الدبلوماسية العربية امام مجزرة اسرائيل .!؟

رائد عمر

 

إنّ مفردة او كلمة ” مجزرة ” الواردة في العنوان تبدو هشّة وضعيفة للغاية تجاه الممارسات البربرية للجيش الإسرائيلي , ولم نجد مفردةً اخرى اثقل وزناً منها , كما انّ المجازر التي حدثت عبر التأريخ لم يستغرق اقترافها طوال مثل هذه الأسابيع من المعارك وهي مستمرة الى إشعارٍ آخرٍ غير معلوم . ولعلّ عملية سحق وطحن بالقنابل ممنهج ومبرمج حتى بعشوائية القتل الجماعي , تكون انسب منها .

 

الدبلوماسيّة العربية < على الرغم من عدم الصواب في اطلاق صفة التعميم عليها > فالغالبية العظمى من الأقطار العربية لا دَور ولا أثر لها في ذلك .. هذه الدبلوماسية المفترضة تكاد تقتصر على مصر جرّاء التّماس الجغرافي او الأرضي مع القطّاع , وعموم الدَور المصري في التوسّط بين الإسرائيليين وحركة حماس او الجهاد الأسلامي كما حدث لأكثر من مرّة بجانب ما تتبرّع به وتقدّمه من المساعدات الطبية والغذائية عبر الشاحنات المصرية , يأتي بعد ذلك دَور دولة قطر او ” شبه جزيرة قطر ” وهي الدولة الأصغر مساحةً في الوطن العربي والأقل في الكثافة السكّانية المحدودة ” حيث تقوم الحكومة القطرية بأدوارٍ مشتركة مع الأمريكان والإسرائيليين حول ايجاد السبل لحل او حلحلة مسألة الرهائن لدى حماس والتنظيمات الأخرى ذات العلاقة , مع ممارسة نفوذها المحدود في إدخال المساعدات للقطّاع , وَ وِفقاً للأخبار المنشورة , < فقد زار رئيس الموساد العاصمة القطرية يوم امس لبحث مسألة الأسرى الصهاينة والرهائن الآخرين , من خلال العلاقة الخاصة بين قطر وحماس>.

 

المملكة الأردنية كان وما فتئَ لها تأثيرات في عقد المؤتمرات الأقليمية والدولية حول الممارسات الأسرائيلية , وتتحسّب المملكة كثيراً لأبعاد تطوّر الأزمة , الى درجة ان طلبت بتزويدها بنظام او منظومة صواريخ باتريوت الدفاعية – ضدّ الصواريخ .

 

هذه الدبلوماسية المحدودة او المحددة لم تستطع ممارسة ايّ تأثيرٍ غلى اسرائيل او عبر الأمريكان لكبح جماح اسرائيل في عملية تقتيل الفلسطينيين في مدن القطّاع , واقتصرت ادوارها المختزلة على اقناع تل ابيب بإدخال المساعدات , التي تمّت الموافقة عليها مؤخرا , انّما بطريقة التقنين المقيّد وفق الشروط الإسرائيلية , والى ذلك قد أكّدت منظمات دولية أنّ شاحنات المساعدات التي تدخل الى رفح , لا تصل كاملةً ! وانّ الأسرائيليين يسرقون كمياتٍ ما منها .! إيغالاً وتمادياً في تعذيب الفلسطينيين وحرمانهم حتى من الزاوية السيكولوجية المضافة .! .. بقدر تعلّق الأمر بهذه المساعدات العربية ” وربما القومية ” فإنّ العنصر الستراتيجي فيها هو الرفض الإسرائيلي المتعنّت في عدم ادخال ايّ قطرةٍ من الوقود الى القطّاع , وبذريعةٍ سخيفة بأنّ الوقود المفترض سيصل الى ايدي حماس ! وستستفيد منه تسليحياً او صاروخيّاً .! , وهي مزاعم واهية وغير قابلة لا للهضم ولا حتى للمضغ .! , فالمتطلّبات المُلحّة للوقود هي في استخدامه في المستشفيات وتشغيل المولدات لإجراء العمليات الجراحية , كما من السهولة والمرونة توزيعه على الجموع المليونية من العوائل الفلسطينية بكمياتٍ محددة وبأشرافٍ من مراقبين من منظماتٍ دولية وحتى من مراقبين من بعض الدول العربية , لكنّ حكومة تل ابيب لا يمكن ان تسمح بأيٍ من ذلك .! , وهذا فشلٌ مدقعٌ وذريعٌ آخرٌ لما يمكن تسميته بدبلوماسيةٍ عربيةٍ كأنّ ليس لها حضور او ظهور .!

 

الدبلوماسية ” أيّاً كانت ” وبمفهومها الموضوعي والعملي لا يمكن ان تدنو من درجة النجاح اذا لم تكن مصحوبةً بعناصر القوّة لإثبات وجودها وثُقلها وتأثيرها , بهذا الصدد ومن زاويةٍ ما .! , ( كتبنا في احدى مقالاتنا للأيام القليلة السابقة عن مدى اهمية هبوط اسراب من الطائرات والمقاتلات لعددٍ من الدول العربية في المطارات والقواعد الجوية في الأقطار المجاورة لإسرائيل , والتلويح بالتدخّل العسكري العربي المباشر .! لإرغام اسرائيل بوقف هذا القصف ضد شعب المدن الفلسطينية في القطّاع ) لكنّ ذلك هو من المستحيلات الممكنة , والممكنات المستحيلة .! وقد يجري اختزال هذا الأمر بأنّ طائراتِ شحنٍ عسكريةٍ لأحدى الدول الخليجية تهبط في احدى القواعد الجوية الإسرائيلية بنحوٍ يوميٍ , ولكن ليس يومياً .!

اسرائيلالدبلوماسيةغزةمجزرة