتمثل ببذل الدول الأطراف بمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية جهودا حثيثة لفرض حظر نقل التكنولوجيا النووية، وإخضاع كافة المنشأت النووية لنظام الضمانات الشاملة ، وبالاخص منشأت دولة الاحتلال التي ترفض التوقيع على المعاهدة، مع تطبيق نظام تحقق أكثر صرامة والسماح بالانشطة النووية للاغراض السلمية وفقا لبيان المجموعة العربية في مؤتمر مراجعة معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية ، المعروفة اختصاراً بـ NPT وهي معاهدة دولية دخلت حيز التنفيذ عام 1970 ووقعت عليها 191 دولة تهدف إلى منع انتشار الأسلحة النووية مقابل تعزيز التعاون في الاستخدامات السلمية للتكنولوجيا النووية فضلا على نزع السلاح النووي وفقا لمكتب الأمم المتحدة لشؤون نزع السلاح .
والحق يقال بأن الخشية من احتمالات اندلاع حرب نووية قد ارتفعت وتيرتها في الآونة الأخيرة عقب تهديدات وزير التراث الصهيوني عميحاي إلياهو، فضلا على تهديدات سابقة لقوات الردع الروسية وبضمنها النووية التي وضعت في حالة تأهب تزامنا مع فرض عقوبات على روسيا على خلفية غزوها لأوكرانيا وفقا لفرانس 24 ، زيادة على ما تلاها من تأهب مماثل يتيح نشر قوات ردع الحرب النووية في كوريا الشمالية بحسب وكالة يونهاب للانباء،الامر الذي أرعب البشرية من أقصاها الى أقصاها خشية أن يتهور أحد أعضاء النادي النووي ليكبس على زر الاطلاق في لحظة ضعف ، وربما ضغط من شأنها محو البشرية بما فيهم كابس الزر ذاته ، ويضم النادي النووي العالمي تسع دول هي أمريكا وروسيا وبريطانيا اضافة الى فرنسا والصين والهند وباكستان ودولة الاحتلال وكوريا الشمالية أما بشأن المخزون العالمي للأسلحة النووية فتمتلك امريكا وروسيا 90% من الرؤوس الحربية النووية في العالم ، 6.500 رأس حربي نووي لروسيا ، و 6.185 رأس نووي لأميركا وفقا لاتحاد العلماء الأمريكيين (اف أي اس)، أما الهند فتمتلك ما بين 130 الى 140 رأسا نوويا ،وجارتها الباكستان تمتلك 160 رأسا نوويا، أما الكيان الصهيوني فيرفض الافصاح عن ترسانته النووية ، كذلك الصين والتي يعتقد أنها تمتلك 200 رأس نووي والعدد مرشح للزيادة في غضون الاعوام المقبلة بحسب وزارة الدفاع الأميركية ، أما بريطانيا فتمتلك 180 رأساً نووياً بحسب صحيفة تليغراف البريطانية ، كذلك فرنسا وتمتلك 300 رأس نووي ،أما كوريا الشمالية فتقدر ترسانتها النووية بـ 20 رأسا وفقا للبي بي سي، علما بأن القوائم تشمل الاسلحة النووية المنتشرة ، والمخزنة ، وعلى أهبة الاستعداد ، فيما تهدف معاهدة ستارت” التي وقعها الرئيس الأمريكي الأسبق (باراك أوباما)،والرئيس الروسي السابق (دميتري ميدفيديف ) في نيسان/ 2010 ودخلت حيز التنفيذ في نيسان 2011 ، وكانت على وشك الانهيار في عهد الرئيس الأمريكي السابق (ترامب ) وفقا لروسيا اليوم ، فتهدف الى تخفيض الحدود القصوى للرؤوس الحربية الهجومية الاستراتيجية للبلدين بنسبة 30 % وبما يوازي1550 رأسا نوويا لكل منهما كحد أقصى لحماية العالم من (الجنون النووي)، إلا أن المعاهدة النووية أشبه ما يكون مع الفارق بمشروع “حل الدولتين “لحل ما يسمى بالنزاع العربي – الاسرائيلي،فكلاهما مجرد حبر على ورق ، وأشبه ما يكون بمواعيد عرقوب وما مواعيدها إلا الاباطيل على قول العرب في أمثالهم !

 

أما عن الرابط بين الحرب النووية ومعركة هرمجدون ، فهذا ما أثارته تصريحات الرئيس الأميركي جو بايدن ، في كلمة له ألقاها قبل أشهر خلال حفل لجمع التبرعات في نيويورك، وذلك حينما أشار الى أن الرئيس الروسي بوتين لم يكن يمزح عندما تحدث عن استخدام أسلحة نووية أو أسلحة بيولوجية أو كيميائية ولن يستخدم سلاح نووي تكتيكي بسهولة من دون أن ينتهي الأمر بهرمجدون “، ليرد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ،على تصريحات بايدن حول بدء الرئيس (بوتين) بـ “هرمجدون النووية” بالقول (من الضروري التحدث بحذر بشأن التهديد النووي وأن نتحدث بحكمة عند التعليق على مثل هذه الأمور) وفقا لصحيفة دي ميل البريطانية .

 

ويبقى السؤال المهم هل الرئيس جو بايدن هو أول الرؤساء الامريكان المتحدثين عن “هرمجدون” أم قد سبقه الى ذلك العديد من الرؤساء ؟ الجواب أن رونالد ريغان ،وجورج بوش الابن تحدثا أيضا عن هرمجدون حتى أن صحيفة (الواشنطن بوست) الأمريكية سبق لها وأن عقبت على حديث الأول – ريغان – عن المعركة المفترضة بالقول ( يجب أن نشعر جميعاً بالقلق عندما يتحدث الرئيس الأمريكي عن المعركة الفاصلة في حياة هذا الجيل) فالرئيس الأمريكي الأسبق رونالد ريغان، الذي شغل منصب الرئيس للفترة بين 1981 – 1989 كان قد تحدث عن معركة (هرمجدون ) خمس مرات خلال أربع سنوات من فترة رئاسته فيما رفض البيت الأبيض يومئذ إجراء مقابلات صحفية أو تقديم أسئلة الى ريغان حول تصريحاته تلك، تماما كما تجاهل الرئيس الامريكي الحالي جو بايدن،الاجابة على أسئلة الصحفيين بشأن تصريحاته عن معركة (نهاية العالم)، بينما اصدر البيت الابيض توضيحا عن تصريحات الرئيس الأمريكي و ‏احتمال وقوع معركة “نهاية العالم” (هرمجدون) بأنها تعكس “المخاطر” المحتملة مع روسيا وليست تهديدا وشيكا ، ولم يختلف الحال مع جورج بوش الابن الذي شغل منصب الرئيس الثالث والأربعين للولايات المتحدة بين 2001 إلى 2009 حيث تحدث بدوره عن إن (حرب العراق هي محطّة من معركة هرمجدون) ولكن ما هي معركة هرمجدون التي يكثرون ويكررون الحديث عنها وعلى أعلى المستويات ؟

 

الحقيقة أن الاعتقاد بمعركة مجدو، أو هرمجدون ، أو نهاية العالم كما يطلق عليها تعد فكرة طاغية تسيطر على الساسة الامريكان وبما يعرف بـ ( ايدولوجية مجدو) ما دفع العديد من الخبراء الى التساؤل بشأن كيف يعتقد رئيس ما بأن حرباً نووية ستقع قدرا لامحالة ثم يؤمن بعدها بجدوى التفاوض على نزع السلاح النووي حقاً؟ وهل سيكون مثل هكذا رئيس وإذا ما وقعت أزمة نووية واعياً ومتعقلاً، أم أنه سيكون تواقاً للضغط على زر ما شاعراً بذلك بأنه يحقق ما قد قدر سلفاً لنهاية العالم ؟وفقا لمدير الأبحاث في معهد الدراسات المسيحية اندرولانج، علما أن أكثر 39% من الأمريكيين يؤمنون بأن «هرمجدون» هي حرب نووية بين الولايات المتحدة وروسيا ستهزم فيها الأخيرة وينتصر الامريكان وكل المتحالفين معهم على حد وصفهم ، بحسب دراسة أجراها الكاتب الأمريكي (دان يانكلوفيتش) عام 1984 .

 

ويعود مصطلح “هرمجدون” وباللغة العبرية “مجيدو” الى سفر”رؤيا نهاية الزمن” الذي يتحدث عن حرب طاحنة بين قوى الخير وقوى الشر من وجهة نظرهم قبل أن يؤسس المنتصرون “مملكة الرب”، وهرمجدون اسم يطلق على منطقة تقع في (مرج بني عامر) تقع بين الجليل وجبال نابلس شمال فلسطين ، وسميت قديما بـ” سهل يزراعيل” ويعتقد بأن المعركة الفاصلة ستدور حتما هناك ولها علاقة بشكل أو بآخر بحرب نووية سابقة ، بالمقابل هناك أحاديث نبوية شريفة تتحدث عن علامات الساعة وبينهما معركة فاصلة سينتصر فيها المسلمون نصرا عزيزا مؤزرا وسيهزمون كل أعدائهم فيها ! أودعناكم اغاتي

النوويةغزةقنبلة